مقتل ضابطين وإصابة 13 شرطيا بانفجار عبوتين بدائيتين في محيط القصر الرئاسي

جدل حول بيان لـ«أجناد مصر» نشر قبل أيام وحذر من وجود القنابل

عمليات تمشيط باستخدام الكلاب المدربة بحثا عن متفجرات في محيط قصر الاتحادية بعد انفجار عبوتين ادت الى مقتل ضابطين وإصابة 13 شرطيا آخرين امس « رويترز «
TT

قتل ضابطا شرطة مصريان وأصيب 13 آخرون في انفجار عبوتين ناسفتين بدائيتي الصنع وضعتا في محيط قصر الاتحادية الرئاسي، بينما عثر على قنبلتين أخريين وأبطل مفعولهما، وسط جدل حول بيان مزعوم لتنظيم «أجناد مصر» الإسلامي المتشدد حذر فيه المواطنين قبل أيام من قنابل زرعها في محيط القصر. ورفض اللواء فؤاد علام وكيل أمن الدولة الأسبق انتقادات وجهت للأجهزة الأمنية وعدّت زرع متفجرات في محيط القصر الرئاسي تقصيرا فادحا، وقال علام لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتحادية ليست مقر الحكم في البلاد». واستخدم قصر الاتحادية خلال السنتين الماضيتين مقرا للحكم في مصر، واستقبل الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي ملوك ورؤساء الدول التي شاركت في حفل تنصيبه داخل القصر الذي يقع شرق القاهرة.

وعدّ مراقبون ونشطاء زرع قنابل في محيط القصر الرئاسي اختراقا أمنيا فادحا، في ظل التهديدات الأمنية المعرض لها الرئيس السيسي الذي جرى تنصيبه الشهر الماضي.

وقال السيسي خلال فترة الدعاية الانتخابية الشهر قبل الماضي إنه تعرض لمحاولتي اغتيال خلال الفترة التي تلت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.

وقال مصدر أمني إن العقيد أحمد عشماوي قتل صباح أمس (الاثنين) إثر انفجار عبوة ناسفة بدائية الصنع كان يعمل على إبطالها، كانت زرعت في الحديقة الوسطى لشارع الأهرام بمصر الجديدة أمام سور قصر الاتحادية.

وقالت مصادر أمنية إن حراسة القصر تشككت في جسمين غريبين، فهرع خبراء المفرقعات إلى الموقع، حيث انفجرت القنبلة الأولى وأودت بحياة العقيد عشماوي، وأدت إلى إصابة أربعة آخرين، ثم انفجرت قنبلة ثانية قرب البوابة الثامنة للقصر وأودت بحياة المقدم محمد لطفي، وأصابت ستة مجندين آخرين.

وفرضت القوات الأمنية طوقا أمنيا في محيط القصر الرئاسي، كما بث التلفزيون الرسمي صورا لوصول رتل من القوات الخاصة إلى موقع الانفجارين. وانتقل فريق من النيابة العامة لمعاينة الموقع، وسؤال المصابين.

وقالت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية إن مصدرا أمنيا رفيعا بوزارة الداخلية أكد حدوث «انفجار عبوة ثالثة محلية الصنع كانت مزروعة بالجزيرة الوسطى بشارع الأهرام بمصر الجديدة»، وأشار المصدر إلى أن الانفجار الثالث لم يسفر عن أي إصابات أو خسائر في الأرواح.

وتفجر جدل آخر على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن تداول نشطاء بيانا أصدره تنظيم «أجناد مصر» الإسلامي المتشدد يكشف فيه تفاصيل عملية ألغيت منتصف الشهر الماضي، وحذر البيان الذي نشره التنظيم على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» الجمعة الماضي، من وجود قنابل قرب نهر الطريق.

وقال تنظيم «أجناد مصر» الذي سبق أن أعلن مسؤوليته عن عدة عمليات استهدف فيها جنودا ضباط من الشرطة، إن سرية تابعة له «قد تمكنت من اختراق قصر الاتحادية الرئاسي في 18 يونيو (حزيران) الجاري، وفخخت مكان اجتماع قيادات للأجهزة المسؤولة عن تأمين القصر، كما زرعت عدة عبوات ناسفة بمحيط القصر لاستهداف القوات القادمة على أثر التفجير الأول».

