جمعيات نسائية مغربية تطالب الحكومة بمنع زواج القاصرات

ربطت انتشاره بوجود خلفيات متشبعة بثقافة التمييز بسبب الجنس

TT

دعا تحالف «ربيع الكرامة» المغربي الذي يضم عددا من الجمعيات النسائية والحقوقية، إلى مراجعة بعض مواد قانون الأسرة، بهدف منع زواج الفتيات القاصرات، الذي شهد تزايدا مطردا في البلاد.

وكان مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، قد اعترف أواخر مايو (أيار) الماضي بمناسبة مرور عشر سنوات على اعتماد قانون الأسرة، أن الزواج دون بلوغ سن الأهلية شهد ارتفاعا ملحوظا، رغم المقتضيات التشريعية التي جاء بها القانون للحد من بعض الظواهر السلبية، مثل زواج القاصرين والتعدد، حيث انتقل من 18 ألفا و341 حالة زواج خلال 2004 إلى 35 ألفا و152 حالة زواج خلال 2013، وإن كانت نسبته من مجموع عقود الزواج بقيت، إلى حد ما، مستقرة، حيث تراوحت بين 7.75 في المائة سنة 2004 و11.47 في المائة سنة 2013، مشيرا إلى أن سنة 2011 عرفت أكبر زيادة في هذا النوع من الزواج خلال عشر سنوات، إذ وصل معدلها إلى 11.99 في المائة من مجموع عقود الزواج المبرمة خلال تلك السنة.

وطالب التحالف في مذكرة سيرفعها إلى الحكومة حول «إصلاح بعض مقتضيات قانون الأسرة الخاصة بتزويج الأطفال»، قدمها مساء أول من أمس خلال لقاء صحافي عقده في الرباط، إلى حذف الفقرات الثانية والثالثة والرابعة من المادة 16 من مدونة (قانون) الأسرة، وكذا المواد 20 و21 و22، إضافة إلى تجريم كل تحايل يهدف إلى تزويج الطفلات.

وتنص الفقرات، التي يطالب التحالف بحذفها من المادة 16، على أن للمحكمة حق اعتماد سائر وسائل إثبات الزواج في دعوى الزوجية إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، فيما تنص المادة 20 على أن لقاضي الأسرة، المكلف الزواج، الحق في أن يأذن بزواج الفتى أو الفتاة دون بلوغ السن القانونية (18 سنة) بمقرر معلل، فيما تجعل المادة 21 زواج القاصر متوقفا على موافقة نائبه الشرعي، أما المادة 22 فتعطي الأهلية المدنية في ممارسة حق التقاضي للمتزوجين، طبقا للمادة 20، في كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات.

وأوضحت خديجة الركاني، عضو التحالف خلال تقديمها للمذكرة الترافعية، أن الغرض من هذه المراجعة القانونية، التي تقترحها الجمعيات النسائية المكونة للتحالف «إغلاق المنافذ التشريعية أمام تزويج القاصرات لضمان تحقيق غايات القانون وحمايته من الخرق».

وأشارت إلى أن إحصائيات وزارة العدل، أكدت أن عدد الاستمارات المقدمة من أجل السماح بزواج من هم دون سن الأهلية بلغت 43 ألفا و508 طلبات سنة 2013 وحدها، ولم تتعد طلبات القاصرين الذكور ضمنها 92 طلبا.

وقالت الركاني، إن هذه الأرقام «تؤكد أن ظاهرة الزواج دون بلوغ السن القانونية تهم الإناث أكثر من الذكور، كما تبرهن على أن التطبيق غير السليم للنص القانوني أفضى إلى التمييز بسبب الجنس».

وربط تحالف «ربيع الكرامة» تفاقم ظاهرة «تزويج القاصرات» بعوامل مختلفة، أبرزها «الممارسات الاجتماعية التي تجعل من الأعراف والتقاليد قانونا لها، والممارسات القضائية الخاطئة، وخرق المساطر (الإجراءات) القانونية، والاحتكام إلى تقديرات شخصية وذاتية، ووجود خلفيات متشبعة بثقافة التمييز بسبب الجنس عند بعض الساهرين على تطبيق القانون».

وعدت المذكرة أن «التطبيق غير السليم لبعض مقتضيات قانون الأسرة لا يحقق أهدافه الكبرى وفلسفته الجديدة، وتجاوزه من قبل المجتمع يلعب الدور الأخطر في ارتفاع نسبة تزويج الطفلات، لا سيما في المناطق النائية والمهمشة والجبلية التي ينتشر فيها (زواج الفاتحة)، أي ذلك الذي يجري من دون عقد زواج رسمي».