المونديال.. معاناة أوروبية وتألق لاتيني وفشل آسيوي

اللعب الجميل وغزارة الأهداف عنوان الدور الأول من «العرس البرازيلي»

TT

انتهى الدور الأول من كأس العالم المقامة حاليا في البرازيل بتراجع القارة العجوز التي أظهرت شيبها بعض الشيء بخروج مبكر لثلاثة منتخبات عريقة بشكل مبكر هي إسبانيا حاملة اللقب قبل أربع سنوات، وإيطاليا بطلة العالم أربع مرات، وانجلترا المتوجة عام 1966. في المقابل، قدمت المنتخبات الآسيوية عروضا مخيبة، في حين لطخت أفريقيا سمعتها.

وحرمت البطولة بالتالي من نجوم تجمل أسماء واين روني، أندريا بيرلو، ماريو بالوتيلي، إيكر كاسياس، تشافي وإنييستا. وما لبث أن لحق بهم أفضل لاعب في العالم العام الماضي كريستيانو رونالدو الذي لم يكف هدف الفوز الذي سجله في مرمى غانا ليبعد عن بلاده شبح الخروج. أما المفاجأة الكبرى فستحل في خانة المنتخب الإسباني الذي سيطر على الكرة الأوروبية والعالمية في السنوات الأخيرة بتتويجه بطلا للقارة العجوز مرتين عامي 2008 و2012، وببطولة العالم 2010، لكن يبدو أن لاعبي المنتخب الإسباني الذين يشكلون غالبية في صفوف ناديي برشلونة وريال مدريد شبعوا ألقابا ولم يتمكنوا من مواصلة حصد الألقاب. لكن عزاء إسبانيا بأن الجيل الجديد موجود وجاهز يتمثل بثياغو ألكانتارا وكوكي وإيسكو وموراتا وهيريرا.

أما إيطاليا وبعد الطموحات الكبيرة التي وضعت عليها خصوصا بعد بلوغها نهائي كأس أوروبا قبل سنتين معتمدة على كرة هجومية خلافا لعاداتها وتقاليدها، فخيبت الآمال هذه المرة بخروجها للمرة الثانية من الدور الأول على التوالي. وخسرت أوروبا أيضا البوسنة التي كانت تشارك للمرة الأولى، في حين لم تكن كرواتيا بقيادة صانع ألعابها لوكا مودريتش فعالة. في المقابل، لم ترتجف ألمانيا القوة الثابتة خصوصا بعد بدايتها الصاعقة ضد البرتغال (4 - صفر)، في حين كانت هولندا بقيادة مدربها لويس فان غال على الموعد خصوصا بعد أن ضربت بقوة في مباراتها الأولى ضد إسبانيا (5 - 1)، قبل أن تحقق العلامة الكاملة في الدور الأول بفضل ثنائيها الرائع روبين فان بيرسي وآريين روبن. بدورها كانت بلجيكا على الموعد بفضل جيل ذهبي شاب بقيادة نجم تشيلسي إدين هازارد ونجحت في حصد العلامة الكاملة في الدور الأول في مجموعة ضعيفة نسبيا. وكما كان متوقعا بلغت فرنسا وسويسرا الدور الثاني في مجموعة سهلة نسبيا، في حين حققت اليونان بطلة أوروبا المفاجأة ببلوغها الدور الثاني للمرة الأولى في تاريخها وانتظرت حتى الوقت بدل الضائع لتسجل هدفا من ركلة جزاء في مرمى ساحل العاج لتطيح بالأخيرة خارج المنافسة.

أما الفائز الأكبر في الدور الأول فكانت أميركا اللاتينية وجارتها الوسطى. فقد بلغت الدور الثاني خمسة منتخبات من منطقة كونميبول هي البرازيل الدولة المضيفة، والأرجنتين، والأوروغواي، وتشيلي، وكولومبيا، وحدها الإكوادور من هذه المنطقة لم تنجح في التأهل. أما من منطقة الكونكاكاف، فتأهلت ثلاثة منتخبات من أصل أربعة هي الولايات المتحدة والمكسيك وكوستاريكا، في حين خرجت هندوراس. وتعد كوستاريكا مفاجأة البطولة بلا منازع لأن القرعة أوقعتها مع ثلاثة أبطال عالميين سابقين، وقد نجحت في الإطاحة باثنين منهم، ولم تكتف بهذا القدر، بل تصدرت مجموعتها خلافا للتوقعات. وتألق نجوم منتخبات أميركا الجنوبية وتحديدا نيمار وميسي اللذين سجلا أربعة أهداف ويتساويان في صدارة ترتيب الهدافين مع الألماني توماس مولر، بالإضافة إلى خاميس رودريغيز (كولومبيا) وألكسيس سانشيس (تشيلي). أما أبرز المتألقين في صفوف منتخبات منطقة الكونكاكاف، فهناك الحارس المكسيكي غييرمو أوتشوا ومهاجم كوستاريكا جويل كامبل.

