«داعش» تبيع النفط بأسعار زهيدة عبر صهاريج لدول مجاورة وتتسلم المبالغ نقدا

تركيا والنظام «أكثر المستفيدين» وروسيا تتجه لمجلس الأمن لمنع الاتجار به

TT

يعتمد تنظيم «الدولة الإسلامية» على تجارة النفط بالمناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق، بهدف تمويل نشاطاته العسكرية، في ظل اتهامات متبادلة حول الجهة التي تشتري النفط من التنظيم المتشدد.

وفي حين دعت روسيا مجلس الأمن إلى تبني إعلان يوصي بمنع «مجموعات إرهابية في سوريا» مثل «داعش» و«جبهة النصرة» من بيع النفط، أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن بلاده تمتلك أدلة على أن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» استولى على النفط وباعه إلى النظام السوري.

ومن المرجح أن يزيد تنظيم «الدولة» اعتماده على النفط مصدرا ماليا أساسيا لتمويل عملياته العسكرية والمدنية، بعد إعلانه قبل أيام دولة «الخلافة» التي تمتد من شرق حلب في سوريا وصولا إلى ديالى، شرق العراق؛ إذ سيكون التنظيم بحاجة إلى أموال إضافية لتوسيع شبكة الخدمات التي يقدمها للسكان المحليين.

وغالبا ما يستخدم التنظيم تجار النفط الموجودين في المنطقة الشرقية في سوريا وكلاء لإبرام صفقات البيع، بحسب ما يؤكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، نافيا «وجود أي اتصال مباشر بين (داعش) والجهات المعنية بالشراء».

ويعتقد أن تركيا، الدولة المجاورة لسوريا، الأكثر استفادة من تجارة النفط التي يمارسها تنظيم «الدولة»؛ إذ تشتري كميات كبيرة منه بـ«أسعار رخيصة». ويوضح عبد الرحمن أن «إنتاج ست مصافي نفط في محافظة الرقة الخاضعة لسيطرة تنظيم (الدولة) يجري بيعه إلى تركيا عبر وسطاء محليين».

ويوضح عبد الرحمن آلية بيع النفط بالقول إنه ينقل عبر صهاريج، تملكها «الدولة» أو الكتائب المقاتلة الأخرى التي تسيطر على آبار النفط، إلى الدول المجاورة. ويضيف أن إنجاز الصفقات يجري بين سماسرة وتجار نفط على جانبي الحدود وداخل سوريا، وأنه لا تواصل مباشرا بين الكتائب التي تحكم سيطرتها على آبار النفط والسلطات التي تخضع لها الجهات التي تشتريه منها. ويقول إن الدفع يحصل نقدا ومباشرة خلال إنجاز صفقات التسليم، موضحا أن ثمة كتائب أخرى تتولى بيع النفط ولا يقتصر الأمر على تنظيم «الدولة».

هذا الواقع دفع روسيا إلى عرض اقتراح على شركائها في مجلس الأمن الدولي لتبني إعلان يوصي بمنع «مجموعات إرهابية في سوريا» من بيع النفط خصوصا مقاتلي «الدولة الإسلامية»، بحسب ما أفادت به قناة «روسيا اليوم».

وأوضحت القناة أن «مشروع البيان يعرب عن القلق بشأن سيطرة مسلحي (داعش) و(جبهة النصرة) على حقول النفط في سوريا»، كما يحذر من أن «أي تصدير أو استيراد للنفط دون رخصة الحكومة أمر غير شرعي».

ويدين مشروع البيان «أي مشاركة في تجارة النفط السوري بواسطة الجماعات الإرهابية»، مضيفا أن ذلك «سيؤدي لتمويل الجماعات التي يعتبرها مجلس الأمن إرهابية». ويدعو المشروع الروسي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى «اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل الحيلولة دون مشاركة مواطنيها أو شركاتها في أي صفقات تجارية أو مالية مرتبطة بالنفط الخام السوري خارج سيطرة الحكومة السورية».

وسبق للسفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن أعلن قبل أيام أن «أحد أهم مصادر تمويل» «الدولة الإسلامية» هو البيع غير القانوني للنفط المنتج في سوريا والعراق، وأن «دولا مختلفة تشتري هذا النفط من خلال وسطاء». ورأى أنه «بما أن الأمر يتعلق بمنظمة إرهابية، فإن الذين يشترون هذا النفط يمولون الإرهاب».

ويصل عدد الحقول النفطية التي تخضع لسيطرة تنظيم «الدولة» في العراق وسوريا إلى 22 حقلا تضم احتياطيا يقدر بـ20 مليار برميل من النفط، بحسب تقرير المركز العالمي للدراسات التنموية البريطاني. ويتوقع خبراء أن «يسيطر التنظيم في وقت لاحق على نحو 600 ألف برميل نفط شمال العراق». كما تشير التقارير إلى أن التنظيم «جند خبراء في النفط حتى يتمكن من استثمار الحقول النفطية التي يسيطر عليها».

ويلجأ التنظيم إلى الآلات التي تركتها شركات التنقيب لاستخراج النفط من الحقول المنتشرة في سوريا والعراق، تمهيدا لبيعه إلى الجهات المستفيدة، وفقا للمرصد السوري.

ولا تعد تركيا الجهة الوحيدة التي يصل إليها النفط الخاضع لسيطرة التنظيم؛ إذ أشار وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى وجود «أدلة لدى بلاده عن بيع (الدولة الإسلامية في العراق والشام) النفط الذي تسيطر عليه للنظام السوري».

وأكد فابيوس خلال مؤتمر صحافي في نيودلهي أول من أمس أن «بيع النفط دليل على الطابع (غير الواضح) للنزاع في الشرق الأوسط الذي يدور نظريا بين الرئيس بشار الأسد والجهاديين». وقال فابيوس إن «هؤلاء (الجهاديون والنظام) يتقاتلون رسميا، لكنهم غالبا ما يدعم بعضهم بعضا»، مشيرا إلى أنه «هذه هي المرة الأولى على الأرجح التي تتمكن فيها مجموعة إرهابية خطيرة من الاستيلاء على هذا البلد الغني مع تداعيات وخيمة على المنطقة والعالم».

وتخشى الدول المجاورة للعراق وسوريا حيث مناطق نفوذ «الدولة الإسلامية»، من ألا تكتفي الأخيرة بالسيطرة على حقول النفط، بل أن تسعى إلى بسط نفوذها على ممرات تصدير النفط وتستخدمها وسائل ضغط في المستقبل، لا سيما أن التنظيم بات يسيطر، بحسب تقارير، على الممرات الحدودية مع الأردن لتهديد التبادل التجاري بين العراق والأردن وتركيا.