السوق السعودية تفقد مع نهاية العام الحالي سبع شركات تأمين

المنافسة المحتدمة والتطورات الجديدة تقصي صغار المستثمرين من القطاع

قيمة التأمين في السعودية تعد منخفضة قياسا بما عليها في غالبية دول العالم حيث يلعب التنافس بين الشركات دورا كبيرا في تخفيض السعر
TT

توقع مختصون في مجال التأمين، أن ست شركات على الأقل ستعلن الانسحاب من السوق السعودية نهاية العام الحالي على الأرجح، نتيجة التعرض لخسائر فادحة خلال السنوات الأخيرة وعدم قدرتها على المنافسة في سوق التأمين التي تحوي قرابة 35 شركة تعمل بعضها متخصصة في التأمين على بعض القطاعات.

يأتي ذلك مع اقتراب الكثير من القطاعات من إعلان النتائج المالية النصف الأول للعام الحالي في الكثير من الشركات الكبرى ومن بينها شركات التأمين.

وقال عضو لجنة التأمين في غرفة الشرقية ومدير شركة الوسطاء السعوديين للتأمين عماد الدين الحسيني، إن السوق السعودية ليست غارقة بعدد شركات التأمين، لكن هناك شركات لم تنل الإدارة القادرة على تجاوز الكثير من التحديات. وفي المقابل هناك شركات حققت مكاسب كبيرة حتى في ظل احتدام المنافسة وزيادة عدد الشركات التي تعمل في هذا المجال.

وبين الحسيني أن من بعض التحديات التي ظهرت أخيرا في سوق التأمين ارتفاع سعر الدية، حيث إن سعر الدية للقتل الخطأ تضاعف ثلاث مرات فبعد أن كانت قيمته 100 ألف ريال بات حاليا 300 ألف، بل إن هناك أشخاصا تصدر لهم صكوك تصل إلى 900 ألف ريال نتيجة تلف في بعض الأعضاء وكل عضو من هذه الأعضاء تقدره المحاكم الشرعية المختصة بمبلغ محدد ليصل المجموع إلى 900 ألف، كما أن أسعار قطع الغيار والإصلاح للمركبات ارتفعت ومع ارتفاع نسبة المخاطر بات من الطبيعي أن ترتفع رسوم التأمين من خلال فرض غالبية الشركات زيادة في القيمة لتصل إلى الـ70 في المائة، ومع ذلك الارتفاع الجديد الذي بدأ تطبيقه لا تزال الأسعار أقل من الكثير من دول العالم، وخصوصا أن المخاطر ارتفعت عما كانت عليه في سنوات مضت.

وعن ارتفاع قيمة التأمين بالمملكة قال الحسيني: «بالعكس، إن قيمة التأمين أصلا في المملكة تعد منخفضة جدا قياسا بما عليه غالبية دول العالم، حيث يلعب التنافس بين الشركات دورا كبيرا في السعر المنخفض والذي لا يأخذ في الغالب بالاعتبار حجم المخاطر من التعرض للخسائر الفادحة نتيجة للأسعار المحددة والتي قد لا تفي بالمطلوب».

وبحسب الحسيني، فإن شركات التأمين في المملكة تصل إلى 35 شركة عاملة في المملكة، إلا أنه شدد على أن السوق السعودية تستوعب عددا أكبر من هذا الرقم، وقال: «أعتقد أن السوق السعودية تستوعب إضافة شركات جديدة ويمكن أن تضاف 15 شركة جديدة ليصل المجموع إلى 50 شركة، وخصوصا أن السوق السعودية واعدة جدا والتأمين على المركبات تحديدا بات إلزاميا، كما أن هناك توقعات بتطبيق إلزامية التأمين على قطاعات أخرى مثل المنازل وغيرها، كما أن المصانع مؤمن عليها، وهذا يعني أن هذا العدد من الشركات لا يعد كافيا».

وأشار إلى أن سوق التأمين كحال الأسواق الأخرى من حيث التعرض للمشكلات وسوء الإدارة في بعض الشركات، ولذا ليس من الغريب أن تنسحب أكثر من شركة قادرة على التجانس مع التغييرات الحالية.

وتبلغ سوق التأمين في السعودية أكثر من أربعة مليارات ريال بحسب المهندس محمد بوخمسين عضو لجنة التأمين في غرفة الشرقية والمدير الإقليمي للشركة العربية السعودية للتأمين التعاوني. وأشار إلى أن الارتفاع في رسوم التأمين يعد أمرا طبيعيا في ظل ارتفاع (الدية) للوفيات نتيجة الحوادث، وأيضا ارتفاع أسعار قطع الغيار والإصلاح للسيارات، وأن هذه الأمور كفيلة بجعل الارتفاع مقنعا، وخصوصا أن من قامت برفع الرسوم الشركات الكبيرة في هذا المجال فيما ثبتت بعض الشركات الأسعار السابقة خشية فقدان عملاء لها، وكذلك من أجل استقطاب عملاء جدد من أصحاب الدخل الضعيف، وخصوصا أن جميع شركات التأمين العاملة في المملكة معتمدة وتحظى برقابة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، ولذا يتوجب على مؤسسة النقد أن تكون أكثر حرصا على هذه السوق من التعرض لأزمات موجعة.

وعد بوخمسين لـ«الشرق الأوسط»، أن عدد الشركات العاملة في السوق السعودية مناسب، بل إنه يعد كبيرا ومن الممكن القيام بخطوات دمج شركات من أجل تقويتها، وخصوصا أن الشرط الأساسي للترخيص لشركة تأمين ألا يقل رأسمالها عن 100 مليون ريال وهو مبلغ ضعيف في الوقت الراهن قياسا بالمخاطر الطارئة والتكاليف الباهظة.

وبين في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن إحدى شركات التأمين باتت في حكم المنسحبة من السوق، وقد يلحقها قرابة ست شركات لأنها مرشحة لخسارة نسبة تصل إلى 75 في المائة من رأس المال مما يستوجب انسحابها الإجباري.