رودريغيز يخطف أضواء النجومية بقيادة كولومبيا لدور الثمانية ومواجهة البرازيل

احتفالات دامية في بوغوتا بتأهل منتخبهم لربع النهائي.. ولاعبو الأوروغواي يلقون بأسباب الخسارة على استبعاد سواريز

جيمس رودريغيز - احتفالات الجماهير الكولومبية الصاخبة في العاصمة بوغوتا تحولت إلى اشتباكات درامية (أ.ب) - آثار الهزيمة
TT

احتفل الكولومبيون بانتصار منتخبهم على الأوروغواي بهدفين نظيفين والتأهل لربع النهائي وسط أجواء درامية في شوارع بوغوتا التي شهدت حوادث عدة، منها مقتل سيدة.

وتحدى سكان بوغوتا المطر للرقص في الشوارع بعد تأهل منتخب بلدهم إلى الدور ربع النهائي للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وتجمع آلاف الأشخاص بعد انتهاء المباراة في ساحة بوليفار وهم يهتفون «كولومبيا كولومبيا».

ونشر الرئيس الكولومبي خوان مانويل دوس سانتوس على حسابه على موقع «تويتر» للرسائل القصيرة صورة له وهو يرتدي قميص المنتخب وإلى جانبه زوجته. وكتب: «أهنئ فريقي! أهنئ كولومبيا! نشعر بالفخر». إلا أن هذه الاحتفالات شابها عدد من الحوادث، وتحدثت حصيلة أولية عن حدوث 274 شجارا وجرح خمسة أشخاص في بوغوتا، إضافة إلى مقتل امرأة إثر إطلاق أشخاص الرصاص في الهواء ابتهاجا.

وكان صانع ألعاب موناكو الفرنسي الواعد جيمس رودريغيز قد قاد منتخب بلاده الكولومبي إلى الدور ربع النهائي للمرة الأولى في تاريخها بتسجيله هدفي الفوز على الأوروغواي على ملعب «ماراكانا» في ريو دي جانيرو. وسجل رودريغيز الهدفين في الدقيقتين 28 و50.

وهي الثنائية الأولى لرودريغيز، 25 عاما، في العرس العالمي وأضافها إلى الأهداف الثلاثة التي سجلها في الدور الأول فرفع رصيده إلى خمسة أهداف متصدرا لائحة الهدافين بفارق هدف واحد أمام البرازيلي نيمار والألماني توماس مولر والأرجنتيني ليونيل ميسي.

وبات رودريغيز أول لاعب يسجل في أول أربع مباريات له في المونديال بعد الإيطالي كريستيان فييري عام 1998 في فرنسا.

كما بات رودريغيز أول لاعب يسجل في المباريات الأربع في المونديال منذ البرازيليين ريفالدو (خمس مباريات) ورونالدو (أربع مباريات) عام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان.

وتلتقي كولومبيا في الدور ربع النهائي في الرابع من يوليو (تموز) المقبل مع البرازيل التي حجزت بطاقتها على حساب تشيلي بالفوز عليها 3 - 2 بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 1 – 1، وهو الفوز الثاني لكولومبيا على الأوروغواي في آخر تسع مباريات جمعت بينهما حتى الآن (ست هزائم وتعادل واحد).

وواصلت كولومبيا عودتها القوية إلى العرس العالمي وحققت الفوز الرابع على التوالي بعدما تصدرت المجموعة الثالثة بالعلامة الكاملة على حساب اليونان وساحل العاج واليابان.

وعادت كولومبيا إلى المسرح العالمي لأول مرة منذ 16 عاما بمشاركة خامسة بعد 1962 و1990 و1994 و1998.

وباستثناء إيطاليا 1990، عندما ضم جيلها الذهبي الحارس الأكروباتي رينيه هيغويتا، وعملاق الوسط كارلوس فالديراما، وخسرت آنذاك أمام الكاميرون في دور الـ16، لم تنجح كولومبيا في تخطي الدور الأول، إذ حققت في مشاركاتها الثلاث الأخرى انتصارين فقط وتعادلا وتلقت ست هزائم، لتضرب في النسخة الحالية بالإحصائيات عرض الحائط وتحقق لأول مرة في تاريخها أربعة انتصارات متتالية.

