فرحة عارمة في الجزائر بعد التأهل التاريخي للدور الثاني

بوتفليقة قال إن اللاعبين حققوا آمال الأمة العربية والشعوب الإسلامية الأفريقية.. والجماهير فخورة بمنتخبها وتتوعد ألمانيا

فرحة لاعبي الجزائر بعد التأهل التاريخي (أ.ف.ب)
TT

بعد أن حقق المنتحب الجزائري إنجازا تاريخيا ببلوغ الدور الثاني للمرة الأولى في تاريخه، ستبدأ المرحلة الأصعب بالنسبة إلى ثعالب الصحراء، لأنه يتعين عليهم أن يكونوا على مستوى الحماسة التي أظهروها حتى الآن، عندما يواجهون ألمانيا في لقاء تصفية حسابات.

لكن بغض النظر عن نتيجة المواجهة الجزائرية الألمانية، بعد غد (الاثنين)، فإن كتيبة المدرب وحيد خليلودزيتش نجحت في مهمتها في العرس الكروي حتى الآن، بعد أن تمكنت من محو جرح الخروج من مونديال 1982 بسبب مؤامرة حاكتها ألمانيا الغربية مع جارتها النمسا، وأدت إلى خروجها من الدور الأول رغم تحقيقها انتصارين على ألمانيا بالذات 2 - 1. وعلى تشيلي 3 - 2.

وهنأ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، منتخب بلاده وجهازيه الفني والإداري، بعد التأهل التاريخي. وقال بوتفليقة في برقية التهنئة: «تلقيت باعتزاز كبير أثلج صدري وصدور كل الجزائريين وجميع المشجعين والمناصرين في كافة الأقطار العربية والإسلامية والأفريقية نبأ ارتقائكم إلى الدور الثاني في كأس العالم بجدارة وامتياز». وتابع: «لم يخب أمل الجزائر والأمة العربية والشعوب الإسلامية الأفريقية فيكم، وكانت فرحة الجميع العارمة بمروركم إلى الدور الثاني الرابط الأخوي الذي شد بعضهم إلى بعض، ووحد مشاعر المودة والإحساس بصلات الانتساب والانتماء».

ويقول المدرب البوسني وحيد خليلودزيتش المدير الفني للمنتخب الجزائري «الشعب الجزائري لم ينس مونديال 1982. لا يزالون يتكلمون عن تلك المباراة حتى اليوم، والتاريخ يعيد نفسه بعد 32 عاما. إنها فرحة لا توصف، ونحن نستحق الوجود في الدور الثاني».

ومع نجاحها في تضميد جرح الماضي، تتطلع الجزائر بإيجابية نحو المستقبل، فقد أظهر المنتخب الجزائري الذي انتزع التعادل من روسيا 1 - 1 ليحجز مقعده في الدور الثاني «مثابرة واندفاع» كبيرين بحسب مدربهم، وقال في هذا الصدد «أثبتت روسيا بأنها كانت تملك خبرة أكبر منا في الشوط الأول. لكن إذا واصلنا العمل وبذلنا جهودا مضاعفة، فإن هذا الفريق قادر على الذهاب بعيدا خلال سنتين أو ثلاث، ويمكننا بالتالي تكرار هذا الإنجاز في المستقبل كما فعلنا هذا المساء».

وأسهب خليلودزيتش في مدح روح المنافسة لدى فريقه بعدما حقق هذا الإنجاز.

وقال المدرب: «أحب كمدرب أن أرى فريقي يقاتل بهذه الطريقة». وأضاف: «سيتحسن مستوانا. ربما في المباراة المقبلة ضد ألمانيا»، وتابع: «إنهم فريق هائل. سيمثلون منافسا معقدا بالنسبة لنا. نحن فريق الجزائر الصغير ضد ألمانيا الكبيرة، أتمنى أن يقف (المشجعون) البرازيليون وراءنا. أعرف أن البرازيليين يحبون كرة القدم الفنية ويمكننا تقديم هذا. يمكننا إسعادكم، وإن لم نكن في مستوى البرازيل». وهذه أول مرة تتجاوز فيها الجزائر الدور الأول في كأس العالم في أربع محاولات. وقال: «نحظى بدعم كبير من العالم العربي ومن بلدان مثل يوغوسلافيا وحتى في البرازيل. الناس تحب المهارة والقوة. لا يسعني إلا أن أشعر بالفخر للطريقة التي أدى بها اللاعبون».

ضم المنتخب الجزائري الحالي العديد من الوجوه الشابة التي تدافع عن ألوان أندية جيدة في البطولات الأوروبية، أمثال سفيان فغولي (فالنسيا الإسباني) ونبيل بن طالب (توتنهام الإنجليزي). باختصار، فإن الجيل الحالي أفرد لنفسه مكانة خاصة في تاريخ الكرة الجزائرية. وشاءت الأقدار أن تلتقي الجزائر وألمانيا وجها لوجه في الدور الثاني. ولم ترتجف ألمانيا في تخطي الولايات المتحدة وضمان صدارة المجموعة السابعة بقيادة توماس مولر مسجل هدف المباراة الوحيد ليتساوى في الصدارة مع البرازيلي نيمار والأرجنتيني لوينيل ميسي برصيد أربعة أهداف.

