آلاف التونسيين يشاركون في مسيرة صامتة لمناهضة التعذيب

وسط دعوة للإسراع بالتصديق على قانون مكافحة الإرهاب

TT

شهدت تونس العاصمة، أمس، مسيرة صامتة للتنديد بممارسات التعذيب، نظمتها المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب ومنظمة العفو الدولية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.

وانطلقت المسيرة، التي عرفت مشاركة آلاف التونسيين وحافظ بن صالح، وزير العدل وحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، من أمام مقر قصر العدالة لتصل إلى موقع السجن المدني، وهو السجن الذي عرف خلال سنوات النظام السابق الكثير من حالات الاعتقال والتعذيب لأسباب سياسية.

وقال المنذر الشارني، رئيس المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهدف الأساسي من وراء تنظيم هذه المظاهرة هو الوقوف عند ذكريات انتهاكات حقوق الإنسان، وممارسات التعذيب التي استهدفت سجناء السجن المدني طيلة حكم النظام السابق، ومن ثم دعوة المواطنين إلى ضرورة المضي قدما في التحسيس بفظاعة جرائم التعذيب، والالتزام بردع من لا يحترم حقوق الإنسان وينتهك حرمات الأفراد».

وأضاف أن حالات التعذيب كانت قبل ثورة 14 يناير (كانون الثاني) 2011 حالة عامة في جل مدن البلاد، وأكد أن الانتهاكات كانت تبدأ من داخل مراكز الأمن أثناء التحقيقات الأمنية، ثم تتواصل خلال فترة السجن. وقال: «نريد تغييرا جذريا، وليس جزئيا، على مستوى تعامل كل الأجهزة الأمنية والقضائية مع المتهمين، مهما كانت التهم الموجهة إليهم».

على صعيد آخر، دعت مجموعة من المنظمات الحقوقية، التونسية والدولية، إلى الإسراع بالتصديق على مشروع قانون الإرهاب، وعدم إبقائه رهين الحسابات السياسية الضيقة والمصالح الحزبية المتغيرة. وقالت إن تأخير التصديق عليه كان بسبب مطالبة بعض الأحزاب السياسية إضافة فصول إلى محتوى القانون، ترتبط بالجريمة الإرهابية حتى لا يجري استغلال القانون الجديد لتصفية الخصوم السياسيين. وأشارت إلى البطء الكبير في مناقشة هذا القانون «الخطير» من قبل «المجلس التأسيسي» (البرلمان)، الذي تسلم مشروع قانون مكافحة الإرهاب منذ نحو خمسة أشهر.

وبشأن الجدل الدائر حول هذا القانون، قال مصطفى بن جعفر، رئيس البرلمان، إن «التصديق على قانون الإرهاب تأخر أكثر من اللزوم»، في إشارة إلى إمكانية تأثير ذلك على تهيئة المناخ الجيد لإجراء الانتخابات. وأضاف أن الأولوية ستعطى خلال الفترة المقبلة للتصديق على قانون مكافحة الإرهاب، وتوقع أن تنتهي العملية قبل بداية العطلة النيابية، أي قبل نهاية يوليو (تموز) المقبل.

في السياق ذاته، دعت منظمات حقوقية، خلال لقاء نظمه مركز دراسة الإسلام والديمقراطية حول «ضمانات المحاكمة العادلة في سياق مكافحة الإرهاب»، إلى إضافة فصول لمشروع قانون مكافحة الإرهاب، تتعلق أساسا بإحداث القطب القضائي المتخصص في مكافحة الإرهاب، وتأمين الحماية الضرورية للقضاة والشهود. وأكدت وزارة العدل، التي تقدمت بمشروع القانون، ضرورة المبادرة بتكوين القضاة في هذا النوع من القضايا، بشكل يساعد على تحقيق شروط المحاكمة العادلة.

على صعيد متصل، اتخذت كل من وزارتي الداخلية والدفاع والإدارة العامة للجمارك مجموعة من الإجراءات الأمنية المشددة، تحسبا لأي هجوم إرهابي محتمل خلال رمضان، وأشارت مصادر أمنية إلى وجود استنفار في صفوف الأمن والجيش على مستوى جبل السلوم وجبل الشعانبي في المنطقة العسكرية المغلقة بالقصرين. ولم تستبعد المصادر نفسها تخطيط نحو ثلاثين إرهابيا يتحصنون في تلك المناطق لتنفيذ عمليات إرهابية، بعد المحاصرة اللصيقة التي نفذتها قوات الأمن التي منعت عنهم التزود بالغذاء.

وكان أربعة إرهابيين قد حاولوا قبل ثلاثة أيام، كسر الحصار المفروض على المنطقة والحصول على المواد الغذائية، بيد أن سرعة تدخل قوات الأمن جعلتهم ينسحبون إلى المناطق الجبلية المجاورة. كما عزز حرس الحدود التونسي وجوده الأمني والعسكري على المعابر الحدودية، تحسبا لتسلل بعض العناصر الإرهابية إلى تونس، كما تزودت تلك الوحدات بتجهيزات إضافية لصد أي هجوم إرهابي محتمل.