مواطنو جنوب السودان يخشون تجدد القتال بين الحكومة والمتمردين

المتحدث باسم الجيش: قوات مشار تسعى للعودة إلى الحرب

TT

عبر مواطنون في ولاية أعالي النيل في جنوب السودان عن خشيتهم من تجدد القتال بين جوبا والمتمردين بقيادة نائب الرئيس المقال رياك مشار، ويتخوف المراقبون من أن تدخل البلاد في حرب واسعة في حال استمرار تأجيل وسطاء الإيقاد (دول شرق أفريقيا) المفاوضات بين الطرفين إلى أجل غير مسمى، وذلك بعد مضي أسبوعين من مهلة الستين يوما التي حددتها قمة الإيقاد في العاشر من يونيو (حزيران). فيما بعث مشار برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة يؤكد فيها التزامه بالاتفاقات التي وقعها مع رئيس الدولة سلفا كير، وبالتفاوض مع الحكومة عبر وسطاء الإيقاد، في وقت تبادل الطرفان الاتهامات بالاستعداد لشن هجوم عسكري في مناطق بأعالي النيل، ونفى متحدث باسم الجيش الشعبي الحكومي وجود أي انشقاق في صفوف قواته، مؤكدا أن حقول النفط مؤمنة تماما.

وقال عدد من المواطنين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» من مدينة ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل، ثاني أكبر مدن جنوب السودان، إن هناك استعدادات كبيرة وسط القوات الحكومية والمتمردين حول مدينة الناصر التي يسيطر عليها الجيش الحكومي. وأكد المواطنون سماع أصوات قصف مدفعي وقع على أطراف المدينة الأيام الماضية وإن ذلك يمكن أن يجدد القتال مرة أخرى، خاصة بعد تأجيل وسطاء الإيقاد المحادثات إلى أجل غير مسمى الأسبوع الماضي، وأشاروا إلى أن هناك حالة نزوح جديدة بدأت من مدينة الناصر خوفا من اندلاع القتال مجددا، بعد أن شهدت مناطق كثيرة من البلاد هدوءا منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في التاسع من مايو (أيار) الماضي.

من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم جيش جنوب السودان إن هناك معلومات استخباراتية تؤكد أن جماعة التمرد تستعد لشن هجوم على مدن الناصر وأيود في أعالي النيل، وبانتيو عاصمة ولاية الوحدة. وأضاف أن مشار يقوم بعمليات تعبئة عامة وسط قواته، وهناك معسكرات تدريب جديدة لشن هجوم على مدينة الناصر لاستعادتها من الجيش الشعبي، مشيرا إلى أن مشار أرسل سرية من جنوده هاجمت أطراف المدينة صباح أمس.

وقال (تصدت قوات الجيش الشعبي للمهاجمين الذين عادوا إلى معسكراتهم خارج المدينة) لكنه لم يشر إلى وقوع ضحايا، وأضاف (لدينا معلومات استخباراتية كافية بأن مشار بدأ في جمع قوات وقطع المدفعية الثقيلة استعدادا للهجوم على مدينة الناصر الاستراتيجية التي فشل من السيطرة عليها قبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وهو يريد أن يستفيد من فترة وقف القتال لتنظيم قواته وتدريبها للعودة إلى الحرب).

وقال المتحدث: «قوات الجيش الشعبي على استعداد لصد أي هجوم على أي مواقع في البلاد. ونحن ملتزمون باتفاق وقف إطلاق النار، ولكن سنتصدى لأي هجوم» نافيا وجود أي انشقاق في صفوف القوات الحكومية أو انضمام إلى قوات مشار: «لأن مشار ليست لديه أهداف سياسية، وكل ما يريده هو الاستيلاء على السلطة بالقوة.. ولن يستطيع».

لكن المتحدث الرسمي باسم حركة التمرد حسين مار، نفى لـ«الشرق الأوسط» أن قواته تستعد لشن هجوم على الناصر، مؤكدا الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار. وقال: إن الجيش الشعبي في المنطقة انشق إلى مجموعتين، الأولى خرجت من أعالي النيل وتوجهت إلى شمال بحر الغزال، والأخرى تتفاوض مع حركته سرا.

وكشف مار عن رسالة وجهها مشار إلى الأمين العام للأمم المتحدة أمس، وقال: إن مشار أكد على التزامه بالمفاوضات عبر وسطاء الإيقاد وبالاتفاقيات التي وقعها مع كير: «ولكن للأسف الشديد أن مبعوثي الإيقاد هم وراء الإرباك الحادث في المفاوضات، لأنهم رفضوا أن تكون المحادثات مباشرة بين طرفي النزاع، إلى جانب إقصائهم لأطراف مهمة مثل النازحين واللاجئين في حوار المائدة المستديرة».

من جهتها، وصفت هيلدا جنسون، مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة في جنوب السودان، والتي ستنتهي فترة عملها في الشهر المقبل، الأوضاع بـ«المأساوية»، وأنها تتجه نحو المجاعة في حال استمرار الوضع على ما هو عليه. وأعلنت عن مساعي المنظمة الدولية لتوقيع مذكرة مع السودان لعبور المساعدات الإنسانية برا وجوا وعبر النقل النهري، وذلك بعد أن أجرت لقاءات مع مسؤولين في الخرطوم من بينهم النائب الأول للرئيس السوداني بكري حسن صالح، وعدت أن السودان دولة محورية ومهمة في التوسط بين الفرقاء الجنوبيين.