حرب الفصائل السورية ضد «داعش» بلغت الغوطة الشرقية بموازاة تصعيد في دير الزور

المعارضة تتقدم في حماه.. وتصد هجمات النظام على المليحة منذ 86 يوما

TT

امتد الخلاف بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش»، وفصائل المعارضة السورية، أمس، إلى الغوطة الشرقية في ريف العاصمة السورية دمشق، بعد دعوة المجلس القضائي الموحد فيها مقاتلي التنظيم في الغوطة إلى الانشقاق عنه، بهدف «ضمان حمايتهم». وتزامن هذا التطور مع تضارب الأنباء عن اقتحام مقاتلي «داعش» مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، وهي ثاني كبرى مدن محافظة دير الزور بشرق البلاد، وسط تأكيدات أن المعارضين قصفوا مواقع لـ«داعش» في بلدة البصيرة. ومن جهة ثانية، أحرزت قوات المعارضة تقدما على القوات النظامية في ريف حماه الغربي، إثر سيطرتها على محطة محردة الكهربائية.

مجلس القضاء الموحد في الغوطة الشرقية الذي تشكل الأحد الماضي، دعا عناصر «داعش» إلى الانشقاق عن طريق القدوم إلى مركز المجلس أو عن طريق «إرسال أوليائهم ليعلنوا انشقاقهم وتسجيل توبتهم»، وذلك «لضمان حمايتهم». وتأتي الدعوة بعد ما سماه «انتهاء مهلة الـ24 ساعة التي أمهلها للتنظيم لتحديد موقفه من الفصائل العاملة في الغوطة الشرقية، بعدما أطلق التنظيم أحكام بالكفر على تلك الفصائل، وحل التنظيم نفسه، والاعتراف بالمجلس القضائي، والانضواء تحت سلطته، والامتثال لأحكامه». وكان مجلس القضاء الموحد الذي يرأسه الشيخ أبو أحمد عيون، تشكل الأحد الماضي، وانضم عليه 17 فصيلا مقاتلا في الغوطة الشرقية، بينها «فيلق الرحمن»، و«الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» و«جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام الإسلامية» و«جيش الإسلام». وفوضت تلك الكتائب المجلس الفصل بين الخصومات وحل النزاعات، وإصدار مذكرات اعتقال قضائية للفصائل العسكرية لاعتقال مدنيين، كونه يمنع عليها اعتقال أحد من غير وجود هذه المذكرة.

ويعد بيان المجلس القضائي للغوطة الشرقية، أول إجراء يتخذه، مما يؤشر إلى «انطلاق الحرب بين (داعش) والكتائب الإسلامية في الغوطة الشرقية لأول مرة، بعدما كانت تقتصر على شمال وشرق سوريا»، بحسب ما قال ناشط ميداني لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن الحرب على التنظيم «بدأت إثر اتهامه بالوقوف وراء سيارة مفخخة انفجرت في دوما، معقل جيش الإسلام الثلاثاء الماضي، مما أدى إلى سقوط مدنيين». وقال الناشط، إن نفوذ «داعش» في الغوطة الشرقية «يعد محدودا نظرا لعدد عناصره القليل في المنطقة، إذا ما قورن بعدد الفصائل الأخرى»، مشيرا إلى أن التنظيم اعتقل مدنيين وعسكريين تابعين لفصائل المعارضة بذرائع الردة عن الإسلام وغيرها».

