غاري أولدمان يثير عاصفة دفاعا عن مل غيبسون.. لكنه يتراجع ويعتذر

معركة ضد الليبراليين؟

غاري أولدمان - مل غيبسون
TT

الدنيا معارك، والفن السابع محط واحدة منها هذه الأيام. مهرجان كارلوفي فاري التشيكي الذي ينطلق من الرابع حتى الثاني عشر من يوليو (تموز) هو أحد أطرافها. آخرون في المعركة: غاري أولدمان، كذلك «رابطة ضد التشهير» (Anti - defamation League) وبضعة أطراف أخرى متصلة بموضوع تطرحه مجلة «بلايبوي» في عددها المقبل من حيث لم تتوقع.

المجلة الأميركية الأولى في عالم المطبوعات الراشدة ستنشر مقابلة مطولة أجرتها مع الممثل البريطاني غاري أولدمان، لكن بعض مضمون هذه المقابلة انتشر على المواقع المختلفة على شكل عاصفة أثارت أكثر من المعنيين مباشرة إذ امتدت للرأي العام الذي سارع بإبداء تعليقاته. وكما هو الحال دائما هناك جموع مع وجموع ضد والمعركة لا تزال في مطلعها.

كل ما في الأمر (وهذا ليس من باب التهوين) أن الممثل الذي سنراه قريبا في دور رئيس في فيلم «فجر كوكب القرود» رد على سؤال وجهته المجلة، التي اعتادت نشر مقابلات مطولة مع شخصيات فنية وإعلامية وسياسية مختارة بعناية، حول رأيه حول ما كان أدلى به الممثل مل غيبسون، قبل أكثر من عامين، من تصريح هاجم فيه اليهود، واصفا إياهم بأنهم «السبب وراء كل الحروب في العالم»، وحول ما تفوه به الممثل أليك بولدوين قبل نحو سنة عندما استخدم عبارة تشهير معادية للمثليين بعدما احتدم الوضع عندما تعرض لملاحقة أحد المصورين الملحة طوال النهار، وهو أيضا الوضع الذي وجد الممثل جوناه هيل نفسه فيه قبل أسابيع قليلة عندما استخدم الكلمة ذاتها شاتما المصور الذي لاحقه طوال النهار.

في الحالتين، قامت قيامة الليبراليين في هوليوود واصفة كل واحد من هؤلاء بأنه معاد عنصري. فجرى وصم مل غيبسون بأنه «معاد للسامية» وارتفع الهجوم على بولدوين و - أخيرا - على هيل على أساس أنهما معاديان للمثليين.

ما قاله غولدمان أجج المعركة على نطاق أوسع، إذ قال في المقابلة: «مل شرب وسكر وقال أشياء قليلة. كلنا قلنا أشياء قليلة. كلنا منافقون. ألم يستخدم رجل البوليس الذي قبض على غيبسون شتيمة ضد السود أو ضد اليهود؟».

ويضيف غولدمان في المقابلة: «مل غيبسون في المدينة التي يسيطر عليها اليهود وقال الأشياء الخطأ لأنه عض اليد التي أطعمته كما اعتقد. وهو لم يعد يحتاج إلى تلك اليد لأن لديه ما يكفيه من المال. إنه منبوذ مثل مصاب بداء الجذام».

هذا لم يحل بردا ولا سلاما لدى «اتحاد ضد التشهير» الذي أصدر بيانا صحافيا شجب فيه ما قاله أولدمان ووصفه بأنه «معاد للسامية» وهاجم ما قاله الممثل البريطاني حول مل غيبسون كاشفا عن أن الحادثة التي وقعت مع النجم السابق ليست عابرة ولا يمكن التساهل بشأنها. وقال التصريح: «على غاري أولدمان أن يدرك أنه لا يستطيع تكرار المجازات حول أن اليهود يسيطرون على هوليوود». وفي الأمس تراجع أولدمان عن تصريحاته واعتذر عما صدر عنه وقال في برسالة بعث بها إلى الرابطة اليهودية «ضد التشهير» إنه عندما قرأ ما كتب عن الموضوع لاحقا «لاحظت كيف يمكن أن تعكس الكلمات الصورة النمطية السلبية» التي يوصف بها اليهود.

ردود الفعل الشعبية كانت حاشدة ومنقسمة: البعض وافق على ما ورد في تصريح غاري أولدمان، مشيرا إلى أن «سطوة اليهود على هوليوود» أمر واقع وليس مسألة رأي، في حين نفى البعض الآخر حقيقة ذلك وهاجم الممثل لا لموقفه من مل غيبسون ولا بسبب ما ذكره حول هذه السطوة فقط، بل لأنه «يأتي إلى هوليوود ويعمل هنا ثم يشتمها» وطالبه البعض «إذا لم يعجبك الحال عد إلى بريطانيا».