في المقابل، تلقت الأوروغواي حاملة اللقب عامي 1930 على أرضها و1950 في البرازيل ورابعة النسخة الأخيرة في جنوب أفريقيا عام 2010، خسارتها الثانية في البطولة بعد الأولى أمام كوستاريكا 1 - 3 في الجولة الأولى، وخرجت من الدور ثمن النهائي للمرة الثالثة في تاريخها بعد عامي 1986 في المكسيك و1990 في إيطاليا.

وخطف رودريغيز الأضواء من نجوم المونديال الكبار لدرجة أن مدرب منتخب الأوروغواي أوسكار تاباريز شبه النجم الكولومبي بأسطورة الأرجنتين دييغو مارادونا.

وقال تاباريز: «بالنسبة لي، فإن المواهب المميزة هي التي تفعل أشياء تكون غير اعتيادية». وتابع: «دييغو مارادونا، ليونيل ميسي، لويس سواريز، جيمس ردريغيز، يفعلون أشياء كهذه لأن لديهم الموهبة ليكونوا مميزين».

قد تكون إشادة مدرب أوروغواي محاولة ذكية منه لطمس أسباب خروج فريقه من الدور الثاني، لكن رودريغيز يستحق كل الإشادات ليس فقط في المباراة أمام الأوروغواي، بل في المباريات الأربع التي خاضها حتى الآن في المونديال الحالي والتي جعلته يتفوق على ميسي ونيمار، ليس فقط من ناحية الأهداف، بل أيضا في المستوى الرائع الذي ظهر فيه في المباريات الأربع حتى الآن.

وكأن رودريغيز كان على موعد مع القدر، لأنك تستطيع أن تسجل هدفا رائعا في أي مكان، لكن أن يكون مسرح أجمل هدف في مسيرة أي لاعب هو ملعب ماراكانا الشهير، فهذه لا شك نقطة مضيئة في مسيرة رودريغيز كما كانت الحال بالنسبة إلى مهاجم ليفربول ومنتخب إنجلترا السابق جون بارنز الذي سجل أيضا أجمل هدف في مسيرته على هذا الملعب الشهير.

وجاء هدف رودريغيز الذي افتتح فيه التسجيل قمة في الروعة عندما تسلم الكرة على مشارف المنطقة وظهره للمرمى، فقام بسيطرة موجهة وأطلقها بيسراه اصطدمت بالعارضة وسقطت خلف الخط، ممهدا الطريق أمام فريقه لبلوغ الدور ربع النهائي للمرة الأولى في تاريخه. وحسم رودريغيز النتيجة تماما في مصلحة فريقه بتسجيله الهدف الثاني بعد لعبة مشتركة رائعة.

اعتبر كثيرون أن غياب هداف كولومبيا الخطير راداميل فالكاو سيترك ثغرة كبيرة في خط المقدمة، بيد أن رودريغيز لم ينجح فقط في تعويض غياب فالكاو لكنه يسير نحو أن يتوج أفضل لاعب في المونديال، خصوصا في حال تخطي فريقه البرازيل يوم الجمعة المقبل في مواجهة أميركية لاتينية بحتة.

وكان رودريغيز انتقل مقابل مبلغ ضخم من بورتو البرتغال إلى موناكو الفرنسي الموسم قبل الفائت، وهو رغم صغر سنه لا يشعر بأي ضغوطات في كأس العالم أو لكون فريقه سيواجه البرازيل الدولة المضيفة. وقال في هذا الصدد: «لا وجود للضغوطات. بالطبع يتعين علينا أن نراقب مفاتيح اللعب في البرازيل جيدا لأنها تضم لاعبين جيدين وتلعب بطريقة جميلة، لكن عليها أيضا أن تأخذ حذرها منا أيضا لأننا بدورنا نملك لاعبين جيدين ونشكل خطورة».

وعندما سئل عن مقارنته بمارادونا من قبل مدرب أوروغواي قال خاميس المتواضع جدا: «كل ما أريده هو مساعدة الفريق، ألعب بمستوى عالٍ حاليا، فريقي يسجل الأهداف وأنا سعيد بذلك».

