اعتقال خلية جديدة في المغرب تجند «الجهاديين» لإرسالهم إلى سوريا والعراق

المسؤولون يتخوفون من تحولهم إلى أداة لزعزعة استقرار البلاد

TT

فكك الأمن المغربي في مدينة فاس خلية جديدة متخصصة في تجنيد الجهاديين وإرسالهم إلى سوريا والعراق، حسب بيان لوزارة الداخلية صدر مساء أول من أمس.

وأكد البيان أن هذه الخلية تتكون من ستة أشخاص، وتضم من بين عناصرها محكوما سابقا في إطار قانون الإرهاب، وقال إنها تنشط أيضا في جمع التبرعات والاتجار في البضائع المهربة، بهدف تحصيل الأموال لتمويل سفر المتطوعين إلى هذين البلدين.

وهذه ثاني خلية متخصصة في تجنيد وإرسال المقاتلين إلى سوريا، يعتقلها الأمن المغربي في ظرف شهر بمدينة فاس. وكانت الخلية السابقة تضم شخصين فقط.

وباعتقال هذه الخلية الجديدة أصبح عدد المعتقلين المعروضين على محكمة الإرهاب بمدينة سلا، في إطار ملف التجنيد وإرسال المقاتلين إلى سوريا والعراق، يناهز 40 شخصا، فيما يتابع نحو 30 آخرين من طرف المحكمة نفسها، في إطار ملف العائدين من سوريا، الذين جرى اعتقالهم في الحدود المغربية.

ويثير موضوع العائدين من سوريا قلقا متزايدا في المغرب، إذ يتخوف المسؤولون الأمنيون من تحولهم إلى أداة لزعزعة استقرار البلاد من طرف الجماعات المقاتلة في سوريا والعراق، خاصة إمكانية استعمالهم انتحاريين بهدف تنفيذ عمليات إرهابية نوعية.

وأشار بيان وزارة الداخلية إلى أن التحريات الأمنية أكدت أن المقاتلين، الذين يجري إرسالهم إلى العراق وسوريا «يستفيدون من تدريبات عسكرية حول استعمال الأسلحة وتقنيات صناعة المتفجرات، في أفق تحضير بعضهم لتنفيذ عمليات انتحارية بكل من العراق وسوريا». وأضاف البيان أنه «تبين بعد تتبع أنشطة المقاتلين المغاربة، الذين شاركوا في مختلف العمليات العسكرية ضمن الجماعات الموالية لتنظيم القاعدة، عزمهم على العودة إلى المغرب من أجل زعزعة أمنه واستقراره عن طريق تنفيذ اعتداءات إرهابية».

ويأتي تفكيك الخلية الجديدة بالتزامن مع تفكيك خلايا مماثلة في فرنسا وإسبانيا خلال الأسابيع الأخيرة، في سياق حملة ضد تجنيد المقاتلين وإرسالهم إلى سوريا وارتفاع حدة التخوف الأمني من نقل العمليات الانتحارية إلى البلدان الأصلية للمقاتلين، بعد عودتهم من سوريا والعراق.

وتشير تقارير أمنية إلى أن السنة الماضية عرفت 291 عملية انتحارية في 18 دولة عبر العالم، خلفت أكثر من ثلاثة آلاف قتيل. وتصدر العراق القائمة من حيث عدد العمليات الانتحارية بنحو 98 عملية، تليها سوريا بنحو 50 عملية انتحارية خلال سنة 2013.

وطرحت أخيرا في البرلمان المغربي قضية التخوف من تداعيات الاقتتال الدائر في سوريا والعراق على أمن المملكة، من خلال سؤال وجهه حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، إلى الحكومة، يطلب منها توضيحات حول حجم هذه الظاهرة، وسبل مواجهتها. وفي رده على هذا السؤال قال أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، إن هناك تنسيقا تاما بين الجهات المكلفة الشأن الأمني والجهات المكلفة تدبير الشأن الديني في المغرب فيما يتعلق بهذه الظواهر، وأضاف: «نحن نعمل كل ما في وسعنا لحماية بلدنا من خلال متابعة الأمن ومتابعة جميع الأفكار المنحرفة».

وأدلى التوفيق بكتاب أنجزته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية حول موضوع «أحكام الشرع في شأن دعاوى الجهاد»، وقال إنه يفند ويدحض الحجج العشر التي تقدمها الجماعات الإرهابية لتزكية أعمالها.

إلا أن التوفيق لم يدل بأي معطيات حول عدد المغاربة الذين التحقوا بالقتال في سوريا، غير أن حكيم بنشماس، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة في مجلس المستشارين، الذي طرح السؤال، قال إن تقارير تشير إلى أن 900 مغربي التحقوا بسوريا خلال سنة 2013 وحدها. وأضاف: «هذه مناسبة لتحية المجهودات الجبارة التي تقوم بها مؤسساتنا الوطنية، سواء الأمنية والروحية، في تتبع خيوط هذه الحركات التي شوهت الدين، وترتكب مجازر وتسيل وديانا من دماء الأبرياء، تحت اسم الجهاد».

وقال بنشماس في تعقيبه على جواب وزير الأوقاف: «هناك جوانب تدعونا إلى القلق، ويجب أن تدعونا إليه». في إشارة إلى التقارير التي تتحدث عن كون الكثير من المقاتلين المغاربة الذين التحقوا بسوريا كانوا معتقلين سابقين في ملف السلفية الجهادية، إضافة إلى كون لائحة صادرة عن الإدارة الأميركية حول الداعمين والممولين لتنظيم داعش تضمنت أسماء شخصيات سياسية مغربية. ورد التوفيق باختصار قائلا: «هناك تطور كبير في الأفكار عند الجميع على المستوى السياسي».