ميسي «المتألق» يحمل آمال منتخب الأرجنتين وجماهيره لعبور عقبة سويسرا اليوم

أفضل لاعب في العالم أربع مرات تخلص من شبح المقارنة مع مارادونا.. وعازم على التأهل لربع النهائي وتحقيق حلمه المونديالي

الحارس السويسري بيناليو (أ.ف.ب) - ميسي يستعرض بالكرة بجوار هيغواين ولافيتزي خلال تدريب الأرجنتين لمواجهة سويسرا (أ.ب) - شاكيري نجم سويسرا الذي تعقد عليه الآمال في مواجهة الأرجنتين (أ.ف.ب)
TT

تحلم سويسرا أن تكون مواجهتها مع العملاق الأرجنتيني في الدور الثاني لمونديال البرازيل 2014 لكرة القدم اليوم في ساو باولو أكثر من مجرد مكافأة على تأهلها وفرصة لمقارعة نجم منتخب التانغو ليونيل ميسي.

على الورق، تبدو الأرجنتين حاملة لقبي 1978 و1986 مرشحة لتخطي سويسرا نظرا لامتلاكها ترسانة هجومية يتقدمها ميسي هداف برشلونة الإسباني وأفضل لاعب في العالم أربع مرات بين 2009 و2012، لكن مجرد إلقاء نظرة على تصنيف الاتحاد الدولي الأخير يتبين أن الفريق السويسري يقف مركزا واحدا فقط خلف الأرجنتين الخامسة.

وتعول الأرجنتين على ميسي لمنحها ثالث ألقابها من أرض غريمتها البرازيل، فبعد رحلتين فاشلتين (هدف في 2006 وصفر في 2010) للنجم الملقب بالبعوضة ومطاردة شبح المقارنة مع مواطنه مارادونا، تحرر المراوغ الفذ ولعب دور المنقذ في كل مباراة بالمونديال الحالي مسجلا هدف الفوز على البوسنة والهرسك (2 - 1)، ثم تسديدة رائعة في مباراة إيران منحت الفوز في الوقت القاتل (1 - صفر)، قبل أن يضيف ثنائية في الفوز الأخير على نيجيريا 3 - 2، فدخل سباق المنافسة على صدارة الهدافين بأربعة أهداف، إلى جانب البرازيلي نيمار والألماني توماس مولر وبفارق هدف واحد خلف الكولومبي جيمس رودريغيز المتصدر.

ويبدو أن الأرجنتين قد وجدت الموقع المناسب لميسي الذي وصفه مدرب نيجيريا ستيفن كيشي بالقادم من كوكب آخر، فأصبح رجال المدرب إليخاندرو سابيلا يطبقون الخطة على مقاس العبقري، وظهر ارتياحه بمركزه الذي يشبه تحركه في برشلونة من خلال نجاعة أوصلته إلى الشباك في كل مرة.

المقارنة المستمرة مع مارادونا لا تؤرق ميسي بل على العكس، يبدو أنه تخلص من هذه التركة الثقيلة ليتحول إلى قائد حقيقي للمنتخب الأرجنتيني.

وأمام معاناة الأرجنتين في فرض أسلوب لعبها الجماعي، فإن عبء المسؤولية ملقى على عاتق أفضل لاعب في العالم أربع مرات والذي يبدو هذه المرة أكثر تصميما لتحقيق حلمه «المونديالي» رغم كل الصعاب. لم تكن انتصارات الأرجنتين تتوقف على ميسي في السابق أكثر مما هي عليه الآن، فحتى عشية مواجهة سويسرا في الدور ثمن النهائي، تدين الأرجنتين بتأهلها إلى «عبقري» برشلونة الذي سجل أهدافا حاسمة في لحظات قاتلة.

