فتوى السيستاني بـ«الجهاد الكفائي» تفجر مواجهات أمنية في جنوب العراق

اعتقال رجل الدين الشيعي المعارض محمود الصرخي ومقتل وإصابة العشرات من أتباعه

محمود الصرخي
TT

أكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة في العراق الفريق قاسم عطا أن الأوضاع في المحافظات الجنوبية مستقرة إثر مواجهات في محافظتي كربلاء والديوانية بين القوات الأمنية وأنصار رجل الدين الشيعي محمود الصرخي أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من الطرفين.

وقال عطا في مؤتمر صحافي في بغداد إن «الأوضاع الأمنية في المحافظات الجنوبية مستقرة تماما»، مشيرا إلى أن «الحياة طبيعية فيها وتسير بشكل جيد».

وكانت الاشتباكات التي انتهت باعتقال الصرخي من قبل قوات مكافحة الإرهاب «سوات» بدأت في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس. وبينما تضاربت الأنباء بشأن أعداد الضحايا بين الطرفين، فإن طيران الجيش ساند القوات الأمنية في تلك الاشتباكات في دلالة على سعتها. وتقول المصادر الأمنية في كربلاء إن أنصار الصرخي يحاولون تأجيج الوضع الأمني في المحافظة وتوسيع نطاقه وذلك بنقله إلى محافظة الديوانية القريبة حيث جرى اعتقال العشرات من أنصار الصرخي الذين حاولوا دخول كربلاء قادمين من خارج المحافظة بهدف الانضمام إلى رفاقهم الذين يشتبكون مع القوات الأمنية.

من جهتها، فرضت السلطات المحلية في كربلاء حظرا شاملا للتجوال في أنحاء المدينة، فيما بدأت لجنة تضم عددا من ممثلي المراجع الدينية في كربلاء اجتماعا لبحث تداعيات الأحداث الأمنية وبحث سبل إنهائها.

وبينما شدد ممثلو مراجع الدين على ضرورة استتباب الأمن في المحافظات الجنوبية وعدم التجاوز على المقامات الدينية، أعلن مصدر في جهاز مكافحة الإرهاب اعتقال الصرخي الذي يحمل لقب «آية الله العظمى» لكن العديد من وسائل الإعلام الشيعية تعده مارقا وينفذ أجندات خارجية ضد البيت الشيعي. وفي هذا السياق أكد رجل الدين الشيعي والأكاديمي عبد الحسين الساعدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «قضية الصرخي ليست جديدة، بل بدأت منذ عام 2003 عندما ظهر فجأة على مسرح الأحداث وأصبح له أنصار وأتباع في مناطق مختلفة من العراق، لا سيما في بعض المحافظات الوسطى والجنوبية»، مشيرا إلى إنه «وبخلاف التقاليد المعروفة بالحوزات الدينية التي تحترم فيها التراتبية ومراجع التقليد بطريقة معروفة حتى بوجود خلافات بين رجال الدين الكبار بمن في ذلك المراجع، فإن حركة الصرخي، ومثله أحمد الحسني اليماني، إنما تمثل خروجا سافرا على تقاليد الحوزة العلمية وكيفية الوصول إلى المراتب العليا في الحوزة». وأشار إلى أنه «لا ضير في أن يكون هناك رجل دين له أنصار ومقلدون في إطار ما هو معروف من تقاليد، لكن ليس بطريقة إثارة المشكلات وعدم الاعتراف بالمراجع العظام وكيل الاتهامات وتخريب المنشآت بهدف تحقيق أهداف معينة». وأوضح أن «ما قام به الصرخي وأنصاره في هذا الظرف إنما هي محاولة لإثارة فتنة شيعية - شيعية والعمل على إثارة القلاقل في المحافظات الجنوبية كامتداد لما يجري في المحافظات الغربية (السنية)؛ إذ أنه لا يستبعد أن يكون هناك تنسيق بين الطرفين وأن هناك ساعة صفر لتنفيذ شيء في الجنوب».

وفي السياق نفسه، قال الشيخ قاسم الكربولي، أحد شيوخ قضاء القائم غربي العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الصرخي «أبدى اعتراضا على الفتوى التي أصدرها السيستاني بالجهاد وعدها مثيرة للفتنة الطائفية، وبالتالي فإن ما حصل له وأنصاره إنما يعني محاولة من الحكومة لمنع إخوتنا في الجنوب من المطالبة بحقوق مشروعة». وعد الكربولي ما قام به الصرخي وأنصاره «دليلا على أن ما يجري في المحافظات الغربية من مطالبات مشروعة وبعيدة عن العصابات الإجرامية له امتداد في الجنوب للرافضين سياسة الظلم والإقصاء».

وكان الصرخي قد اختفى منذ عام 2004 عقب محاولة القوات الأميركية إلقاء القبض عليه في محافظة كربلاء لاتهامه بقتل عدد من جنودها، كما وقعت خلال السنوات الماضية اشتباكات محدودة بين أنصاره والأجهزة الأمنية في عدد من المحافظات الجنوبية بسبب الخلافات بين المرجعيات والصرخي بشأن الدعوة المهدوية التي يطلقها. كما كان الصرخي أبدى دعمه للمظاهرات في المحافظات والمناطق السنية بعد انطلاقها عام 2012، وبين أنها تنطلق «من الحيف والظلم» الذي يتعرض له الإنسان في العراق بمختلف طوائفه. وتقول المعلومات المتوفرة عنه أنه ولد 1964 وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية في الكاظمية ثم درس الهندسة المدنية في جامعة بغداد وتخرج منها عام 1987، وبعدها اتجه للدراسة الدينية في الحوزة العلمية في النجف عام 1993، وأصبح أحد طلاب وأتباع محمد صادق الصدر (والد مقتدى الصدر).