المشهد: والاك وباريس وواشنطن دي سي

TT

* «?If you want to shoot shoot. Why Talk»، يقول إيلاي والاك، وهو يُردي أحد الذين تم إرسالهم لقتله بينما كان يأخذ حماما متسلحا بمسدسه القريب. إيلادي والاك الذي مات في الرابع والعشرين من هذا الشهر عن 98 سنة قتل وقُتل في الفيلم ذاته، «الطيب والسيئ والبشع».. تركه كلينت إيستوود معلقا بين الحياة والموت بحبل فوق عنقه ويداه مربوطتان وراء ظهره لا يستطيع التحرك. يستعطف إيستوود أن يطلق سراحه، لكنه كان عبّر طوال الساعات الثلاث الماضية أو نحوها عن كم هو غير جدير بالثقة. حين لا يستجيب إيستوود ويمضي بعيدا، يصرخ به مهددا من دون أن يكون قادرا على تنفيذ وعيده.

* في السينما من عام 1951، وفي شهر من عام 1960، لعب دور رئيس العصابة المكسيكية في «الرائعون السبعة» لجون ستيرجز. عندما جلس سيرجيو ليوني بعد سنوات ليختار ممثلين لفيلمه الذي يكمل ثلاثيته مع إيستوود طلب والاك. البعض يقول إن ليوني نسي اسم والاك لكنه لم ينس صورته في فيلم ستيرجز، وأوصى بجلب «ذلك الممثل الذي لعب دور رئيس العصابة».

* خلال التصوير كاد يخسر والاك حياته عندما مر القطار على بعد سنتيمرات قليلة منه وعلى نحو لم يكن محسوبا. عندما طلب منه ليوني أن يعيد تصوير اللقطة رفض. في «الرائعون السبعة» انطلق به الحصان وهو مقيّد لا يستطيع التحكم به قبل أن يسارع فرسان حقيقيون لاعتراض الحصان وإيقافه.

* لكن والاك، الذي بقي دائما ممثلا مساندا، لديه أكثر من 80 فيلما آخر تشهد بخبرته في التمثيل، من ذلك الدور الذي أداه وهو لا يزال شابّا أمام كلارك غيبل ومارلين مونرو في «غير الملائمين» (The Misfits) لجون هيوستون، سنة 1961 إلى «كيف تسرق مليونا» لويليام وايلر (1965) و«العمق» لبيتر ياتس (1977)، وفي العشرات من الأفلام التي مرّ معظمها عابرا في مهنته ومر هو عبر معظمها مثل سحابة صيف، فبقي وجها أكثر مما لمع اسما.

* كنت أنظر إلى ما يعرض في باريس هذه الأيام من أفلام، ووجدت أن العاصمة ما زالت زاخرة بالعروض الأوروبية كما كانت طوال عهدها. وحيدة بين كل العواصم الأوروبية التي تعرض المزيج الأكبر، عددا من الأفلام، بصرف النظر عن مصادرها. هناك الفرنسية دائما والأوروبية واللاتينية والأميركية على حد سواء، وعندما يكون هناك فيلم عربي لاسم معروف فرنسيا لا تتأخر في استيعابه ولو أن الرهجة التي صاحبت عروض اللبنانية نادين لبكي والتونسي رضا الباهي والمصري يوسف شاهين لم تعد هناك.

* ترى لم ذلك؟ على كثرة ما تعرضه صالات لندن من أفلام متنوّعة لم فشلت العاصمة الإنجليزية (ومثلها الألمانية والإيطالية) في أن تكون الشاشة العريضة لكل الأفلام؟ الجواب في الممارسة الثقافية الواسعة الممتدة كتقليد راسخ عبر شتّى الأزمنة وأنواع الفنون. ليس صدفة أن يولد التقليد السينمائي على أرضها سنة 1895، ولو أن الفيلم الأول في التاريخ صُنع في مدينة ليدز البريطانية سنة 1888. في «الزمرة المتوحشة» (The Wild Bunch) يقول الراحل ويليام هولدن للممثل بو هوبكنز الذي شهر سلاحه في وجه مدنيين «إذا تحركوا اقتلهم». العبارة في العاصمة الفرنسية هي «إذا كانت صورة متحركة اعرضها». لذلك صالات باريس دائما حبلى بالأعمال من مختلف أنحاء العالم قديمها وحديثها.

* معهد الفيلم الأميركي كان منشغلا الأسبوع الماضي بعرض 84 فيلما تسجيليا جديدا تم جمعها من حول العالم في مهرجان أقامه في مدينة واشنطن لخمسة أيام. المناسبة جمعت كذلك نحو 100 مخرج من 29 دولة. والسياسيون تحلّقوا أيضا: السيناتور هاري ريد والسيناتور باربرا بوكس ورفيقهما في المقعد ذاته إد ماركي، أمّوا الأفلام لعلهم يوسعون مداركهم الفنية ومعلوماتهم حول ما يحدث حول العالم من وجهة نظر مخرجي السينما. فرصة!