أبو ختالة يدفع ببراءته من الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي

جلسة محاكمته الأولىاستغرقت عشر دقائق

أحمد أبو ختالة المشتبه بتورطه في الهجوم على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي (شرق ليبيا) يدفع ببراءته أثناء أول مثول له أمام القضاء الأميركي في واشنطن أول من أمس (أ.ب)
TT

وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث وقف خارج مبنى المحكمة الفيدرالية رجال شرطة يحملون بنادق أوتوماتيكية، ويرتدون ملابس واقية من الرصاص، قال الليبي أحمد أبو ختالة، في أول مثول له أمام محكمة أميركية، بأنه غير مذنب. وكانت هذه الجلسة الأولى روتينية، لتسجيل اسمه، ورأيه في التهم الموجهة ضده. وستعقد الجلسة الثانية يوم الأربعاء.

في نفس الوقت، قالت وزارة العدل الأميركية، في بيان، إن أبو ختالة، الذي نقل صباح أول من أمس إلى واشنطن، قدم للمحاكمة بتهمة «التآمر لتقديم دعم مادي لإرهابيين». وأضاف البيان أن التحقيق معه مستمر، وأن الوزارة ربما ستضيف اتهامات أخرى، وتعلنها يوم الأربعاء.

تابع أبو ختالة (عمره 43 عاما) وقائع الجلسة القصيرة، التي استمرت عشر دقائق فقط، من خلال مترجم. ولم يتكلم مع محاميه، الذي عينته له المحكمة، إلا نادرا، وبصوت منخفض، ولم يكن مقيدا عندما وقف أمام القاضي جون فاشيولا.

في البداية، وجه القاضي حديثه لأبو ختالة، قائلا: «أنت تآمرت، بمعنى أنك اتفقت مع آخرين، على تقديم دعم مادي لإرهابيين. وأنت من بينهم. وأنت تعرف أن ذلك الدعم سيستخدم في قتل شخص، أو في سياق هجوم على منشأة حكومية أميركية. وأن الدعم يتضمن استخدام أسلحة نارية وأسلحة خطيرة».

وكانت الاتهامات أعدت في يوليو (تموز) عام 2013. بعد قرابة عام من الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي. لكن، لم تكشف المحكمة، أو وزارة العدل، هذه الاتهامات إلا يوم السبت. ومنها: قتل شخص في مؤسسة أميركية، وانتهاك قانون الأسلحة النارية، وإحداث أضرار جسيمة في مؤسسة دبلوماسية أميركية، وتدمير مؤسسة دبلوماسية أميركية بأسلحة لنارية.

وأحيط مبنى المحكمة الاتحادية التي تقع قرب مبنى الكونغرس بحراسة مشددة، وتم نقل أبو ختالة من مبنى المحكمة في موكب بعد الجلسة، ولم يكشف المسؤولون الأميركيون عن مكان احتجازه.

وقال تلفزيون «سي إن إن» بأن أبو ختالة نُقل من السفينة العسكرية «نيويورك» التابعة للبحرية الأميركية. وكان فيها منذ اعتقاله في 15 يونيو (حزيران) الحالي. اعتقلته قوة عمليات خاصة تابعة للقوات الأميركية المسلحة، وهي التي سلمته رسميا إلى الشرطة الأميركية الفيدرالية.

في الهجوم على بنغازي، قُتل السفير الأميركي في ليبيا، كريستوفر ستيفنز، وثلاثة أميركيين آخرون. ومنذ الهجوم، شن قادة جمهوريون هجوما عنيفا على الرئيس باراك أوباما، وعلى وزيرة الخارجية في ذلك الوقت، هيلاري كلينتون.

وبعد اعتقاله، اقترح بعض القادة الجمهوريين نقله إلى معتقل غوانتانامو. لكن، قال البيت الأبيض بأن الرئيس أوباما كان قرر أن محاكمة المشتبه بتورطهم في هجمات إرهابية، والذين يعتقلون في الخارج، يجب أن تكون أمام النظام القضائي الأميركي، وليس العسكري.

