أربعة جرحى في تفجير الروشة يرقدون بالمستشفى وسط استنفار أمني وتكتم حول وضعهم

عنصران من «الأمن العام» اللبناني في حالة حرجة.. وقريبة أحدهما تقول إن «قلبه قوي وسينجو»

TT

حالة من الاستنفار الأمني والحذر تحيط بمبنى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، حيث يعالج المصابون الأربعة في التفجير الانتحاري الواقع ليل الأربعاء/ الخميس، في غرفة فندق بمحلة الروشة في العاصمة اللبنانية بيروت، بعد مداهمته من قبل القوى الأمنية اللبنانية للاشتباه في وجود شخصين يخططان لتفجيرات انتحارية. في المستشفى، تنتظر عائلات على نار لمعرفة مصير أبنائها. يتبادلون مهمة مناداة الأطباء في الدقيقة الواحدة مرات عدة لإطلاعهم على التقارير الطبية وطمأنتهم على صحة المصابين. الإجراءات الأمنية المكثفة في محيط المستشفى يوازيها صمت يطبق على صدور الأهالي الذين يرفضون الحديث إلى وسائل الإعلام أو التعليق على ما جرى. لا ينطقون إلا بالدعاء لتجاوز المرحلة الصعبة التي يمرون بها، وسط تكتم الأجهزة المعنية على إعلان أسماء جرحى «الأمن العام» وعددهم ثلاثة، إضافة إلى جريح رابع تضاربت الأنباء بشأنه. وقالت مصادر طبية في مستشفى الجامعة الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، إن «حالة اثنين من المصابين الأربعة خطرة، الأول نقيب في (الأمن العام) يدعى طارق الضيقة وهو مصاب بإصابات بالغة في الرأس، والثاني عنصر في (الأمن العام) يدعى هيثم وهبي وهو دخل في غيبوبة ويعاني حروقا خطيرة في الجسم، أما الثالث وهو أيضا مؤهل في (الأمن العام) يدعى أسامة حجازي وحالته مستقرة إلى حد ما، أما المصاب الرابع فهو مدني». وأفادت المعلومات بأنه «موظف في الفندق تولى فتح باب الغرفة التي كان المشتبه فيهما موجودين فيها».

في باحة المستشفى، يعرف شاب ثلاثيني عن نفسه بأنه عنصر في «الأمن العام» وصديق أحد مصابي تفجير فندق «دي روي». يعلق ساخرا: «كان يمكن أن أكون أنا أو أي شاب آخر مكانه!»، ويقول: «يجب وضع حد للتجاوزات، ونحن شباب (الأمن العام) روحنا فداء الوطن، ودمنا سنقدمه تضحية لأرواح كل شهيد قتل في التفجيرات الإرهابية المجرمة، ولن نرضخ لأحزمتهم الناسفة أبدا». وليس بعيدا عن المستشفى، في محلة برج أبي حيدر ببيروت، يعيش أهالي المنطقة حالة من القلق على حياة ابنها المصاب، العنصر في «الأمن العام» هيثم وهبي. صمت عميق يسيطر على جيران أبو عامر، والد هيثم.. هو لا يعلم أن ابنه بحالة حرجة ويرقد في سرير داخل المستشفى وحياته مهددة. اعتاد الرجل السبعيني روتين عمل ابنه، الذي يتطلب منه قلبا قويا وصبرا طويلا لتحمّل مخاطر قد يتعرض لها، في ظل الوضع الأمني المتردي.

أفراد أسرة أبو عامر وأقرباؤه يخفون عنه وضع ابنه الصحي. «قلبه ينبئه بالأسوأ، وكلما تأخر اتصال ابنه به، كما وعده أبناؤه، زاد يقينا بأن ولده بخطر»، يقول أحد أقرباء العائلة لـ«الشرق الأوسط» بحزن شديد. تصف إحدى القريبات، وهي ابنة عمه، هيثم بـ«الرجل (القبضاي) المعروف بقوته البدنية وبجرأته». توضح أن «والدته توفيت وهو صغير، فتولت والدتها تربيته والاعتناء به وبإخوته الأربعة». تشير إلى أنه «منذ طفولته، كان يرتدي الزي العسكري ويحمل السلاح بلاستيكي الصنع ويفتخر بجيش بلاده»، لافتة إلى أنه «اختار السلك الأمني لشجاعته وقدرته على التأقلم مع متطلبات عمله الصعبة وحرصه على سلامة أهله واستقرار بلده». تحزن قريبته اليوم لأن «أحدا من أفراد العائلة لم يعارضه حينها»، وتضيف، ودموعها على وجهها: «أتمنى لو أنني وقفت بوجهه ونصحته بإكمال دراسته»، مبدية في الوقت ذاته أملها بنجاته لأن «قلبه قوي ولن يستسلم للموت بسهولة».وتعيش زوجة عم هيثم حالة من الصدمة لوهلة الخبر الذي استفاقت عليه صباح يوم أمس. تجلس على الشرفة منتظرة خبرا جديدا يفرح قلبها. لا تفارق يدها مسبحة الصلاة وتعيد طيلة الوقت قراءة دعاء الشفاء من المرض. تكتفي بالقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «لن يموت»، بينما حفيدتها الجالسة بقربها تؤكد «إننا لن نفقد الأمل بشفاء هيثم ورفاقه»، متمنية «الرحمة لكل شهيد ذهب فداء الوطن».

بغضب كبير، تسأل الفتاة العشرينية: «كيف تمكن هؤلاء المجرمون من إدخال كميات كبيرة من المتفجرات إلى غرف الفنادق من دون التدقيق في محتويات حقائبهم»، داعية «المسؤولين إلى القيام بواجباتهم تجاه المواطنين وعناصر القوى الأمنية الذين يدفعون دماءهم ثمنا للتقصير».