في المقابل، بدأت سويسرا رحلتها بتحقيق فوز بشق النفس على الإكوادور 2 - 1، قبل أن تصفعها فرنسا بخماسية كادت تودي بها خارج المونديال (5 - 2)، قبل أن يشد لاعبو المدرب الألماني الخبير أوتمار هيتسفيلد أوتارهم الكروية ويبلغوا دور الـ16 للمرة الثالثة في آخر أربع مشاركات بثلاثية على هندوراس حملت توقيع نجمهم الجديد جيردان شاكيري. وتبحث سويسرا عن الوصول إلى ربع النهائي لأول مرة منذ 1954 عندما استقبلت البطولة على أرضها وخسرت المباراة الشهيرة أمام النمسا 5 - 7. ويبدو ميسي مرتاحا رغم القيود المفروضة عليه على المستطيل الأخضر، حيث يؤمن له فرناندو غاغو حماية نفسية في خط الوسط، ويستغل أنخل دي ماريا، غريمه في ريال مدريد وزميله مع المنتخب، أي ثغرة دفاعية ناتجة عن رقابة ميسي ليشكل ضغطا هائلا على مرمى الخصم. لكن ميسي سيفتقد في مباراة سويسرا صديقه المهاجم سيرخيو أغويرو الذي أعلن طبيب المنتخب دانيال مارتينيز الخميس غيابه عن المواجهة بسبب «مشكلة عضلية بسيطة». في موازاة الاسم الكبير لميسي وآمال شعب «التانغو» على كتفيه للوقوف في وجه قوة البرازيل العظمى حاملة اللقب خمس مرات، تمتلك سويسرا نجما على قدر طموحاتها، إذ نجح شاكيري المولود في كوسوفو في إيصال صوته بثلاثية دامغة في مرمى هندوراس.

ولم يكن شاكيري لاعبا أساسيا في الموسم الماضي مع بايرن ميونيخ بطل ألمانيا، لكن ابن الثانية والعشرين الذي يشكل ثنائيا هجوميا مع يوسيب درميتش، يعلم أن الضغوط لن تكون ملقاة على فريقه، ويريد ثاني أشهر رياضي في البلاد بعد بطل التنس روجيه فيدرر والذي تتناقل الصحف البريطانية اسمه للتوجه إلى ليفربول، أن يترك بصمة في دفاع أرجنتيني اهتز ثلاث مرات في الدور الأول.

وأجرى هيتسفيلد (65 عاما) تغييرا جذريا في دفاعه بعد الخسارة المؤلمة أمام فرنسا، فدفع بفابيان شار بدلا من فيليب سنديروس المتذبذب مستواه ليقدم الفريق أداء دفاعيا ناجعا حرم الهندوراسيين من الوصول إلى المرمى. ويتوقع أن يشارك شار مجددا في التشكيلة الأساسية بعد إصابة ستيفن فون برغن وابتعاده حتى نهاية المسابقة.

وتخوف السويسريون من مستوى الحارس دييغو بيناليو الذي يتحمل مسؤولية هدفين في مباراة فرنسا رغم صده ركلة جزاء، ولم يبد مرتاحا أيضا في مواجهة هندوراس، لذا سيكون الاستحقاق الأرجنتيني مع مهاجمين من طراز ميسي وغونزالو هيغواين ودي ماريا. ولا يقف التاريخ إلى جانب سويسرا في مواجهاتها مع الأرجنتين الفائزة أربع مرات مقابل تعادلين، وكانت الوحيدة في كأس العالم عام 1966 عندما فازت الأرجنتين 2 - صفر في الدور الأول. وفي آخر مواجهة، فازت الأرجنتين 3 - 1 في برن عام 2012 عندما سجل ميسي هدفين متأخرين ليحقق الثلاثية الأولى له مع المنتخب الوطني.

ويتذكر بيناليو (60 مباراة دولية) جيدا المباراتين الأخيرتين بقوله: «كانت مباراتان متشابهتان كثيرا، في المباراة الثانية كانت التعادل 1 - 1 لفترة طويلة. كانت هناك فرص قليلة ومن المهم أن نقدم العرض ذاته. يجب أن نثق في قدراتنا، كرة القدم تحفل بالمفاجآت ويجب أن نؤمن بحظوظنا».