لكن الممثل البالغ من العمر 56 سنة والذي ظهر حتى الآن في نحو 76 فيلم قرابة الثلاثين منها أميركي الإنتاج بالكامل من بينها سلسلة «باتمان» و«روبوكوب»، وللأمانة، كان يوجه كلامه من منطلق عدم موافقته على ما يسمى «التصحيح السياسي» (Politica Correctness) فهو لاحظ أن السخرية من المثليين أو من أي مجموعة أخرى متاحة بحرية لبعض المقدمين الكوميديين في برامجهم التلفزيونية (ذكر اسم جون ستيوارت وبل مار) وممنوعة على سواهم: «لا أستطيع شتم (السياسية) نانسي بيلوسي أو هيلاري كلينتون، لكنهما يستطيعان ولا أحد سيوقفهما بسبب ذلك».

وأضاف: «لقد تحدث بل مار إلى (الممثل الكوميدي) سث ماكفارلاين وقال له: اعتقدت أنك ستقدم الأوسكار لهذا العام، لكنهم اختاروا تلك السحاقية. يستطيع أن يقول شيئا كهذا، هل هذا أقل إهانة من وصف أليك بولدوين لأحد بأنه مثلي؟».

بينما الأصداء ما زالت مشحونة والبعض ينتظر من غاري أولدمان أن يذوب سخونة تصريحه ببعض التبريرات أو ربما بالاعتذار المناسب، يجد الممثل مل غيبسون نفسه في وضع مستجد. فهو فجأة، بات محط تجاذب جديد يعيده، وما قاله تحت تأثير الشرب عاد إلى الأذهان. وفي هذا الظرف تحديدا يجد مهرجان كارلوفي فاري طرفا من حيث لم يهدف لأن يكون، فهو خصص تكريمه هذا العام للممثل المكروه في هوليوود غيبسون وأعلن عن ذلك قبل بضعة أيام مباشرة قبل اندلاع العاصفة الجديدة.

لكن الأكثر ترقبا لمجريات الأمور هو شركة «تونتييث سنتشري فوكس» التي مولت «فجر كوكب القرود» (The Dawn of the Planet of the Apes) بمبلغ يتجاوز مائة وخمسين مليون دولار ولا تنوي أن تشاهد تصريحات أولدمان، التي وردت في غير توقيتها الصحيح، تؤثر على إيرادات الفيلم على الرغم من أن ذلك مستبعد تماما حتى الآن. الفيلم من بطولة أولدمان والممثل العراقي الأصل أندي سركيس مع الأميركيين جاسون كلارك وكيري راسل.

وهناك وضع مماثل بالنسبة لفيلمين جديدين يعود بهما مل غيبسون إلى الشاشة. صحيح أنه اختار العمل بصمت بعد الحادثة الشهيرة، إلا أنه كان منشغلا طوال هذه الفترة. من ناحية قام بالظهور في فيلم أكشن لروبرت رودريغيز وبطولة المكسيكي الأصل داني ترييو هو «ماشيتي يقتل» وأنتج وقاد بطولة فيلم جيد وخال تماما من السياسة هو «اقبض على الغرينغو»، وحاليا لديه فيلمان آخران انتهى من تصويرهما، الأول من إنتاجه بعنوان «قبور أليزا» عن قصة قصيرة من حكايات إدغار الآن بو، ومن بطولة كايت بكنسال وبرندان غليسون ومايكل كين وبن كينغسلي وجيم ستورجيز، والثاني «المستهلكون 3»، ذلك الأكشن الذي يديره سلفستر ستالون ويجمع فيه عادة بعض أقطاب أفلام الأكشن الأميركية، مثل أرنولد شوارتزنيغر وجت لي ودولف لوندرغرن. لهذا الجزء الثالث أضاف أربعة أسماء لم تشترك سابقا مل غيبسون أحدها. الثلاثة الأخرى هي وسلي سنايبس وهاريسون فورد وأنطونيو بانديراس.

لكن حتى من دون قيام غاري أولدمان بالدفاع عنه وفتح صفحة قد يحاول غيبسون أن يطويها، فإن مل غيبسون واجه حتى الآن أكثر من عاصفة، كانت بدأت بالعودة إلى المأثور المسيحي من أن اليهود هم الذين قتلوا المسيح ابن مريم وذلك عندما أخرج «عشاء المسيح» سنة 2004 وقبل عامين عندما أوعز لكاتب السيناريو جو استرهاز (اشتهر بكتابته «حاسة أساسية» الذي قامت ببطولته شارون ستون) كتابة سيناريو بعنوان «ماكابيز» قيل إنه يحتوي على مضامين معادية لليهود وذلك بعد أن نشر كاتب السيناريو رسالة موجهة إلى غيبسون اتهمه بأنه معاد للسامية وأنه طلب منه «كتابة سيناريو يجعل اليهود يعتنقون المسيحية على أثره».

استرهاز كتب السيناريو بالفعل، ثم نقد نفسه على ذلك قائلا: «سوء حظي أني كتبت هذا السيناريو لواحد يعادي اليهود». حيال ذلك، قررت شركة وورنر، التي كانت ستنتج الفيلم سنة 2012، شطب المشروع برمته.