السعودية تنفق 40 مليار دولار على أسعار الوقود المخصصة في إنتاج الكهرباء

اليمني لـ «الشرق الأوسط» : نقف بقوة مع خفض معدلات الاستهلاك

نسبة استهلاك القطاع السكني في المملكة من الكهرباء بلغت نحو 48 في المائة من مجمل الطاقة الكهربائية المبيعة («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي أنفقت فيه السعودية خلال العام الماضي نحو 40 مليار دولار على الدعم الحكومي لأسعار الوقود المخصص في إنتاج الكهرباء، أكدت الشركة السعودية للكهرباء في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس، أنها تقف بقوة في جانب ترشيد استهلاك الكهرباء في البلاد.

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي أطلقت فيه السعودية خلال الأشهر القليلة الماضية حملة ضخمة تستهدف خفض استهلاك الطاقة محليا، إذ تعد المملكة من أكثر دول العالم التي تنفق مئات المليارات من الريالات على إنتاج الكهرباء، في الوقت الذي شهدت فيه معدلات الاستهلاك ارتفاعات ملحوظة خلال السنوات العشر الماضية.

وفي هذا السياق، كشف التقرير السنوي لهيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج في السعودية يوم أمس، عن أن متوسط تكاليف إنتاج وحدة الطاقة (كيلو واط/ ساعة)، ونقلها وتوزيعها، الذي تنتجه «الشركة السعودية للكهرباء»، يبلغ نحو 15.2 هللة (للكيلو واط)، وتشمل هذه التكاليف النفقات التشغيلية، والمصاريف الرأسمالية، وثمن الوقود، والطاقة المشتراة، والإهلاكات.

وبيّن التقرير الذي يكشف عن أرقام الاستهلاك والإنتاج في العام الماضي، أن نسب توزيع متوسط تكاليف وحدة الطاقة (كيلو واط/ ساعة)، تتوزع كالآتي: الوقود 15 في المائة، المصاريف التشغيلية 24 في المائة، الطاقة المشتراة 17 في المائة، الإهلاكات 30 في المائة، التكاليف الرأسمالية 14 في المائة.

واستعرض التقرير أثر المعونة الكبيرة التي تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين لتخفيض سعر بيع الكهرباء للمستهلك، مبينا أن متوسط تكاليف وحدة الطاقة (كيلو واط/ ساعة) الذي تدفعه «الشركة السعودية للكهرباء»، 15.2 هللة، مبني على أساس سعر الوقود المخفض الذي تقدمه الدولة، الذي يقل كثيرا عن الأسعار العالمية للوقود.

وفصّل التقرير في الأسعار التفضيلية للوقود التي يحصل عليها منتجو الكهرباء في المملكة، مقارنة بالأسعار العالمية للوقود، مستخدما وحدة القياس (مليون وحدة حرارية بريطانية) كمعيار للمقارنة، وقال: «يحصل منتجو الكهرباء في المملكة على زيت الوقود الثقيل بسعر 0.43 دولار أميركي، بينما يبلغ السعر العالمي 15.43دولار أميركي، كما يحصل المُنتج المحلي للكهرباء على الغاز بسعر 0.75 دولار أميركي، في حين يصل سعره العالمي إلى 9.14 دولار أميركي، أما الديزل فتحصل عليه شركات إنتاج الكهرباء المحلية بسعر 0.67 دولار أميركي، بينما سعره العالمي يبلغ 21.67 دولار أميركي، وأخيرا الزيت الخام يصل إلى منتجي الكهرباء المحليين بسعر 0.73 دولار أميركي، ويبلغ السعر العالمي 19.26 دولار أميركي».

وقدّر التقرير الصادر عن هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج في السعودية، الدعم الحكومي لأسعار الوقود المخصصة لإنتاج الكهرباء في البلاد للعام المالي المنصرم بنحو 150 مليار ريال (40 مليار دولار)، موضحا أن السعر الحقيقي بالأسعار العالمية للوقود لمتوسط تكاليف إنتاج وحدة الطاقة (كيلو واط/ ساعة)، في «الشركة السعودية للكهرباء» يبلغ نحو80 هللة، بسبب الدعم الكبير الذي تقدمه حكومة المملكة لأسعار الوقود المخصص لإنتاج الكهرباء.

وقال التقرير: «إن متوسط القيمة التي حصلتها الشركة السعودية للكهربائية من المستهلكين خلال عام 2013، يعد أقل من تكاليف إنتاج وحدة الطاقة، حيث بلغ متوسط القيمة المحصلة نحو 14.1 للكيلو واط/ ساعة، بينما يبلغ متوسط تكاليف إنتاج وحدة الطاقة (كيلو واط/ ساعة)، ونقلها، وتوزيعها، نحو 15.2 هللة».

