ترحيب في الكونغرس بطلب أوباما تخصيص نصف مليار دولار للمعارضة السورية المعتدلة

روسيا تكرر تحذيرها من انهيار نظام الأسد وقيام دولة إرهابية على أنقاضه

سوريون يحاولون انقاذ طفلة إثر غارة لطيران النظام على منطقة كرم الجبل في حلب أمس (أ.ب)
TT

رحب أعضاء ديمقراطيون في الكونغرس الأميركي بطلب الرئيس باراك أوباما تخصيص مبلغ 500 مليون دولار لدعم قوى المعارضة السورية المعتدلة، مؤكدين أن الوقت لم يفت بعد على مساعدة هذه المعارضة التي تقاتل الآن على جبهتين: الأولى ضد قوات نظام الرئيس بشار الأسد، والثانية ضد القوى المتشددة ومنها «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش). وفي المقابل، لقيت مبادرة أوباما تأييدا فاترا من جانب السيناتور الجمهوري النافذ ماركو روبيو، الذي يعد أبرز أحد منتقدي سياسة الرئيس الخارجية التي يراها متخبطة.

يذكر أن طلب أوباما من الكونغرس الموافقة على تخصيص 500 مليون دولار من أجل تدريب مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة وتجهيزهم، جاء بعد عدة إشارات وجهتها الإدارة في الأسابيع الأخيرة، وبعد أشهر من الضغوط التي مارسها بعض أعضاء الكونغرس، من بينهم المرشح الرئاسي الجمهوري السابق السيناتور جون ماكين. وتمثل هذه الخطوة تغييرا ملحوظا على موقف واشنطن من النزاع المستعر منذ أكثر من ثلاث سنوات في سوريا. ولقد أعربت المعارضة السورية مرارا عن إحباطها من ضعف مستوى المساندة الأميركية، وخاصة بعد تراجع الإدارة الأميركية عن توجيه ضربة جوية ضد النظام السوري في أعقاب استخدام النظام أسلحة كيماوية في قصف الغوطة الشرقية (بضواحي دمشق) في أغسطس (آب) الماضي.

ويندرج مبلغ الـ500 مليون دولار الذي طلبه الرئيس الأميركي ضمن مبلغ 1.5 مليار دولار مخصّص لمبادرة الاستقرار الإقليمي الرامية إلى مساعدة المعارضة وجيران سوريا، أي الأردن ولبنان وتركيا والعراق، لمواجهة عواقب النزاع في سوريا على أراضيها، ودعمها في استقبال اللاجئين السوريين. وأعلن البيت الأبيض في بيان أن «هذه الأموال ستساعد السوريين في الدفاع عن الشعب السوري وإحلال الاستقرار في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وتسهيل توفير الخدمات الأساسية ومواجهة التهديد الإرهابي وتسهيل الظروف للتسوية عن طريق التفاوض»، معربا عن قلقه من اتساع تأثير متطرفي «داعش» في سوريا والعراق.

في أول ردة الفعل على هذه الخطوة قال إليوت إنغل، زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب وعضو لجنة الشؤون الخارجية فيه، الذي رحب وقال إن «الوقت ليس متأخرا لمساعدة السوريين في بناء المستقبل الذي يستحقونه». أما في مجلس الشيوخ فقد رأى السيناتور الديمقراطي البارز كارل ليفين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، أن طلبا مماثلا للتمويل لقي تأييدا واسعا من الحزبين في لجنته. وتابع: «في ضوء الأحداث الأخيرة في العراق وسوريا، من الصائب تخصيص مثل هذه الأموال». واستطرد ليفين قائلا إنه يدعم أي تحرك يفضي إلى تغيير ميزان القوة على أرض الواقع، خاصة فيما يتعلق بالمتطرفين في كل من سوريا والعراق، لكنه اشترط تلقي أي خطوة أميركية الدعم من حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.

وفي المقابل، قال السيناتور الجمهوري روبيو إنه «كان ينبغي أن يحدث هذا الأمر منذ زمن طويل، وأن تكون الولايات المتحدة في الطليعة مع الشركاء الأوروبيين والإقليميين بتأطير المقاتلين للقضاء على مسلحي (داعش) و(جبهة النصرة) المتطرفين، وكذلك خوض المواجهة مباشرة مع قوات النظام السوري». وشدّد روبيو، الذي يعدّ من المرشحين المحتملين لمعركة رئاسة الجمهورية المقبلة عن الجمهوريين، في بيان: «إن عواقب تقاعس إدارة أوباما وعجزها عن وضع استراتيجية متماسكة حول سوريا وتنفيذها أدّيا إلى هذا الوضع المؤلم في الشرق الأوسط، خصوصا في العراق، وإن هناك اليوم تهديدات لشركاء الولايات المتحدة مثل الأردن».

على صعيد آخر، قال الأدميرال جون كيربي، المتحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون)، إن الأموال المطلوب تخصيصها ستسمح للجيش الأميركي بأن يدرّب ويجهز على نحو ملائم العناصر المنتقاة في المعارضة السورية المعتدلة، وأشار إلى تعليمات أصدرها وزير الدفاع تشاك هيغل بوضع خطط أكثر تفصيلا لتنفيذ مهام التدريب والتجهيز بعد الحصول على موافقة الكونغرس. وبدورها، أعلنت كيتلين هايدن، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، أن التمويل سيضاف إلى جهود الإدارة المستمرة منذ فترة لدعم المعارضة السورية المعتدلة، وإفساح المجال أمام البنتاغون لتعزيز دعم المقاتلين المعتدلين. وأوضحت أن الأموال موجهة لتدريب وتجهيز عناصر المعارضة السورية التي يجري فحصها بشكل مناسب للدفاع عن الشعب السوري وتحقيق الاستقرار في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة وتسهيل توفير الخدمات الأساسية ومواجهة التهديدات الإرهابية وتعزيز الظروف الملائمة لتسوية النزاع عن طريق التفاوض.

وشددت هايدن على أن واشنطن ما زالت مؤمنة بأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية، ولكن الأموال ستمكن وزارة الدفاع من زيادة الدعم للعناصر المعتدلة في المعارضة السورية ومساعدتهم على تقرير مستقبلهم بأيديهم من خلال تعزيز الأمن والاستقرار والتصدي للمتطرفين مثل «داعش» الذين يستغلون حالة الفوضى في اتخاذ ملاذ آمن لهم.

إزاء هذا التطور، انتقدت روسيا مبادرة أوباما. وصرح السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، أمام صحافيين خلال حفل استقبال لدى البعثة الروسية، بأن الأميركيين يحرّكون الأمور في اتجاههم ويبقون النار مشتعلة بدلا من إطلاق مبادرة سياسية.