الحكومة اللبنانية تعارض اقتراح مدير الأمن العام فرض تأشيرات للزوار الخليجيين

عقدت أولى جلساتها المنتجة منذ شغور الرئاسة.. وسلام يعلن اعتماد التوافق لدى الجميع

TT

طغى الوضع الأمني على اجتماع مجلس الوزراء اللبناني، الذي أقر أمس، للمرة الأولى منذ شغور الرئاسة في 25 مايو (أيار) الماضي، 28 بندا عاديا، بناء على اتفاق توصل إليه الوزراء حول آلية عمل الحكومة بعد انتقال صلاحيات الرئاسة إليها.

وفي حين سرى التوافق وزاريا على آلية عمل الحكومة في الفترة المقبلة، مع إعلان رئيس الحكومة تمام سلام أمس توافق كل المكونات السياسية في الحكومة الائتلافية على أن «لا تذهب إلى موقع خلافي»، أثار اقتراح تقدّم به مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، بشأن فرض تأشيرة دخول مسبقة على الخليجيين إلى لبنان انقساما وزاريا، بيد أن مجلس الوزراء مجتمعا قرّر إبقاء الوضع على ما هو معمول به.

وكان اللواء إبراهيم أعلن، في حديث لقناة «المنار» الناطقة باسم حزب الله أمس، أن «الأمن العام طالب بأن لا تكون التأشيرات تلقائية على المعابر الحدودية»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن «هذا القرار يعود إلى السلطة السياسية والأمن العام سيتعامل مع الموضوع مهما كان القرار». غير أن هذا الموقف من إبراهيم لقي رفضا من عدد من الوزراء قبل دخولهم إلى مجلس الوزراء، بينما أكد رئيس الحكومة بعد انتهاء الاجتماع أنه «لا يجوز أن يغير مواطنا أو اثنين أو أربعة أو 10 إجراءات كاملة».

الرئيس سلام قال في موقفه الرافض «لا نتحدث عن آلاف ليصبح الإجراء بحاجة إلى مراجعة»، وأكد أن لبنان «يحتاج إلى كل الناس والمحبين وخصوصا من دول الخليج لأن يأتوا إلينا ويتنعمّوا بربوعنا»، لافتا إلى أن «واجبنا تعزيز أمننا وتعزيز الإجراءات الاستباقية لمنع وصول من يريد المسّ بأمن لبنان». وأضاف: «ليست التأشيرة التي ستمنع الإرهابيين، وهناك وسائل عدة للحد من تحرّكهم وتنقلهم، والأمر يتوقّف على تمحيصنا وتدقيقنا»، متابعا «أننا حتى الآن نجحنا وأحبطنا 3 استهدافات لم تستطع تحقيق أهدافها، لكن قد يكون هناك مخطط لاستهدافات أخرى».

وفي حين كان السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري قد شدّد أمس على «احترام أي قرار لبناني إذا فرضت السلطات تأشيرات على السعوديين»، لارتباطه بـ«سيادة» لبنان، أكد وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق على أن «موضوع فرض تأشيرات مسبقة على الخليجيين غير وارد على الإطلاق»، مركزا على «الحرص على علاقة لبنان مع دول مجلس التعاون الخليجي».

وفي السياق ذاته، قال وزير العدل أشرف ريفي، المقرب من تيار «المستقبل»، معلقا في الاتجاه نفسه «إذا أردنا فرض تأشيرات دخول مسبقة، فعلينا فرضها على الإيرانيين والخليجيين»، ما استدعى تعليقا من وزير الصناعة حسين الحاج حسن، وهو نائب في كتلة حزب الله، قال فيه، إنه «لا يتبنى أي طرح ولا يدخل بهكذا مقايضة». وأشار إلى أن «المطلوب من المسؤولين الأمنيين والسياسيين إجراءات أكبر لمواجهة الحرب الإرهابية».