في المقابل نال منتخب الأوروغواي استحسان الجميع من جماهير ووسائل للإعلام في بلاده رغم خروجه من دور الـ16.

وعاشت جماهير العاصمة الأوروغويانية مونتفيديو التي تحظى بأكثر من نصف عدد سكان البلد الأميركي الجنوبي لحظات خروج منتخب البلاد في هدوء في ظل أجواء شديدة البرودة لجأ خلالها أغلبية المواطنين للمكوث في منازلهم.

وقالت الشبكة الإذاعية المحلية في أوروغواي عقب فشل المنتخب الوطني في التأهل لدور الثمانية من المونديال: «لقد خرجنا بشرف».في المقابل اعترف لاعبو منتخب الأوروغواي بالتأثير السلبي الذي خلفه غياب لويس سواريز زميلهم بالفريق، والذي أدى في نهاية الأمر إلى خروجهم من البطولة.

وقال دييغو جودين قائد منتخب الأوروغواي: «لقد تأثرنا كثيرا بغياب سواريز، فهو اللاعب المحوري والأكثر أهمية في الفريق». وأعرب إيخيديو أريفالو ريوس نجم خط تالوسط عن شعوره بالأسى لخروج بلاده من منافسات المونديال، كما أكد أن فريقه واجه الكثير من التحديات حتى قبل انطلاق البطولة. وأضاف: «كان علينا أن نكافح في مواجهة الجميع.. كانوا يريدون إقصاءنا منذ فترة.. عندما بدأت البطولة أرادوا أن نرحل بأي طريقة». وأشار ريوس إلى أن فريقه بذل كل ما في وسعه أمام كولومبيا إلا أنه لم يتمكن من تحقيق النجاح في النهاية. من جانبه، شدد المدافع مارتين كاسيراس على أهمية وجود سواريز مع الفريق، وقال: «إنه لاعب مهم للغاية.. هناك الكثير من الأشياء التي يصعب فهمها»، في إشارة إلى العقوبة الموقعة على لويس سواريز من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا». وتابع: «العقوبة كانت صادمة لأنها جاءت في لحظات شهدت تألقه وتألقنا جميعا».

وعاقب الفيفا سواريز بحرمانه من اللعب الدولي تسع مباريات ومن الاشتراك في أي أنشطة تتعلق بلعبة كرة القدم لمدة أربعة أشهر بسبب قيامه بعضّ جيورجيو كيلليني مدافع المنتخب الإيطالي في المرحلة الأخيرة من دور المجموعات.

ومن جانبه، أشاد ألبرتو كيسمان الصحافي الرياضي والإعلامي بشبكة أوروغواي التلفزيونية بالمنتخب الكولومبي وشدد على أحقيته في التأهل. وأضاف: «أوروغواي كانت الطرف الأضعف في المباراة التي جرت على ملعب ماراكانا، إلا أنها خرجت من المونديال مرفوعة الرأس». وأشارت صحيفة «البايس» الصادرة في العاصمة مونتفيديو إلى أن: «أوروغواي فعلت كل شيء إلا أنها لم تحقق النجاح.. المنتخب واجه فريقا كبيرا والفيفا أيضا»، في إشارة إلى العقوبة الموقعة على لويس سواريز نجم منتخب أوروغواي من قبل لجنة الانضباط في الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» بسبب قيامه بعضّ جيورجيو كيلليني مدافع المنتخب الإيطالي في المباراة الأخيرة التي جمعت بين البلدين في المرحلة الأخيرة من مباريات المجموعة الرابعة في الدور التمهيدي من المونديال. وأوضحت صحيفة «مونتفيديو»: «الهدفان اللذان أحرزهما جيمس رودريجيز حطما آمال الفريق الذي بذل كل ما في وسعه واستحق أن يسجل أهدافا، خصوصا في الشوط الثاني من المباراة».

ومن ناحية أخرى، قامت بعض الجماهير الأوروغويانية بالتعبير عن مساندتها لمنتخب بلادها عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت.