العاهل المغربي يدعو إلى إرساء شراكة تربط العالم العربي وأفريقيا بدول أميركا الجنوبية

بمناسبة الاحتفال بمرور 50 سنة على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والبيرو

إيدا غايفاس فارانشيني وزيرة الخارجية البيروفية مع صلاح الدين مزوار وزير الخارجية المغربية، خلال افتتاح الاحتفال بالذكرى الخمسين للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، في ليما أول من أمس
TT

قرر المغرب والبيرو إحداث لجنة عليا مشتركة للنهوض بعلاقاتهما على جميع الصعد، إذ اتفق وزيرا خارجية البلدين، على هامش الاحتفال بمناسبة مرور 50 سنة على العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والبيرو أول من أمس في ليما، على عقد أول اجتماعات اللجنة العليا المشتركة للبلدين في مطلع العام المقبل، تحت رئاسة رئيسي حكومتيهما، بهدف بحث سبل ترقية وتطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية للبلدين.

وأشار صلاح الدين مزوار، وزير خارجية المغرب، إلى أن العلاقات الاقتصادية، خاصة المبادلات التجارية والاستثمارية، بين المغرب والبيرو، لا تزال دون طموح البلدين رغم التطور الملحوظ الذي عرفته مند زيارة العاهل المغربي للبيرو في 2004.

وقال مزوار إن «العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، التي يعكسها التفاهم في عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك والمستوى المتميز للعلاقات السياسية، وروابط الصداقة والحوار المستمر والبناء بين المؤسستين التشريعيتين والمجتمع المدني بكلا البلدين، ينبغي أن يواكبها تحسن على مستوى التعاون الاقتصادي، من خلال الرفع من حجم المبادلات التجارية والتعاون بين القطاع الخاص بالبلدين، بغية بناء شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد، تتجاوز الإطار الثنائي نحو حضور قوي للبلدين بأفريقيا، وذلك بالاعتماد على تجربة المغرب والعلاقات التاريخية التي تجمعه بالشعوب الأفريقية، وأيضا بتفعيل رؤية الملك محمد السادس المتعلقة بالتعاون جنوب - جنوب».

وأشاد مزوار بالموقف الثابت لدولة البيرو إزاء ملف الوحدة الترابية للمغرب، الذي يدعم جهود الأمم المتحدة ومجلس الأمن من أجل إيجاد حل سياسي متوافق بشأنه بخصوص نزاع الصحراء.

من جهتها، أكدت إيدا غايفاس فارانشيني، وزيرة الخارجية البيروفية، أن موقف البيرو، الذي يتسم بالوضوح استنادا إلى قناعاتها، يدعو إلى التفاوض البناء من أجل التوصل إلى حل سياسي توافقي لهذا الخلاف.

وفي رسالة موجهة للاحتفال الذي نظم تحت رعايته في ليما، أشاد الملك محمد السادس: «بالتطور الحثيث الذي شهدته علاقات الصداقة والتعاون والتضامن القائمة بين البلدين في مختلف المجالات، على مدى نصف قرن من الزمان».

وأضاف قائلا: «قطعنا مسارا طويلا في بناء أسس علاقات مطبوعة بالتنوع وبروح التعاون المثمر، وتطابق الرؤى بخصوص مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك. وهذه العلاقات تتميز أيضا بالتشاور والتواصل المستمرين على مختلف المستويات، كما تشهد على ذلك الكثير من الزيارات المتبادلة بين بلدينا».

وأشار العاهل المغربي إلى التطور الذي عرفته علاقات البلدين منذ زيارته البيرو في 2004. وقال: «خلال العشر سنوات الأخيرة، تميز الحوار السياسي على المستوى الثنائي بالاستمرارية والدينامية، طبقا للمعايير والثوابت التي يلتزم بها البلدان، والمبنية على احترام المبادئ الديمقراطية، والدفاع عن حقوق الإنسان، والنهوض بالتنمية البشرية والعدالة الاجتماعية».

وأضاف أن البلدين ملتزمان أيضا على المستوى العالمي «بدعم الأمن والسلم العالميين، واحترام الشرعية الدولية، والخصوصيات والثوابت الوطنية للدول، ووحدتها الترابية». وأشاد العاهل المغربي بجهود الرئيس البيروفي أويانتا أومالا تاسو في سبيل النهوض بهذه العلاقات وتطويرها، و«بالتزامه بتشجيع كل المبادرات الرامية إلى التقريب بين بلدينا الصديقين، مؤكدين، من جهتنا، حرصنا القوي على توطيد هذه العلاقات، والارتقاء بها إلى مستوى شراكة متعددة الأبعاد، توطد التعاون جنوب - جنوب».

وأوصى العاهل المغربي بجعل الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين مناسبة «لإعطاء العلاقات بين البلدين في المجالين التجاري والاقتصادي، دفعة جديدة على درب الارتقاء بها إلى مستوى علاقاتهما السياسية المتميزة»، مشيرا إلى أن «المؤهلات التي يحظى بها اقتصادا بلدينا، وانفتاحهما على الأسواق الخارجية تفتح أمامهما آفاقا جديدة لشراكة فعالة». وأضاف قائلا: «في هذا الصدد، ندعو إلى انخراط أوسع للقطاع الخاص بالبلدين، واعتماد شراكات بين القطاعين العام والخاص، بما يتيح الاستثمار الأمثل للمؤهلات التي يتوفران عليها. كما يتعين العمل على تطوير وتحديث الإطار القانوني الكفيل بتعزيز هذه الشراكة، وملاءمتها مع التحولات الاقتصادية العالمية، ومع انبثاق تكتلات اقتصادية جهوية جديدة، كما هو الشأن بالنسبة لتحالف المحيط الهادي، الذي سيفتح قريبا تمثيلية له بالدار البيضاء. وفي السياق نفسه، نؤكد ضرورة إرساء شراكة طموحة تربط بين العالم العربي وأفريقيا بدول أميركا الجنوبية، في نطاق تعزيز الحوار والتعاون جنوب – جنوب».

بدوره، أشاد الرئيس أويانتا أومالا تاسو بمستوى التعاون بين الرباط وليما على الصعيدين الثنائي متعدد الأطراف، في رسالة تلاها ألفريدو كاسترو بيريز أنتاكو، المدير العام لبروتوكول دولة البيرو، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والبيرو، المنظم تحت رعاية العاهل المغربي، والذي احتضنه، أول من أمس، المركز الثقافي إنكا غراسيلا، بقصر توري تاغل (مقر وزارة العلاقات الخارجية)».

ونوه الرئيس أومالا تاسو، في رسالته بالتعاون بين البلدين في مختلف المجالات، في إطار تحالف المحيط الهادي، الذي يحظى فيه المغرب بصفة عضو مراقب، وفي قمم أميركا الجنوبية والدول العربية (أسبا)، معربا عن ارتياحه للعلاقات الممتازة بين البيرو والمغرب، التي ما فتئت تتعزز على مر السنين، منذ إقامتها في 18 يونيو (حزيران) 1964 على أساس الثقة والصداقة والتفاهم المتبادل.

ورحب الرئيس البيروفي بقرار بلاده فتح مكتب تجاري في الدار البيضاء (عاصمة المال والأعمال في المغرب)، سيساهم في تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين، وولوج المنتجات البيروفية إلى المغرب العربي وأفريقيا والعالم الإسلامي.

وبدأ الاحتفال بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ الأربعاء الماضي، من خلال إقامة أنشطة ثقافية وفنية في البلدين، وعرف، أول من أمس، توقيع عدة اتفاقيات تعاون جديدة، في إطار الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية المغربي إلى ليما على رأس وفد سياسي واقتصادي مهم. وتعلقت هذه الاتفاقيات بالعمالة والهجرة والتكوين في المجال الدبلوماسي والتعاون بين القطاع الخاص والإعلام.