* مشكلات أفريقيا وإنجاز الجزائر حققت الجزائر مفاجأة من العيار الثقيل ببلوغها الدور الثاني على حساب روسيا بعد انتزاعها التعادل 1 - 1 من الأخيرة في الجولة الثالثة لتصبح ثالث منتخب عربي حقق هذا الإنجاز بعد المغرب والسعودية عامي 1986 و1994. أما النبأ الآخر السعيد للقارة السمراء فهو بلوغ نيجيريا الدور الثاني. أما أسود الكاميرون فلم يزأروا على الإطلاق لا بل تلطخت سمعتهم باشتباك لاعبين هو بونوا ايسو ايكوتو وبنجامين موكاندغو في أواخر المباراة ضد كرواتيا، فاستبعدهما المدرب عن مواجهة البرازيل في الجولة الأخيرة. وزادت الأمور سوءا بعد المباراة الأولى إثر إصابة قائد الفريق صامويل إيتو. وقد طالب رئيس جمهورية البلاد بفتح تحقيق حول المشاركة المخيبة للأسود. وأبت غانا إلا أن تحذو حذو الكاميرون من حيث السمعة المخيبة للآمال حيث استبعد الاتحاد المحلي اللاعبين كيفن برينس يواتنغ وعلي سولي مونتاري لسوء سلوكهما. وكعادتها فوتت ساحل العاج فرصة ذهبية لأنها أضاعت بطاقة التأهل للمرة الأولى في تاريخها في الثواني الأخيرة من مباراتها ضد اليونان بارتكاب مخالفة داخل المنطقة كلفتها غاليا.

* آسيا: فشل ذريع لم تحصل أستراليا على أي نقطة، لم تحقق اليابان أي انتصار تماما كإيران وكوريا الجنوبية لتكون مشاركة فاشلة بجميع المقاييس. وقد يكون الرضا الوحيد من إيران التي انتزعت التعادل السلبي من نيجيريا، وخسرت بصعوبة بالغة أمام الأرجنتين قبل أن تسقط أمام البوسنة في مباراتها الأخيرة. وشهدت المباراة ضد الأرجنتين تحديدا تألق الحارس الإيراني علي رضا حقيقي الذي تصدى لمحاولات كثيرة قبل أن ينحني أمام تسديدة ميسي في الثواني الأخيرة.

من جهة أخرى كان اللعب الجميل، أو كما يقال في البرازيل «جوغو بونيتو»، على الموعد في الدور الأول من نهائيات مونديال البرازيل 2014 الذي تميز بغزارة أهداف، وضحايا من العيار الثقيل، ومشاعر متناقضة، واندفاع وحماس لدرجة.. «العض»، ونجوم على الموعد وآخرين على طائرة العودة إلى ديارهم. وعندما نتحدث عن كرة القدم، فنحن نتحدث عن الأهداف. في بلاد الأسطورة بيليه لا يمكن أن يكون هناك سوى الأهداف والكثير منها، فبعد وصول العرس الكروي البرازيلي إلى نصف الطريق نحو نهائي 13 يوليو (تموز)، أي بعد 32 مباراة من أصل 64، كانت الأهداف المسجلة 94 أي معدل 94.‏2 هدف في المباراة الواحدة وهو أفضل معدل منذ مونديال 1970، قبل أن يختتم الدور الأول الخميس بتسجيل 136 هدفا في 48 مباراة بمعدل 2،83 هدفين.

كيف بالإمكان تفسير مهرجان من هذا النوع؟ لكل شرحه الخاص، مثل النجم البرازيلي السابق زيكو الذي عد أن لأجواء الملاعب البرازيلية وجمهورها دورا في ذلك لأن «الجمهور البرازيلي يجعل الناس سعداء». أما المدرب الفرنسي السابق لليفربول جيرار هوييه الذي يعمل حاليا في اللجنة الفنية التابعة للاتحاد الدولي «فيفا»، فلديه رؤيته الخاصة: «من الناحية التكتيكية، المنتخبات بدأت منذ أربعة أعوام المخاطرة بشكل أكبر من السابق، وغالبا ما ينطلق مهاجمان معا إلى الأمام».