وعلق بيناليو على مواجهة ميسي بقوله: «سنجهز أنفسنا لمواجهة ميسي وباقي اللاعبين، لكنه بالطبع يملك النوعية التي تقرر مصير المباريات. سيكون صعبا إيقافه، لكنه ليس الوحيد الخطير في فريقه ومشاهدته كثيرا تساعدنا على كيفية إيقافه».

وأضاف بيناليو (30 عاما) حارس فولسبورغ الألماني أن سويسرا بحاجة «لجهود استثنائية» كي تتخطى الأرجنتين وقال: «في آخر مواجهتين، حصلنا على الفرص ويجب أن نثق بقدراتنا. بالطبع نريد كتابة التاريخ».

ورأى بيناليو أن أكثرية الجماهير ستكون إلى جانب بلد الثمانية ملايين نسمة نظرا إلى الحساسية بين الأرجنتين والبرازيل وقال: «نشعر بدعم كبير هنا، جميع البرازيليين الذين التقينا بهم يتحدثون عن مباراة الأرجنتين. نشعر بهذه الخصومة القوية وآمل أن يقف البرازيليون إلى جانبنا. بالطبع سيحضر الجمهور الأرجنتيني، لكن جمهورنا مع البرازيليين سيجعل من مباراة ساوباولو كأنها على أرضنا وهذا أمر رائع».

كانت سويسرا الفريق الوحيد الذي أسقط إسبانيا البطلة (1 - صفر) في جنوب أفريقيا 2010، لكنها فشلت في التأهل بخسارتها أمام تشيلي (صفر - 1) وتعادلها مع هندوراس سلبا. كانت ضربة قاسية بعد إنجاز ألمانيا 2006 تحت إشراف كوبي كون، عندما تصدرت مجموعتها على حساب فرنسا وكوريا الجنوبية وتوغو، قبل أن تسقط في الدور الثاني بركلات الترجيح أمام أوكرانيا من دون تلقي أي هدف!.

في المقابل، ضمت الأرجنتين في العقدين الماضيين نجوما من العيار الثقيل فتكوا بدفاعات الأندية الأوروبية، لكنها صائمة عن اللقب العالمي منذ منحها «الولد الذهبي» دييغو مارادونا لقب مونديال المكسيك 1986 للمرة الثانية في تاريخها بعد 1978 على أرضها.

وتخوض الأرجنتين مونديالها السادس عشر من أصل 20 نسخة، وإلى جانب لقبيها بلغت النهائي في النسخة الأولى عام 1930 عندما خسرت أمام الأوروغواي المضيفة و1990 عندما أبكت ركلة جزاء الألماني أندرياس بريمه الأسطورة مارادونا وكانت بداية نهايته الكروية. وبحال تخطي الأرجنتين خصمتها ينتظرها في ربع النهائي الفائز من مواجهة بلجيكا بطلة المجموعة الثامنة بثلاثة انتصارات أو الولايات المتحدة وصيفة السابعة، لتتكرر المقارنات مجددا بحال لقاء بلجيكا، فقبل 28 عاما قاد مارادونا بمفرده تقريبا الأرجنتين لتخطي بلجيكا في نصف النهائي وقبلها إنجلترا في ربع النهائي ثم أجهز على ألمانيا الغربية 3 - 2 في النهائي وختم بطولة سجل فيها خمسة أهداف. ورحب فابيان شار (22 عاما) مدافع بازل الذي سيقف في وجه ميسي بترشيح الأرجنتين للفوز باللقاء وقال: «لقد حققنا هدفنا ويمكننا الآن اللعب من دون ضغوط. لا شك بأننا غير مرشحين ونريد استغلال هذه الفرصة». أما شاكيري المنتعش من ثلاثيته الأخيرة وصاحب التوغلات الحاذقة والتسديدات القوية من داخل وخارج المنطقة فقال: «هذا حلم بالنسبة لنا، سويسرا الصغيرة ستكون أمام امتحان رائع». لكن رئيس الاتحاد السويسري بيتر جيليرون اعتبر أن بلاده تملك كل الإمكانات للفوز على الأرجنتين، وقال: «أنا واثق أنه أمام الأرجنتين يمكننا التفوق إذا لعبنا بنفس روح مباراة هندوراس».