ويعد التطور الأخير في الغوطة، والأول من نوعه، امتدادا للخلاف بين «داعش» وفصائل المعارضة في سوريا، وتحديدا في دير الزور الواقعة شرق البلاد، حيث تضاربت الأنباء أمس عن اقتحام التنظيم لمدينة البوكمال الحدودية مع العراق. وفي حين قال ناشطون، إن مبايعة «جبهة النصرة» في البوكمال لـ«داعش» سهلت دخول التنظيم إلى المدينة، نفى ناشطون ميدانيون معارضون من دير الزور سيطرة التنظيم على المدينة الواقعة شمال المحافظة. وأفاد «مكتب أخبار سوريا» بأن التنظيم «لم يسيطر مطلقا على البوكمال»، على الرغم من أن البوكمال تشهد «توترا» منذ صباح أول من أمس، في ظل استنفار فصائل المعارضة المسيطرة على المدينة، تحسبا لأي هجوم محتمل من تنظيم «داعش» عليها. وأوضح ناشط ميداني، أن قياديين اثنين في جبهة النصرة، المعارضة والمرتبطة بتنظيم القاعدة، «انفصلا» عن الجبهة في المدينة وتوجها إلى بادية محافظة حمص، وذلك برفقة 27 عنصرا آخرين من الجبهة، لينضموا إلى التنظيم.

في غضون ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتعرض مناطق في بلدة البصيرة التي يسيطر عليها «داعش»، لقصف من قبل جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) بقذائف الهاون، مما أدى لمقتل رجل وزوجته وحفيديهما، في حين انفجرت عبوة ناسفة بالقرب من مقر لواء مقاتل في حي الصناعة. وتلا القصف اشتباكات وقعت ليلا واستمرت حتى صباح أمس، بين مقاتلي جبهة النصرة والكتائب الإسلامية من جهة، و«داعش» من جهة أخرى، في المنطقة الواقعة بين كوع العتال وقرية الطكيحي التي سيطرت عليها الدولة الإسلامية أول من أمس مع ثلاث قرى أخرى هي الحريجي والضمان وماشخ. وتزامن ذلك مع وقوع اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية من جهة، ومقاتلي الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة من جهة أخرى، في حي الحويقة في دير الزور.

أما في ريف حماه، فقال ناشطون إن المعارضة السورية تمكنت من السيطرة على محطة محردة الكهربائية في ريف حماه الغربي بعد معارك عنيفة مع القوات الحكومية المتمركزة داخلها، وهي تعد واحدة من أهم محطات توليد الطاقة الكهربائية في سوريا. وقالت «شبكة سوريا مباشر»، إن مسلحي المعارضة استهدفوا بـ«صواريخ غراد» حاجزا للقوات الحكومية في بلدة شليوط بريف حماه الشمالي، قبل أن يشنوا هجوما على المنطقة. وأفاد المرصد بقصف القوات النظامية مناطق في بلدة اللطامنة بريف حماه الشمالي، كما قصف أطراف بلدة حلفايا ومناطق في قرية الزكاة.

وفي حلب، أفاد ناشطون باستهداف الطيران المروحي أحياء الحيدرية والإنذارات، وبني زيد وبستان الباشا بالبراميل المتفجرة، ترافق مع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام من جهة، ومقاتلي الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة من جهة أخرى، على أطراف حي بستان الباشا.

وفي دمشق، قتل ثمانية مواطنين بينهم طفلان والممثلة سوزان سلمان وأصيب 20 آخرون بينهم أطفال ونساء جراء هجمات بقذائف هاون استهدفت أحياء باب شرقي والمجتهد والقيمرية والمزرعة السكنية بدمشق. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا»، إن الفنانة السورية سوزان سلمان قضت في قذيفة هاون سقطت مساء الأربعاء قرب منزلها في وسط دمشق.

وفي ريف دمشق، تواصلت الاشتباكات على مدخل المليحة من جهة العاصمة السورية لليوم الـ86، من غير أن تحرز القوات النظامية أي تقدم على هذا المحور، كما قال ناشط ميداني لـ«الشرق الأوسط». في حين أفاد المرصد السوري بتنفيذ الطيران الحربي غارتين على مناطق في وادي عين ترما بالغوطة الشرقية، بالتزامن مع وقوع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام ومقاتلي الكتائب الإسلامية في محيط مدينة داريا بالغوطة الغربية التي تعرضت فيها بلدتا مزرعة بيت جن والمغر لقصف مدفعي.