من جهة أخرى، بلغت نسبة استهلاك القطاع السكني في المملكة من الكهرباء في عام 2013، نحو 48 في المائة من مجمل الطاقة الكهربائية المبيعة، ووفقا للتقرير السنوي لهيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج فإن القطاع السكني وحده استأثر بنحو نصف الاستهلاك الكلي للكهرباء في المملكة؛ مبينا أن أحمال أجهزة التكييف مسؤولة وحدها عن 70 في المائة من استهلاك القطاع من الكهرباء.

وفي الإطار ذاته، أكد عبد السلام اليمني نائب الرئيس التنفيذي للشؤون العامة بالشركة «السعودية للكهرباء» خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن الشركة من أوائل الجهات التي دعمت المركز السعودي لكفاءة الطاقة ماليا ومعنويا، بهدف خفض استهلاك الكهرباء في البلاد.

وأشار اليمني إلى أن استهلاك الكهرباء في المملكة خلال السنوات الماضية، شهد معدلات متزايدة، وقال: «من المهم خفض استهلاك الكهرباء في البلاد، كما أنه من المهم دعم المركز السعودي لكفاءة الطاقة، وخصوصا أنه في جميع دول العالم هنالك جهة واحدة فقط تعنى بترشيد استهلاك الطاقة، ونحن في المملكة لدينا المركز السعودي لكفاءة الطاقة، لذلك فإنه من المهم دعمه والوقوف معه».

من جانب آخر، يسعى المركز السعودي لكفاءة الطاقة انطلاقا من مسؤوليته في إيقاف الهدر الكبير في الطاقة الكهربائية، وبالتالي إيقاف الهدر في مصادر إنتاجها غير المتجددة من النفط والغاز، إلى تخفيض الاستهلاك المتنامي من الطاقة، ونشر مفهوم كفاءة الطاقة، وتعزيز أساليب الترشيد الذكي للطاقة بمختلف أنواعها.

ويُطالب المركز الذي يهتم بنشر الوعي في مجال ترشيد استهلاك الطاقة ورفع كفاءتها، فضلا عن تنسيق جهود أكثر من عشرين جهة حكومية وأهلية، المواطنين بتبني مفهوم كفاءة الطاقة وترشيد الاستهلاك في جميع سلوكياتهم الحياتية، وجعلها نمطا مستمرا؛ لضمان استمرار الطاقة الكهربائية بأسعار منخفضة، والمحافظة على مقدرات البلاد من المصادر الأولية كالنفط والغاز.

وتأتي هذه التطورات، في الوقت الذي أكد فيه مختصون في وقت سابق أن السعودية تسجل نسبا مرتفعة للغاية ومستمرة في استهلاك الطاقة الكهربائية، إذ إن متوسط استهلاك الفرد يبلغ ضعف متوسط الاستهلاك العالمي.

ويضع «المركز السعودي لكفاءة الطاقة» الكثير من الخطط والبرامج التي تُعنى بالحد من استهلاك الطاقة في المملكة في صورها المتعددة، تشمل تعديل مواصفات الأجهزة الكهربائية المنزلية، وأجهزة الإضاءة، ومواد العزل، وكمية استهلاك وقود السيارات، ومصانع الحديد والإسمنت والبتروكيماويات وغيرها من التشريعات والقوانين التي تضمن التوازن بين التنمية والتطور ورفاهية المواطن وبين ضبط الاستهلاك المتنامي لمصادر الطاقة الأولية.

يشار إلى أن السعودية فتحت ملف ترشيد استهلاك الطاقة على مصراعيه بين جميع الأجهزة المرتبطة بالإنتاج أو الاستهلاك في البلاد، جاء ذلك في ظل تنامي استهلاك «النفط» داخل المملكة خلال الفترة الأخيرة، بما يصل إلى 2.5 مليون برميل يوميا، على الرغم من أن المعلومات تشير إلى أن استخدام التقنية في إنتاج الطاقة سيقود إلى تقليص نحو 50 في المائة من حجم الاستهلاك الحالي للنفط.

وفي هذا الجانب، أكد الدكتور صالح العواجي وكيل وزارة المياه والكهرباء السعودية لشؤون الكهرباء لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، أن التقنيات التي طُبّقت في الدول الصناعية لترشيد استهلاك الطاقة ستطبّق في السعودية، وقال: «يجب أن تكون هنالك تحركات صارمة لترشيد استهلاك الطاقة في البلاد؛ حيث إن تنامي حجم الاستهلاك بات تحديا كبيرا تواجهه البلاد».

وحول التحركات الحكومية السعودية لترشيد استهلاك الطاقة والحد من استخدام البترول قال العواجي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» حينها: «هنالك تعاون وثيق جدا بين جميع الوزارات الحكومية والقطاع الخاص والجهات المعنية بالطاقة كإنتاج أو استهلاك، بما فيها الشركة السعودية للكهرباء، لترشيد حجم الاستهلاك؛ حيث إن الجميع سيعمل تحت مظلة المركز السعودي لكفاءة الطاقة».