وقال خليلودزيتش: «تابعت مباراة ألمانيا ضد الولايات المتحدة، إنه فريق عظيم والأمور ستكون معقدة في مواجهته، أكثر من معقدة في الواقع». بيد أن نظيره في المنتخب الروسي الإيطالي فابيو كابيلو حذر الألمان من منتخب الجزائر، بقوله: «المنتخب الجزائري فريق قوي جدا، وهو يستحق الاحترام وكل شيء يجوز في كأس العالم الحالية المليئة بالمفاجآت». ولن تكون المهمة سهلة للمنتخب الجزائري حتى ولو تابع مشواره، لأنه في حال نجح في ذلك سيواجه أغلب الظن فرنسا في ربع النهائي والبرازيل في نصف النهائي.

ويتابع المدرب: «هناك منتخبات أفضل منا لكن هذا الفريق يحظى بالتعاطف خلال كأس العالم الحالية»، مؤكدا أنه تلقى رسائل عدة في هذا الصدد من أكثر من جهة.

وأضاف: «هنا في البرازيل، يقدر الناس سلوكنا، في مواجهة ألمانيا، لن نكون مرشحين للفوز لكن الأنصار المحليين سيقفون إلى جانبنا، وسنبذل قصارى جهودنا لكي لا نخيب آمالهم». ورغم مزاجه المعتدل فإن خليلودزيتش نجح بذكاء في تجنب أسئلة عن الطريقة التي سيتعامل بها لاعبو الجزائر مع صوم رمضان، وكذلك عن مستقبله مع الفريق.

وعمت فرحة عارمة شوارع وأحياء العاصمة الجزائرية عقب الإنجاز التاريخي للمنتخب الجزائري. وخرج الجمهور الجزائري بمختلف أعماره يجوبون شوارع العاصمة، حاملين الأعلام الوطنية، ويهتفون بحياة المنتخب الجزائري. واكتظت الحشود بشوارع العاصمة وفي كل الأحياء بمواكب السيارات، مطلقة العنان لأبواقها، بينما كانت زغاريد النسوة تنطلق من شرفات العمارات لتعيد للأذهان الاحتفالات الكبيرة والعفوية في المناسبات الوطنية والرياضية، بفضل هذا الإنجاز الذي سمح للمنتخب الجزائري بأن يكتب اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ العرس العالمي.

الأجواء الحماسية نفسها والاحتفالات الضخمة عاشتها كل أحياء العاصمة كالحراش وحسين داي والمدنية والقبة والمرادية والأبيار وبئر مراد رايس وغيرها، حيث تشكلت هنا وهناك مجموعات من الشباب والكهول حاملين الرايات والشعارات يجوبون الشوارع، كما بثوا مختلف الأغاني الممجدة للخضر، التي دوت في سماء مختلف مدن وبلديات الجزائر العاصمة.

كما اجتاحت احتفالات الخضر مدينة كوريتيبا البرازيلية بمجرد انتهاء المباراة. وانتشر الآلاف في شوارع المدينة بداية من مكان استاد «دا بايشادا» الذي استضاف المباراة، وحتى وسط المدينة، حيث سهروا حتى ساعة متأخرة من الليل يحتفلون بالتأهل التاريخي لفريقهم إلى الدور الثاني بالمونديال. وانضم لمشجعي الخضر عدد كبير من الجماهير البرازيلية التي حضرت اللقاء في المدرجات، ثم رافقت مشجعي الخضر في الاحتفالات بشوارع المدينة.

وعبرت الصحف الجزائرية الصادرة أمس عن فخرها واعتزازها بالإنجاز التاريخي الذي حققه محاربو الصحراء. وعلقت صحيفة «الهداف» في صفحتها الأولى على إنجاز التأهل بنوع من الهزل وكتبت «نصوم رمضان ونفطر على الألمان»، في إشارة إلى المباراة المقبلة ضد ألمانيا في الدور الثاني. واختارت صحيفة «لوبيتور» عنوانها الرئيس مما كان يردده اللاعبون في غرف خلع الملابس، وكتبت «ما زال ما زال ألمانيا». كما أوردت الصحيفة نفسها تصريحا لسفيان فيغولي نجم الفريق يؤكد فيه عدم خوفه من مواجهة ألمانيا، بالقول: «عندما نرتدي قميص الجزائر لا نخشى أحدا».

ووصفت صحيفة «كومبيتسيون» إنجاز «الخضر» بـ«المسبب للدوار»، مشيرة إلى الدور الكبير الذي لعبه الحارس وهاب رايس مبولحي الذي شبهته بـ«الرئيس». أما صحيفة «الخبر»، فكتبت «الجزائر تدخل التاريخ وتشرف العرب»، في حين اختصرت «الوطن» عنوانها في «فعلوها». أما «الشروق اليومي» فأكدت أن «الحلم تحقق» مشيرة إلى التأهل التاريخي لـ«الخضر». ويعدّ المنتخب الجزائري، ثالث منتخب عربي يتأهل إلى الدور الثاني، بعد المغرب عام 1986. والسعودية عام 1994.