الأسرى الإداريون يعلقون إضرابهم عن الطعام بعد 63 يوما إثر وعود إسرائيلية جزئية

فشل حشد الرأي العام والعملية العسكرية الإسرائيلية في الضفة أحبطتا استمراره

TT

بعد 63 يوما من الإضراب عن الطعام، قرر الأسرى الفلسطينيون الإداريون القابعون في السجون الإسرائيلية تعليق الإضراب بعد تحقيق جزء من مطالبهم، وتراجع إدارة السجون عن سلسلة إجراءات كانت اتخذت بحق الأسرى.

وأعلن وزير الأسرى والمحررين شوقي العيسة، أمس، انتهاء الإضراب، قائلا إن «لجنة تمثل الأسرى المضربين توصلت إلى قرار بتعليق الإضراب عن الطعام، بعد تحقيق جزء من مطالبهم».

ولم يشر العيسة، في مؤتمر صحافي في رام الله، إلى طبيعة الاتفاق الذي توصل إليه الأسرى مع إدارة السجون من أجل وقف الإضراب، لكن مركز أسرى للدراسات أشار إلى بندين مهمين في الاتفاق، هما وقف التمديد للإداريين لفترات مفتوحة كالسابق، وتحديد التمديد لفترة أقصاها سنة، وتقديم لائحة اتهام لأي تمديد جديد يزيد على عام واحد، بدل الاعتماد على الملف السري كما هو معمول به الآن.

ويعتمد الاعتقال الإداري على زج معتقلين في السجون دون محاكمات وعلى تمديد حبسهم فترات مفتوحة استنادا إلى ملفات استخبارية سرية لا تعرض على المحامين.

من جانبه، قال رئيس نادي الأسير قدورة فارس، إن «ثلاثة بنود أخرى كانت سببا في الاتفاق على إنهاء الإضراب، هي: الاتفاق مبدئيا على إلغاء كل العقوبات التي فرضتها سلطات السجون على الأسرى منذ بدء الإضراب، وعودة الأسرى لسجونهم الأصلية التي نقلوا منها بعد شروعهم بالإضراب، إضافة إلى استمرار الحوار مع الأسرى بشأن مطالبهم».

ولا تعبر النتائج المعلنة عن انتصار واضح للأسرى قياسا بالأسباب التي دفعتهم لإعلان الإضراب وهي إنهاء ملف الاعتقال الإداري برمته.

وكان نحو 250 أسيرا إداريا خاضوا إضرابا عن الطعام مطالبين بوقف سياسة الاعتقال الإداري. وبقي حتى الآن أسير واحد مضرب هو أيمن أطبيش الذي كان بدأ الإضراب مبكرا احتجاجا على استمرار اعتقاله إداريا.

وكان أطبيش بدأ الإضراب الفردي قبل انطلاقه الجماعي بنحو شهرين، ودخل أمس يومه 118، على التوالي، مضربا عن الطعام، وهو محتجز في مشفى «ايخيلوف» في إسرائيل.

ودافع العيسة عن قرار وقف الإضراب قائلا: «الأسرى هم من بدأوا بالإضراب وهم أصحاب القرار بإنهائه». وأضاف أن «الأسرى المضربين استطاعوا أن يحملوا القضية لكل العالم، وأن يكسروا قانون التغذية القسرية». وتابع: «هذه المعركة لم تنته، والحوار ما زال مستمرا، وما جرى فقط هو تعليق للإضراب».

أما فارس فعد أداة القياس الرئيسة لنجاح الإضراب هو أن الأسرى «دخلوا في الإضراب بطريقة منظمة وخرجوا منه بطريقة منظمة أيضا». لكنه أشار إلى «الفشل» في حشد الرأي العام الفلسطيني في مساندة الإضراب، وتزامنه مع ظروف معقدة على الساحة الفلسطينية، في إشارة إلى العمليات الإسرائيلية في الضفة بحثا عن ثلاثة مفقودين إسرائيليين.

وفي إسرائيل أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بوزير الأمن الداخلي وبمدير مصلحة السجون على «العمل الحازم والمهن» الذي أدى إلى إيقاف الإضراب عن الطعام من قبل المعتقلين الفلسطينيين.

وقال نتنياهو: «لقد انتهجنا سياسة واضحة أدت إلى تحقيق هذه النتيجة المهمة وسنقوم الآن بإضافة ممارسات ووسائل أخرى ستؤدي بدورها إلى تقليص هذه الإضرابات مستقبلا».

وجاء في بيان صادر عن مكتب وزير الأمن الداخلي يتسحاق أهرونوفيتش، إنه «تحدث مع مدير مصلحة السجون الفريق أهرون فرانكو، وأشاد بالخطوات الحازمة التي قامت بها مصلحة السجون خلال الأشهر الأخيرة وأثناء الإضراب. كما أشاد بالأنشطة التي أدت إلى إيقاف الإضراب».

وقال أهرونوفيتش: «لقد حددت منذ بدء الإضراب سياسة واضحة حول هذه القضية عبارة عن الحفاظ على حياة السجناء من جهة وإصرار حازم وغير قابل للمساومة على عدم السماح للمضربين بتحقيق أهدافهم من الجهة الأخرى. ويشكل إنهاء الإضراب دون تحقيق أي إنجاز، خصوصا بما يتعلق بالاعتقال الإداري، إنجازا مهما بالنسبة لإصرار إسرائيل على حقها بالدفاع عن نفسها بجميع الوسائل بما فيها الاعتقال الإداري إذا استلزمها الأمر».

ومن جهته، دعا وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينت، إلى وقف الرواتب التي تحول للسجناء. وقال بينت إنه يعتزم «العمل من أجل وقف دفع الأموال للمخربين في السجون الإسرائيلية، واحتجازها على يد الحكومة الإسرائيلية».

وكشف بينت عن مبادرته على صفحة «فيسبوك» الشخصية، لكنه لم يوضح الآلية القانونية التي يمكن أن تستخدمها إسرائيل لاحتجاز الأموال المخصصة للأسرى الفلسطينيين، إذ إن السلطة الفلسطينية هي التي تحول هذه الأموال.

وكتب بينت: «في الأيام القريبة أعتزم مكافحة هذه الظاهرة المشوهة». وأضاف: «لا أعرف عن قضية غير قانونية مثل قضية تشجيع الإرهاب بواسطة المال».

وتدفع السلطة رواتب للأسرى الذين أمضوا أكثر من خمس سنوات في السجون الإسرائيلية، وتخطط الآن لتحويل وزارة الأسرى إلى هيئة تابعة لمنظمة التحرير بعد احتجاجات إسرائيلية ودولية على دفع رواتب هؤلاء، وسط تلميحات من دول مانحة بأنها لن تمول الحكومة الفلسطينية إذا كانت تدفع لأسرى متورطين بالعنف.

وكانت قضية إلغاء وزارة الأسرى وتحويلها إلى هيئة تابعة للمنظمة أثارت خلافا بين حركتي فتح وحماس، ولم يتفقا حتى الآن على آلية مشتركة.