إسرائيل تبحث إبعاد قادة حماس وتنفيذ «السور الواقي 2» في غزة ردا على قتل المستوطنين

مكالمة هاتفية من أحد الشبان «أفسدت» الخطة.. والخاطفون اضطروا لقتلهم فورا

قريبات فلسطيني لقي حتفه على يد الجيش الإسرائيلي ينتحبن خلال تشييعه بمخيم جنين بالضفة الغربية أمس (أ.ب)
TT

لم ينتظر الإسرائيليون كثيرا بعد العثور على جثث المستوطنين الثلاثة، الذين اختفى أثرهم الشهر الماضي في الضفة الغربية، في حفرة في خربة أرنبة الحرجية في مدينة حلحول شمال الخليل، حتى أغلقوا المدينة بالكامل وشرعوا في أعمال تمشيط واسعة عن خاطفيهم، تخللها تفجير منازل واعتقالات، تزامنت مع شن غارات مكثفة على قطاع غزة.

ولم يتضح بعد شكل الرد الإسرائيلي على حركة حماس المتهمة بقتل المستوطنين إيال يِفراح (19 سنة)، وجِلعاد شعار (16 سنة) ونفتالي فرانكل (16 سنة) الذين اختفوا قرب مستوطنة غوش عتصيون قبل 18 يوما من العثور عليهم، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسم صورة قاتمة لشكل ذلك «الانتقام» المرتقب، بالقول: «إن الشيطان لم يخلق بعد لأخذ ثأر لدم طفل صغير ولم يخلق ثأرا لدماء شبان صغار وأبرار كانوا في طريقهم إلى بيتهم من أجل الالتقاء بوالديهم وهم لن يروهم إلى الأبد. حماس هي المسؤولة وحماس ستدفع الثمن».

وعمل الجيش الإسرائيلي طول ليلة الثلاثاء في البحث عن مروان القواسمي وعامر أبو عيشة، وهما شابان من الخليل يعتقد أنهما ينتميان لحماس وتتهمهما إسرائيل بخطف وقتل المستوطنين.

والقواسمي وابو عيشة، مختفيان منذ اختفاء المستوطنين في 12 من الشهر الماضي، بحسب الرواية الإسرائيلية.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون، إن إسرائيل تحمل حركة حماس المسؤولية عن اختطاف الشبان الثلاثة وقتلهم. وأضاف: «إننا سنحاسبها على ذلك وسنواصل ملاحقة القتلة ولن يهدأ لنا بال إلى حين إلقاء القبض عليهم».

وأكد الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن مهمة الجيش في الضفة لم تنته أبدا. وقال في بيان مقتضب: «المهمة لم تنته بعد، سنصل إلى الخاطفين من حركة حماس وكل من ساعد وخطط ونفذ هذه الجريمة النكراء، هذه فقط مسألة وقت».

وقال عضو الكابينت الإسرائيلي نفتالي بينيت بعد اجتماع طارئ عقد ليلة الاثنين/ الثلاثاء: «حان وقت العمل وليس الكلام».

ومن المفترض أن يكون الكابينت عاد للاجتماع أمس وربما اليوم كذلك لرسم صورة كاملة لطبيعة الرد الإسرائيلي.

ومن بين الاقتراحات التي يبحثها الكابينت إبعاد قادة من حماس إلى خارج الضفة وإعادة حكم جميع محرري صفقة شاليط، وهدم منازل أخرى، وتوسيع الاستيطان في الضفة، وإلى أي حد يجب ربط غزة مع ما حدث في الضفة. ودعا وزير الخارجية الإسرائيلي إفيغدور ليبرمان إلى عملية «السور الواقي2» في قطاع غزة هذه المرة. وكانت عملية «السور الواقي» أضخم عملية عسكرية إسرائيلية في الضفة نفذت عام 2002 لعزل الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

ونشب خلاف حاد بين وزيرة القضاء تسيبي ليفني ووزير الاقتصاد بينت بعد اقتراح الثاني بناء وحدات استيطانية فورية في مستوطنات الضفة، وأعربت ليفني عن معارضتها الشديدة لاقتراح بينت، وحذرت من أن مثل هذه الخطوة ستحول مأساة قتل الشبان إلى قضية سياسية وحزبية وستنال أيضا من الدعم الدولي للرد الإسرائيلي ضد حماس.

وفورا فجر الجيش الإسرائيلي منزلي القواسمي وأبو عيشه في الخليل وشوهدت النيران تتصاعد من المنزلين قبيل الفجر بقليل. وتعتقد إسرائيل أن القواسمي وأبو عيشة قريبان من مكان العثور على جثث المستوطنين، ولذلك يركز آلاف من الجنود الإسرائيليين عمليات التفتيش عنهما في المناطق المتاخمة للخليل.

