معادلة الرعب في المونديال.. فرنسا تخشى شبح ألمانيا والبرازيل تتخوف من جلادها القاسي

المنتخبات الكبرى تسترجع الذكريات الأليمة في الأدوار الحاسمة

ألمانيا تأهلت بصعوبة من بوابة الجزائر لكنّ الفرنسيين يخشونها بدرجة كبيرة في مواجهة ربع النهائي (أ.ف.ب)
TT

ارتسمت معادلة بالغة الإثارة في مونديال البرازيل الحالي، فبينما يخشى الفرنسيون عودة الشبح الألماني الذي رمى بهم خارج حدود البطولة في مونديالي 1982 و1986، يبدو البرازيليون في رعب حقيقي من إمكانية مواجهة العدو اللدود «فرنسا» في حال تأهلت إلى نصف النهائي وهي من سبق أن أخرجتهم من ثلاثة مونديالات.

وتطلعت وسائل الإعلام الفرنسية للمواجهة المرتقبة أمام ألمانيا بدور الثمانية، حيث أشارت صحيفة «لا ديبيش» إلى أن المنتخب الأزرق سيكون على أتم استعداد لمواجهة «عدوه اللدود» في ريو دي جانيرو يوم الجمعة المقبل. وتساءلت الصحيفة: «وماذا بعد؟»، مشيرة إلى أن «أشباح 1982 و1986 تعود إلى الأذهان» عندما تغلب الألمان على فرنسا في الدور قبل النهائي للمونديالين المتتاليين، قبل أن تضيف الصحيفة: «ولكن كل مرة (باستثناء مونديال 1938) كانت فرنسا تبلغ فيها دور الـ16، كانت تنجح بعدها في الوصول إلى الدور قبل النهائي على الأقل».

وأكدت «لو باريزيان» أن مواجهة دور الثمانية المقبلة «تعيد ذكريات أليمة على الكرة الفرنسية. من بين هذه الذكريات مواجهة إشبيلية، عندما قاد الألمان حارس المرمى المرعب هارالد (توني) شوماخر ليسحقوا الفرنسيين».

وتطلعت صحيفة «سودأويست» إلى ما وصفته بأنه سيكون لقاء رائعا بدور الثمانية باستاد «ماراكانا». وكتبت الصحيفة تقول إن الفرنسيين شقوا طريقهم نحو لقاء رائع بدور الثمانية بعدما تغلبوا ببعض الصعوبة على نيجيريا. وأضافت الصحيفة أن الخصم التالي لفرنسا أي المنتخب الألماني «واجه مشكلات أكبر في مباراتهم (بدور الـ16) واحتاجوا إلى لعب وقت إضافي من أجل التغلب على الجزائريين الرائعين».

ومن جهتها تتابع «أو غلوبو»، واحدة من أهم الصحف البرازيلية، بقلق كبير تقدم المنتخب الفرنسي لكرة القدم في مونديال البرازيل 2014، ومجرد فكرة مواجهة مرتقبة في نصف النهائي بين المنتخبين تثير بحسب الصحيفة «شبح جلادي» فريق الـ«سيليساو» خلال آخر ثلاث مواجهات في كأس العالم.

وكتبت الصحيفة على موقعها على الإنترنت: «الشبح بات منظورا: فرنسا أقصت الجزائر، وها هم جلادو البرازيل ثلاث مرات في كأس العالم، قد يلتقون مجددا مع السيليساو إذا وصلوا إلى نصف النهائي». وتلعب البرازيل مع كولومبيا وفرنسا مع ألمانيا في ربع النهائي الجمعة المقبل، على أن يتواجه الفائزان في نصف النهائي.

وكان «الديوك» تفوقوا على البرازيليين ثلاث مرات من أصل أربع مواجهات جمعتهما في كأس العالم: بضربات الترجيح (4 - 3) بعد التعادل 1 - 1 بعد وقت إضافي في ربع نهائي مونديال 1986، و3 - صفر في نهائي 1998، و1 - صفر في ربع نهائي 2006.

أما الفوز الوحيد للبرازيل على فرنسا في كأس العالم فيعود إلى مونديال 1958 حين تفوق الـ«سيليساو» 5 - 2 في نصف النهائي.

وكانت فرنسا انتزعت بطاقة التأهل إلى ربع النهائي على حساب نيجيريا (2 - صفر)، معلنة ولادة جديدة لمنتخب وصل إلى الحضيض، بعد أربعة أعوام على فضيحة كنيسنا في جنوب أفريقيا عندما أضرب اللاعبون وامتنعوا عن التدريب. وكان الاتحاد الفرنسي حدد الوصول إلى ربع النهائي هدفا لديدييه ديشان ولاعبيه، وهذا ما أنجز على أكمل وجه وبأروع الأساليب.

فمن خلال كم كبير من الأهداف وأداء استعراضي وعناصر شابة واعدة وأخيرا قيادة متمكنة للفريق مع ديشان، ها هم «الديوك» يصالحون الفرنسيين بتشكيلتهم. ولم يكن قائد أبطال العالم (1998) وأوروبا (2000) والمهندس الأساسي لهذا التغيير مخطئا عندما عبر عن فرحته مع إطلاق صافرة النهاية في مباراة نيجيريا، مؤكدا بشكل خاص «فخره» بتحقيق أول أهداف منتخب الزرق.

وكانت آخر مرة وصلت فرنسا إلى ربع النهائي كأس العالم في مونديال 2006 بقيادة زين الدين زيدان. والوصول إلى هذه المرحلة اليوم يشكل أمرا إيجابيا بعد سنوات من الخيبة.

ويبدو كل شيء ممكنا بالنسبة إلى فرنسا عشية مواجهة تاريخية الجمعة مع ألمانيا. فبعد فشلين مدويين في كأس الأمم الأوروبية 2008 ومونديال 2010، وصل «الديوك» إلى ربع نهائي كأس الأمم الأوروبية 2012، وما من أحد كان يتوقع أن يحققوا إنجازا أمام إسبانيا بطلة العالم وقتذاك التي فازت 2 - صفر في طريقها إلى لقبها الأوروبي.

غير أن المعطيات تغيرت جذريا اليوم، فالفريق الذي تقوده طاقة جماعية هائلة لديه كل ما يلزم لطرد أشباح إشبيلية، حيث دخل نصف نهائي مونديال 1982 في السجلات الكروية الخالدة (فازت ألمانيا على فرنسا بضربات الترجيح 5 - 4 بعد تعادل في الوقتين الأصلي والإضافي 3 - 3).

وأمام فرنسا اليوم فرصة فريدة لتحقيق الإنجاز، خصوصا بعد معاناة المنتخب الألماني أمام الجزائر التي من دون شك سيستغلها ديشان للاستفادة تكتيكيا من عيوب خصمه الكبير. وفي الوقت عينه، سيخوض المنتخب الفرنسي الشاب نصف النهائي بمعنويات عالية وبعناصر شابة سرعان ما أثبتت فاعليتها ضمن الفريق الأول، وخصوصا بول بوغبا (21 عاما) ورافايل فاران (21 عاما)، اللذين باتا من رموز الجيل الجديد للديوك، عشية كأس الأمم الأوروبية المقبلة التي ستحتضنها فرنسا في عام 2016.