«هيئة السياحة»: الآثار الغارقة ملك للدولة.. وآلية جديدة لحمايتها

تنسيق مع الجهات ذات العلاقة بالمناطق البحرية

TT

شهد قطاع التراث الوطني بالسعودية نقلة جديدة، من خلال سن أنظمة وضوابط تسهم في حماية الآثار والتراث والتحفيز على تنميته واستثماره، إثر اعتماد مجلس الوزراء نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني الجديد، في جلسته التي عقدها الأسبوع الماضي.

وأقر نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني الجديد، عددا من التنظيمات المتطورة لحماية التراث الوطني وتنميته، متضمنة الفصل الثالث من النظام الجديد الذي يعنى بتنظيم أحكام الآثار الغارقة، الذي أقر ملكيتها للدولة، الأمر الذي دعا الهيئة العامة للسياحة والآثار إلى الإعلان، أمس، عن وجود تنسيق مباشر مع عدد من الجهات ذات العلاقة بالمناطق البحرية لوضع آلية تكفل حماية الآثار الغارقة ضمن حدوده البحرية.

وأوضح الدكتور فيصل الفاضل مدير عام الإدارة القانونية بالهيئة العامة للسياحة والآثار، أن النظام الجديد اشتمل على عشرة فصول، تضمنت أربعا وتسعين مادة، وأن الفصل الثالث من النظام احتوى على عدد من الأحكام المتعلقة بالآثار الغارقة.

وأكد مدير عام الإدارة القانونية بالهيئة العامة للسياحة والآثار، عددا من التعريفات المهمة والمستعملة بالنظام، مبينا أن الفصل الثالث من النظام يتعلق بأحكام الآثار الغارقة على وجه التحديد، الأمر الذي يكفل الوصول إلى آلية تحمي الآثار الغارقة في البحار، وذلك بعد أن أُقرّ بأنها ملك للدولة ولا يسمح لأي كان المساس بها.

ويمثل التراث الثقافي المغمور بالمياه، جميع آثار الوجود الإنساني التي تتسم بطابع ثقافي وتاريخي أو أثري، التي ظلت مغمورة بالمياه جزئيا أو كليا، مثل المواقع والهياكل والمباني والسفن والمصنوعات والرفات البشرية التي تنتمي إلى عصر ما قبل التاريخ وفق سياقها الأثري والطبيعي.

وتأتي أهمية التراث الثقافي المغمور بالمياه، باعتباره جزءا لا يتجزأ من التراث الثقافي للبشرية، وعنصرا بالغ الأهمية في تاريخ الشعوب والأمم وتاريخ العلاقات فيما بينها بخصوص تراثها المشترك، في الوقت الذي توجد فيه ثروات هائلة من التراث الثقافي المغمورة بالمياه في أماكن مختلفة من العالم، إذ يقدر عدد السفن الغارقة غير المكتشفة بما يزيد على ثلاثة ملايين سفينة متناثرة في قيعان المحيطات، في الوقت الذي شهدت فيه التقنية تقدما سريعا ساعد على الوصول إلى قيعان البحار واستغلال محتوياتها.

وتحتل السعودية مساحة تقدر بنحو مليوني كيلومتر مربع، تغطي نحو 70 في المائة من مساحة شبه الجزيرة العربية، البالغة 2.8 مليون كيلومتر مربع، وهي تطل على الخليج العربي من الشرق، والبحر الأحمر من الغرب؛ إذ يبلغ طول شواطئها الساحلية 3800 كيلومتر، منها 2600 كيلومتر على البحر الأحمر و1200 كيلومتر على الخليج العربي، ويضم خليج العقبة والبحر الأحمر 1150 جزيرة، في حين يضم الخليج العربي 135 جزيرة.

وكانت سواحل المملكة الشرقية والغربية مسارات طرق التجارة البحرية القديمة، ومن المؤكد أنها لا تخلو من حطام السفن الغارقة، وعناصر مختلفة من التراث الثقافي المغمور بالمياه، وتقع على تلك السواحل الكثير من المراسي والمرافئ القديمة التي أدت دورا مهما في مجال التجارة لعصور مختلفة، وتشتمل آثارها على أجزاء غارقة في المياه.

يشار إلى أن المشروع الذي عرج على مجلس الشورى السعودي لفترة طويلة، شهدا سجالا واسعا وتعديلات متعددة ليخرج بصيغة نهائية أقرت من المجلس، لتشق طريقها إلى مجلس الوزراء (المجلس التنفيذي في البلاد).

وكان الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار عد موافقة مجلس الوزراء على نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني، تأكيدا على اهتمام الدولة بذلك، وإبراز ما تمثله من بُعد حضاري للمملكة، كما يعد إنجازا جديدا في هذا المجال، مؤكدا أن إقرار هذا النظام جاء بعد موافقة مجلس الوزراء على «مشروع الملك عبد الله للعناية بالتراث الحضاري»، وليكون جزءا من تنظيم قطاعات الآثار والمتاحف والتراث العمراني وتطويرها في هذه المرحلة المهمة، وتتويجا للتحول الكبير في هذه المسارات من خلال التوسع في عمليات التنقيب الأثري، ومشاريع التراث العمراني، ومنظومة المتاحف الجديدة وغيرها من المشاريع.

وزاد: «النظام يعطي الدلالة الواضحة على اهتمام الدولة واستشعارها بأهمية هذه المجالات التي تشكل عنصرا أساسيا في الهوية الوطنية والتركيبة الثقافية للمملكة، وموردا اقتصاديا لا ينضب، ويواكب تزايد اهتمام المواطنين بتراثهم الوطني والمحلي وتنامي الفرص الاستثمارية في هذا المجال الحيوي الجديد».