واتهمت إسرائيل القواسمي وأبو عيشة بقتل المستوطنين الثلاثة فور اختطافهم ورميهم في حفرة في حلحول ومن ثم الفرار. واتضح أمس أن الشبان الثلاثة لم يكونوا أبدا على قيد الحياة خلال الفترة الماضية (أي فترة البحث).

وتشير التقديرات الأمنية إلى أن نية الخاطفين الأساسية كانت ترك واحد من الشبان على قيد الحياة والمساومة عليه، إلا أن عملية الاختطاف تعقدت بعدما اتصل أحد الشبان بالشرطة وأبلغهم بالاختطاف. ويبدو أن الخاطفَين تحسبا من أن تفسد المكالمة الهاتفية خطتهما، فأطلقا الرصاص من مسدس باتجاه صاحب المكالمة فورا، وبعد قليل وصلوا إلى حلحول وقتلوا الآخرين ودفنوهم جميعا ولاذوا بالفرار.

وبعد أسابيع من البحث رصد متطوعون وقصاصون أثر شجيرة شاذة عن مكانها، فأزاحوها، وفجأة وجدوا الجثث. بينما أفادت رواية إسرائيلية أخرى، أن نظارة أحد المختطفين وجدت مكسورة في مكان قريب قادت إلى مكان دفنهم. ونقلت رواية ثالثة أن معلومات مؤكدة وصلت الشاباك والجيش من أطراف لم تسمها.

وحتى الآن رفضت حماس تبني عملية قتل المستوطنين وقالت الحركة، أمس، إن تهديدات الاحتلال «لا تخيفها أبدا».

ودعا الناطق باسم الحركة، سامي أبو زهري، إسرائيل إلى «تحاشي اختبار صبر حماس طويلا». وأضاف: «إذا ما فرض الاحتلال أي معركة سيكتشف الجميع مدى هشاشة العدو الإسرائيلي».

وكانت طائرات إسرائيلية شنت أكثر من 30 غارة على غزة بعد العثور على جثث المستوطنين.

واجتمعت حماس مع فصائل فلسطينية في غزة لمنع إطلاق الصواريخ واستفزاز الإسرائيليين خشية جر القطاع إلى حرب.

ولم يتوقف الغضب الإسرائيلي عند المؤسسة الرسمية التي قتل جيشها فلسطينيا في جنين فجر أمس وأصاب واعتقل فلسطينيين في الخليل، بل خرج مئات من المستوطنين للانتقام.

وتظاهر رئيس بلدية معاليه أدوميم بيني كشريئيل، وبصحبته مجموعة من شبان النقطة الاستيطانية «ميفاسيرت أدوميم» في مناطق تابعة للسلطة في الخليل، وطالبوا الحكومة الإسرائيلية ببناء حي جديد في المكان، كرد ملائم على قتل الشبان الثلاثة، كما تظاهر مستوطنون آخرون على طول الطرق السريعة في الضفة وهاجموا فلسطينيين.

وفي منطقة الجبعة القريبة من بيت لحم، دهس مستوطن فتاة فلسطينية ولاذ بالفرار، كما هاجم مستوطنون في تل الرميدة في الخليل المنازل العربية القريبة، وذهبوا للبحث عن أفراد من عائلتي أبو عيشة أو القواسمي للانتقام منهم.

وأدانت الحكومة الفلسطينية، أمس، الغارات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة والهجمة العسكرية الإسرائيلية الواسعة النطاق والمستمرة ضد المدنيين الفلسطينيين العزل في الضفة الغربية منذ حادثة اختفاء المستوطنين الثلاثة.

ودعت الحكومة المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات جادة لوقف ممارسات إسرائيل غير القانونية، كما دعا مجلس الأمن الدولي والدول الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة إلى الاضطلاع بمسؤولياتها، واتخاذ قرارات حاسمة ضد الانتهاكات الإسرائيلية الفظيعة لحقوق الإنسان.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أجرى اتصالات مع الإدارة الأميركية وزعماء أوروبيين في محاولة لتجنب عملية إسرائيلية انتقامية. ومن المفترض أن تكون القيادة الفلسطينية اجتمعت مساء أمس لبحث الموقف واتخاذ قرارات.

من جهته، حث مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس، جميع الإسرائيليين والفلسطينيين على ممارسة «أقصى درجات ضبط النفس» بعد العثور على جثث ثلاثة شبان إسرائيليين قرب مدينة الخليل بالضفة الغربية.