جمعيات نسائية مغربية تتظاهر أمام البرلمان لمطالبة رئيس الحكومة بالاعتذار

عدت تصريحاته معادية للمساواة.. ومهينة لكرامة المرأة

جانب من المظاهرة التي نظمتها جمعيات نسائية أمام مقر البرلمان مساء أول من أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

طالبت ممثلات عدد من الجمعيات النسائية المغربية، مساء أول من أمس، عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، بالاعتذار عن تصريحات أدلى بها في البرلمان عدتها «معادية للمساواة ولحقوق النساء»، وذلك خلال وقفة احتجاجية نظمت أمام مقر البرلمان في الرباط، بدعوة من «التحالف المدني من أجل تفعيل الفصل 19 من الدستور».

وكان ابن كيران قد قال أخيرا خلال جلسة المساءلة الشهرية أمام مجلس المستشارين إنه «عندما خرجت المرأة إلى العمل انطفأت البيوت»، وخاطب البرلمانيين بالقول «أنتم لا تعرفون هذه المرحلة لأنكم عشتم في بيوت فيها ثريات، هن أمهاتكن اللواتي كنتم تجدون دفئهن يملأ البيت». لكن البعض عد هذه العبارات تأييدا ودعوة من رئيس الحكومة لعودة المرأة إلى البيت، الأمر الذي تسبب في زوبعة من الانتقادات ضده.

وخلافا لما أعلن عنه منظمو هذه الوقفة، لم تحضر أعداد غفيرة من المحتجات إلى مكان الاحتجاج، وحمل بعضهن أواني المطبخ. وحضرت وسائل إعلام بكثافة لتغطية التظاهرة، التي أشاع البعض أن السلطات تدخلت لمنعها. واهتم الإعلاميون بشكل أكبر بوجه نسائي بارز، يعد أحد خصوم ابن كيران اللدودين، هي سميرة سيطايل، مدير قسم الأخبار بالقناة التلفزيونية الثانية «دوزيم»، التي قالت إنها جاءت إلى الوقفة بصفتها مواطنة «تخشى على مستقبل النساء في البلاد بسبب تصريحات يعبر عنها رجال السياسة، وتكشف عن تراجع لا نريده، لأن الدستور منحنا حقوقا، ولأن المغرب يتقدم ولا ينبغي أن تمس النساء في كرامتهن ولو بالضحك».

في السياق ذاته، قالت نزهة الصقلي، الوزير السابقة والنائبة عن حزب التقدم والاشتراكية المشارك في الحكومة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «البرلمانيات حضرن الوقفة من أجل دعم الجمعيات النسائية، واستنكار الكلام الذي جاء على لسان رئيس الحكومة في إطار مؤسساتي، أي مساءلة الحكومة من قبل البرلمان، وهو كلام لا علاقة له بشكل نهائي مع التزامات المغرب».

وأضافت أن ابن كيران، بصفته رجل دولة ورئيس حكومة، عوض أن يشرع في تطبيق المادة 19 من الدستور التي تنص على المساواة بين الجنسين، لا سيما في المجال الاقتصادي، جاء ليعبر عن أفكار تنتمي إلى قرن آخر، تمس بكرامة المرأة وكأنها عبارة عن كائن يتوجب عليه البقاء في المنزل تابعا للرجل، وهو دليل، برأيها، على أن ابن كيران يجهل الواقع الحالي للنساء اللواتي أصبحن اليوم يعلمن الأبناء والرجال أيضا. وقالت «أحيي هذه التظاهرة، وستكون هناك مظاهرات مماثلة، ونحن نطالب بسحب هذا الكلام الذي لا يليق أبدا».

من جانبها، قالت نزهة العلوي، عضو اتحاد العمل النسائي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «العبرة ليست بالعدد المشارك في التظاهرة، بل بنوعية المشاركين، إذ بالإضافة إلى ممثلات الجمعيات النسائية كانت هناك وجوه حقوقية وسياسية وإعلامية». وعدت ذلك دليلا على أن «الموضوع مس كل النساء وكل المغاربة».

وأوضحت العلوي أن تصريحات ابن كيران غير مسؤولة، لأنه لم يدل بها داخل حزبه، بل داخل البرلمان بوصفه رئيس الحكومة، وهو ما يعد، برأيها، خرقا للميثاق الذي تعاهد عليه المغاربة، وهو الدستور الذي ينص على المساواة والحقوق. وقالت «عندما يقول ابن كيران إن النساء هن ثريات، وإن عليهن العودة إلى البيت، فهو بذلك يدعو إلى التقسيم التقليدي للأدوار في المجتمع، بينما نحن تجاوزنا هذا الأمر منذ سنوات، لأن النساء ناضلن من أجل حقهن في التعليم والعمل، وتمكن من تحقيق ذلك حتى قبل الدستور الجديد، وكان من المنتظر أن يفعل ابن كيران التزاماته، فإذا به يحاول النكوص بها إلى الوراء، وأعتقد أن هدفه من وراء ذلك محاولة حل أزمة التشغيل على حساب النساء، أي أن عمل النساء هو الذي تسبب في هذه الأزمة».

وزادت قائلة «على رئيس الحكومة أن يعتذر للنساء المغربيات وللمجتمع المغربي ككل، فإذا كانت تصريحاته تعكس رأيا شخصيا فهذا شأنه، وإن كان مقتنعا بما قاله فليطبقه داخل حزبه وعلى أهل بيته، لكن لا نريد أن تحسب تصريحاته على أنها موقف لبلدنا الذي اتخذ خطوات نحو الديمقراطية والمساواة».