وكانت الحكومة الأميركية بررت اعتقال أبو ختالة أمام مجلس الأمن الدولي. وقالت: إنها متأكدة بأنه «شخصية أساسية» في الهجوم. وإنه «لا يزال يعد هجمات مسلحة ضد الأميركيين».

في الجانب الآخر، كانت حكومة ليبيا أدانت اعتقاله. ووصفت الاعتقال بأنه «إساءة مؤسفة» لسيادة ليبيا.

مباشرة بعد الهجوم، قال بيان للخارجية الأميركية بأنه بسبب نشر شريط فيديو مناهض للإسلام في موقع «يوتيوب» وأن الذين اشتركوا في المظاهرة ضد الفيديو، والتي سبقت الهجوم في بنغازي، لم يخططوا مسبقا للهجوم. وأن الهجوم جاء عرضا. لكن، في وقت لاحق، اعترفت الخارجية الأميركية بخطأ هذا التفسير. ومثل تورط هيلاري كلينتون في النقاش بسبب تفسيرات ثبت بأنها لم تكن صحيحة، تورطت سوزان رايس، التي كانت سفيرة في الأمم المتحدة. وكان ذلك من أسباب عدم اختيارها وزيرة للخارجية في رئاسة أوباما الثانية. وتحويلها إلى المنصب الحالي: مستشارة الأمن الوطني للرئيس أوباما.

منذ ذلك الوقت، زودت الحكومة الأميركية الكونغرس بآلاف الصفحات من الوثائق الداخلية، لكن، يظل الجمهوريون غير مقتنعين بأن إدارة أوباما كشفت كل شيء.

وفي مذكراتها التي نشرتها في بداية هذا الشهر، نددت هيلاري كلينتون «بالذين يستخدمون هذه المأساة دون هوادة لأغراض سياسية».

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت، في عام 2012 تقريرا عن أبو ختالة. وأنه لم يكن مختفيا في ليبيا، وكان من قادة العمل الإسلامي هناك. ووصفته بأنه «غريب الأطوار وساخط». وأن رفاقا إسلاميين يرونه شخصا «معزولا ومتناقضا». بل «غير مستقر عقليا». ووصفه سجين رافقه في سجن أبو سليم، قبيل سقوط الرئيس معمر القذافي، بأنه «مخلص لكنه متغطرس».

وفي أول انتخابات بعد سقوط القذافي، فاز أبو ختالة بمقعد في البرلمان. وكان أبو ختالة قال، في أحد تسجيلاته القديمة، إنه «يضع الولايات المتحدة على قائمته للأعداء الكافرين». وأن الولايات المتحدة «ليست في مرتبة بعيدة عن العقيد معمر القذافي».

واتهم بعض رفاقه من الإسلاميين بأنهم «لا يلتزمون التزاما كافيا بحكم الإسلام». وتحدث كثيرا عما يراها «حربا لا ترحم بين الإسلام والمسيحية». وعن إعجابه بتنظيم القاعدة، لكنه أنكر أي ارتباط به.

وساءت سمعة أبو ختالة عام 2011. بعد الربط بينه وبين مقتل اللواء عبد الفتاح يونس، وزير داخلية القذافي، والذي كان انشق وانضم إلى المعارضة المسلحة.

وبعد الهجوم على القنصلية الأميركية، أخبر أبو ختالة وكالة أخبار «أسوشييتد برس» أنه كان في بنغازي أثناء الهجوم. لكنه لم يشترك فيه. وأن الشرطة الليبية لم تستجوبه وقتها. وكرر براءته بعد أن اعتقلت القوات الأميركية أبو أنس الليبي، بتهمة عضويته لتنظيم القاعدة والتورط في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في تنزانيا وكينيا عام 1998.