وزير داخلية البحرين: الحوار تتجاذبه رؤيتان.. معتدلة ومتشددة

أعرب عن أسفه لكل قطرة دم أريقت وحذر من جماعات تعتقد أنها يمكن أن تمارس نشاطها خارج كيان الدولة

TT

عبر وزير الداخلية البحريني عن حزنه وأسفه لكل قطرة دم أريقت في أحداث البحرين في لقاء موسع ضم مسؤولين حكوميين ونخبة من علماء الدين وأعضاء من مجلسي الشورى والنواب وغرفة تجارة وصناعة البحرين ورؤساء تحرير الصحف وممثلين للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالإضافة إلى عدد من أصحاب المجالس والوجهاء ورؤساء المراكز والجمعيات الشبابية.

كما أشار إلى أن الحوار الوطني البحريني تتجاذبه وجهتا نظر إحداهما معتدلة والأخرى متشددة وقال: «هنالك رأيان، رأي متشدد وآخر معتدل توافقي، فإذا طغى الرأي المتشدد احتجنا مع ذلك إلى مزيد من الوقت، وقد تكون هناك خسائر ومواقف غير متوقعة».

وقال الفريق الركن الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة وزير الداخلية، في كلمة ألقاها أمام الحضور «أن أتحدث معكم في الشؤون الأمنية، والتي هي بطبيعة الحال تعنينا جميعا، إننا اليوم على بُعد أكثـر من ثلاث سنوات من فبراير (شباط) 2011 والصورة العامة للموقف أصبحت أكثـر وضوحا عن تلك التي رسمتها بعض وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية حينذاك، وكما تعلمون أيها الإخوة فإن الصورة الإعلامية لا تحتاج إلى وقت طويل لرسمها، ولكن تصحيحها يحتاج إلى وقت أطول بكثيـر، وأن أهم الأمور التي تساعد في إظهار الحقيقة هو الثبات على الحق، والتمسك بالقانون. فقد مرت علينا أيام مؤلمة لم نتمنها للبحرين ولا لأي بلد، فلقد عاش المواطنون الآمنون حالة من الذهول والخوف وخيبة أمل نحو بعض المواقف، ولا أريد أن أخوض في تلك المرحلة التي عشنا تفاصيلها، فإننا في مرحلة تضميد الجراح وليس فتحها من جديد».

كما أشاد بحكمة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في تجاوز الأحداث وقال: «لقد تبع مرحلة الضبط والسيطرة الأولى مرحلة دقيقة تداخل في تطبيقها الكثير من التقديرات الميدانية والقانونية والسياسية والاجتماعية والتـي تم اتخاذها في تلك الفتـرة لمواصلة احتواء الموقف وإفشال محاولات التصعيد، ولم يكن عملنا في هذه المرحلة ردود فعل، وإنما اعتمد على رؤيا واضحة المعالم والأهداف تتمثل في التواجد والصمود والسيطرة على المواقف واستخدام القوة بالقدر المناسب لحفظ الأمن، وتجنب محاولات الاستدراج الخطيرة. وبالرغم من هذا الوضوح في ضرورة التمسك بالقانون».

وتابع: «فإننا نرى بعض الجماعات والأفراد لم تستوعب هذا الوضع الحضاري وما زالت تعتقد بأنها يمكن أن تنظم نفسها، وتمارس نشاطها خارج كيان الدولة وهذا أمرٌ مخالف للقانون وغير ممكن في ظل حضور الدولة المدنية وفي هذه الحالة سوف يتم معالجة الأمر بطبيعة الحال بالقانون».

وأضاف: «ما زلنا نتذكر التجربة التي عشناها جميعا، وكيف تحولت الفوضى إلى عنف وتخريب وتطورت إلى تفجيـر وقتل لتشكل حالة إرهاب، والنتيجة والمحصلة الوطنية كانت سلبية، ولنا أن نتساءل أين أوصلتنا هذه البذرة السيئة؟ وماذا جنينا من حصادها؟ وليقيم كل من اقتنع بهذه الفكرة الهدامة ماذا ربح؟ وماذا خسر؟ أترك إلى كل شخص الإجابة على ذلك بينه وبين نفسه في مصارحة مع الذات، وأنا أعرف كما تعرفون أن كلام مجاملة الشارع قد يكلف صاحبه ثمنا كان في غنى عنه، لأنه في ليس مقتنعا به أصلا».

وأكد «إحساسنا المشترك نحو أبناء الوطن يدفعني للقول بأن البحرين خسرت كل قطرة دم أُريقت في تلك الأحداث، ونحن اليوم ننظر بثقة إلى المستقبل، فعجلة الموقف تحركت وقطعت مراحل من الإنجاز، رغم وجود من ظل يتحرك في دائرة التطرف وإنه من المهم أن تكبر الدولة على الحدث حتى تستمر حركة الحياة ويجب أن لا تتوقف مسيرة النهوض بسبب من اختار لنفسه أن يتأخر، ولكن سوف تكون هناك أبواب مفتوحة لمن أراد أن يتبع».

وقال: «لا يخفى عليكم ما نشاهده ونسمعه من نشوب أحداث ونزاعات إقليمية ودولية مؤسفة، فقد كنا بالأمس القريب ننظر إلى ما يحدث في سوريا وقد حذرنا من أثر ذلك على أمننا الوطني، واليوم نرى بكل أسف قتالا طائفيا في العراق بين أشقاء عرب ومسلمين، إنها العروبة تنتحر لأسباب طائفية، وقد نتج عن ذلك هنا اختلاف في وجهات النظر حول ما يجري ونحن نراقب الأمور ونقف بحزم ولن نسمح بتفشي هذا الخطر الطائفي الذي يهدد سلامة الناس ويهدد وحدتنا وثوابتنا الوطنية، ونحن والحمد لله قد اجتزنا تحديات خطيـرة سابقة بفضل تمسكنا بمبادئنا الوطنية».

وزاد: «لقد سبق أن تعالت الأصوات الطائفية وانتشرت مشاعر لا تخدم الوطنية ومن المؤسف أن نسمع من البعض من يتحدث عن التفرقة بين طائفة وأخرى، وهذا أمر في غاية الخطورة، فدستورنا وقوانيننا لا تميز بين أبناء الوطن الواحد».

وشدد على أن «شعار البحرين أولا برنامج عمل وطني يعزز المناعة الوطنية ضد أسباب الاختلاف، فلدينا ثوابت وطنية واضحة أجمعنا عليها وعادات كريمة وتقاليد أصيلة اتسم فيها المجتمع البحريني، وهي تمثل أسسا حميدة في التعايش السلمي. أيها الإخوة، إن ما طالعتنا به وسائل الإعلام مؤخرا من معلومات هامة تم الكشف عنها حول برامج تغييـر الأنظمة في المنطقة، فإن هذا الأمر سوف لن يربكنا من جديد، ولكننا سنتعامل معه بكل جدية للوقوف على أبعاد تلك المفاهيم والأهداف التي ترمي إليها».

وختم «إننا مقبلون على مرحلة هامة جدا يجري فيها الحديث عن أجواء الانتخابات البرلمانية والبلدية والتي ستجرى بإذن الله نهاية هذا العام، وهنا نأمل من الجميع المشاركة الفاعلة فيها. وفيما يتعلق بالحوار فهنالك رأيان، رأي متشدد وآخر معتدل توافقي، فإذا طغى الرأي المتشدد احتجنا مع ذلك إلى مزيد من الوقت، وقد تكون هناك خسائر ومواقف غير متوقعة.