وبرر «أجناد مصر» تراجعه عن تنفيذ عمليته إلى «وجود عدة أفراد بزي مدني قرب مكان العبوة الرئيسية، ولم يتسن لنا التأكد من انتسابهم للأجهزة الإجرامية، وخوفا من وصول الشظايا إليهم جرى وقف التنفيذ والإلغاء الكامل للعملية». وأضاف بيان «أجناد مصر»: «بعد عشر ساعات لاحظ حراس القصر العبوة الناسفة، وأغلقوا محيط القصر والميادين المجاورة، وقاموا بتمشيط المنطقة لعدة ساعات، وبدأ الخبر ينتشر، وسرعان ما حاولت الأجهزة الإجرامية التكتم على هذا الاختراق ونفيه، وخرج في الأنباء تصريح منسوب لمصدر أمني ينفي العثور على أي قنابل، زاعما أن قصر الاتحادية على أعلى درجة من التأمين، ولا يمكن الوصول إليه».

وقال البيان إن عناصر تنظيم «أجناد مصر» اكتشفوا «وجود عبوات لم تكتشفها قوات الأمن بعد مرور أكثر من أسبوع، وتبين لنا أن أغلب العبوات لم تكتشف، ولم نتمكن من سحبها لأسباب أمنية، ورغم أن العبوات مؤمنة بحيث لا تصيب المارة، إلا أنه وزيادة في الاحتياط ننبه المارة إلى جهة من الجهات الملغمة بتلك العبوات نظرا لقربها من الطريق بعض الشيء، حيث توجد عبوتان ناسفتان في الزراعات الموجودة بزاوية القصر عند المدخل إلى شارع الأهرام من طريق الميرغني».

ورفض اللواء فؤاد علام الوكيل السابق بجهاز أمن الدولة (الاسم السابق لجهاز الأمن الوطني) القول بأن انفجارات أمس اختراق أمني، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «قصر الاتحادية ليس مقر الحكم في مصر».

وتابع اللواء علام قائلا: «لا تملك أي دولة في العالم، مهما بلغت قدراتها الأمنية إحكام سيطرتها على المجموعات الإرهابية، لا يمكن اعتبار ما حدث اختراقا أمنيا، بل يمكن أن نقول إن الأجهزة الأمنية نجحت في تحقيق ضربات استباقية للتنظيمات الإرهابية ناجحة ومؤثرة خلال الفترة الماضية».

وأعرب علام عن اعتقاده بأن البيان المنسوب إلى تنظيم «أجناد مصر» بيان «مفبرك، ونشر عقب التفجيرات»، لافتا إلى أن «ما يجري حاليا هي حرب أعصاب وتأثير على معنويات المواطنين، لكن الأمن يقوم بدوره ويتحسب لكل الاحتمالات».

لكن مصادر أمنية قالت إن عددا من الجهات داخل وزارة الداخلية وعلى رأسها قطاع الأمن الوطني، وإدارتا التوثيق والمعلومات، ومكافحة جرائم الإنترنت، اتخذت إجراءات عاجلة لكشف ملابسات تفجيرات محيط قصر الاتحادية، وملاحقة المتورطين فيها، وجمع معلومات موثقة عن الحادث الإرهابي.

وقالت المصادر إن إدارة مكافحة جرائم الإنترنت، بادرت باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعقب مصدر نشر بيان ما يسمى تنظيم «أجناد مصر» الإرهابي الذي حذر من وقوع التفجيرات قبل حدوثها بثلاثة أيام. وأشارت المصادر إلى أن حالة طوارئ تسود أروقة إدارتي التوثيق والمعلومات، ومكافحة جرائم الإنترنت، لاتخاذ إجراءات عاجلة لتعقب مصدر البيان.

وأثار الحادث الذي تزامن مع ذكرى مرور عام على ثورة 30 يونيو (حزيران) التي أنهت عاما من حكم جماعة الإخوان المسلمين، غضبا واسعا في البلاد، وأدان جلال سعيد محافظ القاهرة حادث الانفجار، وقال إن «الأعمال الإجرامية التي تتم مع بداية الشهر الكريم هي أعمال تنم عن خسة مرتكبيها واستهانتهم بأرواح المواطنين، وأنها مجرد محاولات يائسة فاشلة لن تنال من عزيمة المواطن أو الدولة المصرية القوية في استكمال انطلاقتهم نحو النهوض بالوطن».

وأدانت «منظمة الشعوب والبرلمانات العربية» برئاسة الدكتور عبد العزيز عبد الله، الحادث الإرهابي بمحيط قصر الاتحادية، وأكدت المنظمة في بيان لها أمس «تضامنها ووقوفها بجانب الشعب المصري حتى يتخلص من هذه الفئة الإرهابية الضالة التي لم تراع شهر الصيام الفضيل وراحت تقتل وتغتال النفس البريئة التي حرم الله قتلها إلا بالحق».

وشهدت مصر خلال الأيام الماضية ازدياد وتيرة الأعمال الإرهابية، ووقعت سلسلة تفجيرات في محطات للمترو الأربعاء الماضي، كما جرى تفجير مركز اتصالات غرب القاهرة، وقتل أربعة جنود أمن مركزي في سيناء السبت الماضي.