ترجيحات بمزيد من العنف والتوسع الجغرافي بعد إعلان «الدولة الإسلامية» الخلافة

الظواهري أبرز المتضررين منها.. وسيجد نفسه «مضطرا» إلى مبايعة تلميذه البغدادي

TT

يتجه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام بعد إعلانه دولة الخلافة أول من أمس، إلى توسيع نطاق سيطرته الجغرافية وتصفية خصومه من التنظيمات الجهادية المشابهة، تمهيدا لتثبيت أركان دولته التي يعتزم توسيع حدودها الجغرافية بما يتخطى العراق وسوريا، في وقت يرجح فيه محللون وخبراء أن يكون أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة العالمي، أبرز المتضررين من مخطط الدولة بعد أن بات أبو بكر البغدادي «إماما وخليفة للمسلمين في كل مكان»، وجميع القادة الجهاديين في العالم مطالبون بمبايعته.

وكانت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ألغت التعامل باسمها، أول من أمس، معلنة «قيام الخلافة الإسلامية»؛ إذ أشار المتحدث باسمها أبو محمد العدناني في تسجيل صوتي إلى أن الدولة الإسلامية «ممثلة بأهل الحل والعقد فيها من الأعيان والقادة والأمراء ومجلس الشورى قررت إعلان قيام الخلافة الإسلامية وتنصيب خليفة دولة المسلمين ومبايعة الشيخ المجاهد أبو بكر البغدادي، فقبل البيعة وصار بذلك إماما وخليفة للمسلمين في كل مكان».

وجاء إعلان التنظيم لدولة الخلافة بعد سيطرته على مساحات جغرافية واسعة تمتد من مدينة الباب في ريف حلب (شرق سوريا)، وتصل إلى محافظة ديالى (شرق العراق قرب الحدود الإيرانية).

ويرجح المحلل العسكري السوري عبد الناصر العايد لـ«الشرق الأوسط» أن «يتوسع النطاق الجغرافي للتنظيم ليشمل بلدانا مجاورة مثل تركيا والأردن ولبنان، إضافة إلى الأراضي المحتلة»، موضحا أن «البغدادي يعدّ من الجيل الثالث لتنظيم القاعدة الذي يتبع استراتيجية ضم الأقاليم، وهذا ما قد يسبب نموا (انفجاريا) له خلال المرحلة المقبلة».

ويؤيد عضو الائتلاف المعارض والخبير في الجماعات الجهادية عبد الرحمن الحاج في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» امتلاك «الدولة» طموحا بالتوسع نحو جميع بلدان حوض الشام، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أنه «لا قدرة لها على التمدد في المدن الحضرية»، جازما أن «مناطق نفوذه ستنحصر في المدن ذات الطبيعة القبلية التي تنسجم مع آليات عمل التنظيم وتساعده على الانتشار».

وبحسب الحاج، فإن «مرحلة إعلان الخلافة لن تختلف بشكل جوهري عما سبقها، لأن التنظيم كان يتصرف منذ نشوئه على أساس أنه دولة مكتملة الأركان»، في حين يلفت العايد إلى أن «المرحلة المقبلة بالنسبة للتنظيم ستتركز على بناء شبكة من الخدمات في مناطق سيطرته، لكسب ودّ السكان المحليين عبر تأمين الكهرباء والمياه وتوفير الأمن»، موضحا أن «الأولوية ستكون لتكريس مظاهر الدولة».

هذا التوجه لن يخفف من منسوب العنف لدى عناصر «الدولة»، وفق ما يؤكده الحاج، لافتا إلى أنهم «سيمارسون عنفا أشد إجراما تجاه المدنيين والتنظيمات الأخرى»، مبينا أن «كلمة العدناني (المتحدث باسم الدولة) شرّعت العنف تجاه الخصوم وفتحت المجال لتصعيده نحو الذروة».

وكان المتحدث باسم «الدولة» توجه في تسجيل إعلان الخلافة إلى الجماعات الإسلامية والجهادية بالقول: «إننا والله لا نجد لكم عذرا شرعيا في التخلف عن نصرة هذه الدولة. واليوم يخسأ الروافض والصحوات والمرتدون. اليوم ترتعب أمم الكفر في الغرب هلعا، ها هو الحلم صار حقيقة».

وتعد «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم القاعدة المنافس الأبرز لـ«الدولة» على الساحة الجهادية، لا سيما في سوريا، إلا أن العايد يؤكد أن هذه «الجبهة في طريقها إلى التفكك والانهيار بعد أن باتت (الدولة) القوة الأكثر نفوذا على الصعيد الجهادي».

وبعد إعلان الدولة «الخلافة» وتنصيب زعيمها «خليفة على كافة المسلمين» ينتقل الصراع تلقائيا بينها وبين «القاعدة» من المستوى العسكري إلى ما هو شرعي، إذ يرى الحاج أن «أبرز المتضررين من إعلان الخلافة هو زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري الذي يجد نفسه مدعوًّا إلى مبايعة تلميذه (البغدادي)»، موضحا أن «الخلافة تعني أن يبايع كل المسلمين في العالم خليفة واحدا، ما يعني أن البغدادي بات أكثر أهمية من الظواهري ومن جميع قادة التنظيمات الجهادية في العالم».

ويرى العايد تفوق البغدادي على الظواهري «أمرا ميدانيا واقعا، فالأول يملك سلطة على مساحة جغرافية واحدة لا يحظى الثاني بعشرة في المائة منها»، موضحا أن هذا التفوق «سيجعل البغدادي محط أنظار الجهاديين في العالم الذين سيتوافدون للقتال تحت قيادته، لا سيما أن الإنجازات الكبرى غالبا ما تؤثر بالرأي العام، فكيف إذا كانت من مستوى إعلان دولة؟».