المالكي يرفض حقبة «ما بعد نينوى».. ويعد حكومة الإنقاذ الوطني «انقلابا على الدستور»

شركاؤه في التحالف الشيعي يريدون من ائتلافه التخلي عن ترشيحه لولاية ثالثة اليوم

TT

بعد يوم من زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى بغداد وأربيل وإعلانه حصوله على ضمانات من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتشكيل حكومة شراكة قوية، شن الأخير أمس هجوما هو الأعنف من نوعه منذ سقوط الموصل، ثاني كبرى مدن العراق، بيد مسلحي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) على خصومه السياسيين الذين سماهم بـ«المتمردين على الدستور»، في إشارة إلى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس البرلمان أسامة النجيفي.

واتهم المالكي في كلمته الأسبوعية من سماهم المتمردين على الدستور بـ«التحالف مع عناصر تنظيم داعش وحزب البعث المنحل» وتمهيد الطريق لهم «لاستباحة محافظة نينوى». وكشف المالكي عن أن «هناك غرفة عمليات مشتركة في إحدى المدن العراقية التي تتولى الإشراف على تنظيم وحركة الإرهابيين في المناطق المختلفة وبما يجعلهم خطرا على العراق من الإرهابيين أنفسهم»، مشيرا إلى أن «ما يردده المتمردون على الدستور برفض الحديث عن العراق ما قبل نينوى وأنه يختلف عن عراق ما بعد نينوى».

وفي مؤشر قوي على تمسكه بسعيه إلى رئاسة الحكومة لولاية ثالثة، رفض المالكي الدعوات الخاصة إلى تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني بوصفها «محاولة من المتمردين على الدستور للقضاء على التجربة الديمقراطية الفتية ومصادرة آراء الناخبين والالتفاف على الاستحقاقات الدستورية».

القوة التي بدا عليها المالكي في كلمته عزاها سياسي مطلع طلب عدم الكشف عن اسمه، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إما إلى أن «المالكي قد أخذ ضوءا أخضر من الأميركيين للتصرف مثلما يحلو له مع تقديم كل أشكال الدعم له، وبالتالي ضمان بقائه في السلطة لولاية ثالثة، وهو أمر غير مرجح، أو أنه رفض رسالة الرئيس الأميركي باراك أوباما التي يكون كيري قد حملها له، وهو أمر غير مرجح أيضا بسبب أن الأميركيين بعثوا خبراء عسكريين، وبدأ هؤلاء يعملون داخل الأراضي العراقية». غير أن المرجح من وجهة نظر السياسي العراقي هو أن «المالكي وجد أنه ليست هناك ضغوط أميركية عليه تتعدى ما هو مقبول من سقوف، وأن كل ما طلب منه هو ضمانات بمشاركة أوسع، وهو ما سيعلن عنه في خطوات لاحقة، أو أنه أدرك أن الدعم الأميركي للعراق لن يكون بالمستوى الذي يمكن لواشنطن فرض شروطها على بغداد عبر شخص المالكي»، مبينا أن «الأميركان سينفذون ما عليهم بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي أولا، ومن ثم ينظرون إلى ما يجري على أرض الواقع؛ لأن الأميركيين في النهاية لا يريدون تقوية طرف على حساب طرف بعد أن سمعوا من السنة والأكراد أن هناك أطرافا مظلومة وتشعر بالتهميش والإقصاء، وأن حكاية (داعش) قد تكون مبالغا فيها».

من جهته، أكد التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر أن «المالكي بعيد، على ما يبدو، كل البعد عما يجري في البلاد حاليا، وهو ما يعني أنه غير مستعد للتعامل مع خيارات بديلة بهدف إنقاذ الأوضاع المتردية في البلاد». وقال القيادي في التيار الصدري أمير الكناني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «حديث المالكي عن المتآمرين والعملاء يذكرنا بأحاديث وخطابات صدام حسين أيام، كان يكيل الاتهامات للجميع بصرف النظر عما تتعرض له البلاد من مخاطر وأزمات، حتى لو أدى ذلك إلى أن تكلفه حياته، مثلما عمل صدام حسين الذي ذهب إلى حبل المشنقة ولم يتخل عن السلطة رغم كل ما حل بالعراق من دمار في عهده». وأضاف الكناني أن «الائتلاف الوطني (المجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر) ضاق ذرعا بتمسك ائتلاف دولة القانون بالسيد المالكي مرشحا وحيدا من قبلهم لرئاسة الوزراء؛ ولأننا حريصون على وحدة التحالف الوطني كونه الكتلة البرلمانية والسياسية الكبرى في البرلمان وفي العملية السياسية فقد بقينا ننتظر كل هذه الفترة من أجل أن يحسموا أمرهم». وأكد الكناني أن «لدينا في غضون اليومين المقبلين اجتماعات حاسمة لكي نقرر أمرا لم يعد يحتمل التأجيل، وذلك لجهة أن يحسم الأخوة في ائتلاف دولة القانون أمرهم حتى الخميس (اليوم) ويقدموا بديلا للمالكي أو نخرج نحن بمرشح يتوافق عليه الجميع، طبقا لدعوة المرجعية الدينية ونطرحه للشركاء في الوطن بعيدا عن ائتلاف دولة القانون الذي سيتحمل من هذه الناحية مسؤولية نهاية التحالف الوطني». وأشار الكناني إلى أنه «سواء ما قبل أحداث الموصل أو بعدها فإن الولاية الثالثة لم تعد مقبولة من باقي الشركاء في الوطن، غير أنه من الواضح أن الأخوة في دولة القانون إما لا يعلمون ما حل بالبلاد خلال الأسبوعين الماضيين، أو لا يهمهم ما يحصل بصرف النظر عن نتائجه الكارثية».

من جهته، أعلن التحالف الكردستاني رفضه حضور جلسة البرلمان المقبل في الأول من شهر يوليو (تموز) في حال بقي ائتلاف دولة القانون متمسكا بترشيح المالكي. وقال القيادي في التحالف الكردستاني شوان محمد طه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الجلوس مع ائتلاف دولة القانون بات بالنسبة لنا أمرا صعبا». وأضاف أن «التحالف الكردستاني لن يشارك في أي حكومة يكون فيها المالكي طرفا، وهذا موقف ثابت وقد أبلغناه للشركاء وللأميركيين».