وبموجب قرار صادر عن مجلس الوزراء، تاريخ 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2002 وتعديلاتـه: «تمنح تأشيرة دخول وإقامة مجانية في مطار رفيق الحريري الدولي والمراكز الحدودية لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد حتى سنة لرعايا دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والكويت والإمارات والبحرين وقطر وعُمان)، إضافة إلى رعايا المملكة الأردنية الهاشمية القادمين للسياحة، وكذلك أفراد عائلاتهم والخدم والسائقون المرافقون لهم»، علما بأن مبدأ المعاملة بالمثل ليس مطبّقا تجاه اللبنانيين، باستثناء الأردن. من ناحية ثانية، قال وزير السياحة اللبناني ميشال فرعون لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «مسألة فرض تأشيرات مسبقة على السياح الخليجيين ليست مطروحة في الوقت الراهن، برغم استعدادنا لنقاشها بشفافية عند طرحها في مجلس الوزراء». وأردف أن المباحثات داخل مجلس الوزراء أمس ركزت على أن إجراءات مماثلة «لا تحل الموضوع بل تعقّده، فضلا عن انعكاساتها السلبية على أكثر من صعيد»، وتابع القول: «لا يمكن وضع حد للإرهاب الدولي من خلال مسألة التأشيرات»، على أساس أن حماية لبنان أمنيا تتطلب «عمل أجهزة محلية ودولية لأننا بصدد مواجهة إرهاب دولي، وذلك يحتاج لتعاط رسمي وأمني دقيق».

هذا، وكانت الحكومة قد عقدت أمس أولى جلساتها المنتجة، منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية المنتهية ولايته السابق ميشال سليمان الشهر الماضي، بعدما عقدت 3 جلسات خصصتها للاتفاق على آلية عملها بعد انتقال صلاحيات الرئاسة إليها.

وقال الرئيس سلام، في مؤتمر صحافي، إثر انتهاء اجتماع مجلس الوزراء أمس، إن «البلد الذي لا رأس فيه ليس كالبلد الذي فيه رأس يدير شؤونه»، لافتا إلى أنه «لدى مجلس الوزراء مهمة واضحة هي تسيير عمل البلد وأضيف عليها القيام بمهام رئيس الجمهورية». وناشد رئيس الحكومة «الجميع السعي لانتخاب رئيس للجمهورية، فما زال هاجسنا الأكبر في مجلس الوزراء، إتمام الاستحقاق الرئاسي وكيفية مقاربة هذا الأمر كوكلاء في مجلس الوزراء». وأعلن «أننا في حكومة المصلحة الوطنية قررنا اعتماد التوافق في كل صلاحيتنا وسلطتنا، ولا يمكن أن نعالج هذه المرحلة الصعبة إلا بالتوافق وكل أمر لا يحوز توافقا نضعه جانبا، ولن نذهب إلى الخلافات في الملفات والمواضيع التي لا يمكن التوافق عليها».

كذلك شدد سلام أنه لن «يكون هناك مجال لأي خلل في هذا الأمر، فما نمر به هو حالة استثنائية ونحتاج إلى تفاهم استثنائي بين بعضنا لكي نصل إلى أمور إيجابية، وسيصدر ما أقررناه في مراسيم وسنسعى إلى تسهيل كل العمل في البلاد والإدارات»، من دون أن ينكر أن «مواضيع دقيقة ستواجهنا، وآمل أن نواجهها بإيجابية، لا سيما ما يواكب شؤون الناس والبلد».

وأشار رئيس الحكومة إلى أن تلافي البنود الخلافية سيحصل من خلال «توزيع جدول أعمال مجلس الوزراء قبل 96 ساعة عوضا عن 48 ساعة، ليأخذ الوزراء وقتهم لدرس الجدول ومناقشته، على أن يتم حذف المواد الخلافية بالتوافق في مقدمة الجلسة»، ولفت إلى أنه «عند الخلاف حول بند ما سيؤجل البحث، لأننا لا نريد الخلاف ونضع المواضيع الخلافية جانبا، وهذا ما يعطي فرصة للتوافق على كل ملف لا خلاف عليه». وفيما يتعلق بتوقيع المراسيم، قال سلام إن «المادة 63 من الدستور تقضي بأن تناط التواقيع على القرارات بمجلس الوزراء مجتمعا وليس برئيس الحكومة وحده». وأشار إلى أن «التوقيع على المراسيم سيحصل بالتوافق بحيث سيوقع وزير عن كل مكون سياسي في الحكومة، وليس ضروريا أن يكون الوزير ذاته هو من سيوقع في كل مرة».