بعد مهرجان الأهداف والمفاجآت الكثيرة التي شهدتها مباريات الدور الأول ببطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل، أكدت مباريات الدور الثاني (دور الستة عشر) للبطولة أنه لم يعد هناك أي مكان للمباريات السهلة كما لم يعد للمفاجآت دور حقيقي.
وخلال مباريات دور الستة عشر، كانت المواجهات أكثر تكافؤا على عكس الكثير من مباريات الدور الأول. وامتدت خمس من المباريات الثماني في دور الستة عشر لوقت إضافي بعد انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل كما لم يكن الوقت الإضافي كافيا في مباراتين منها ليتم الاحتكام إلى ضربات الترجيح من أجل الحسم.
ونجح فريقان فقط في الفوز على منافسيهما بفارق هدفين. ولم يكن هناك حيز كبير للمفاجآت. وللمرة الأولى منذ بدء تطبيق النظام الحالي للبطولة في 1986. تأهلت إلى دور الثمانية جميع المنتخبات التي تصدرت مجموعاتها في الدور الأول للبطولة.
وسجل مونديال البرازيل أول اعتماد للوقت المستقطع من أجل تزويد اللاعبين بالماء للمرة الأولى في تاريخ كأس العالم خلال مباراة هولندا والمكسيك بالدور الثاني في فورتاليزا.
وأوقف الحكم المباراة ثلاث دقائق في كل شوط ليسمح للاعبين أن يتزودوا بالمياه تفاديا للجفاف فأضافها في نهاية كل شوط على الوقت بدل الضائع، علما بأنه في مباريات أخرى على غرار الولايات المتحدة - البرتغال في ماناوس منح الحكم الفرصة للاعبين بطريقة غير رسمية للحصول على المياه والتقاط أنفاسهم لنحو دقيقة أو دقيقتين.
واعتمد الاتحاد الدولي «فيفا» هذا القرار لمواجهة درجة الحرارة والرطوبة المرتفعتين في بعض المدن البرازيلية وخصوصا في المباريات المبكرة عندما تكون الشمس حارقة. وكانت مباراة فورتاليزا معبرة عن هذا الأسلوب الجديد من التعامل مع أحوال الطقس، ففي ظل حرارة بلغت 32 درجة مئوية خلت المدرجات المكشوفة من الجماهير والتجأت إلى المساحات المسقوفة في ملعب «كاستيلاو».
لكن هذه السابقة حملت عدة معان تكتيكية على حساب التزود بالماء، ففي مباراة هولندا والمكسيك استغل المدرب لويس فان غال التوقف ووقف بين لاعبيه على طريقة مدربي كرة السلة في الدوري الأميركي للمحترفين ليلقنهم تعديل طريقة اللعب لتعويض هدف التقدم المكسيكي، عاد روبن ورفاقه إلى المستطيل فعادلوا بتسديدة ويسلي شنايدر وحصلوا على ركلة جزاء منحتهم بطاقة العبور إلى ربع النهائي ليواجهوا كوستاريكا السبت المقبل في سالفادور. وبعد المباراة كشف فان غال: «انتقلت إلى الخطة خلال وقفة التزود بالمياه، لكنها كانت طريقة ذكية للاستفادة من هذه الوقفة... تمكنت من نقل الخطة للجميع».
وربما يثير الوقت المستقطع جدلا لدى متابعي اللعبة بعد ذلك، فهل ستكون الخطوة الأولى نحو اعتماده مثل لعبة كرة السلة التي تتيح لشبكات النقل التلفزيون بتمرير إعلاناتها.
وعن المستوى الفني فقد عانى المنتخب البرازيلي صاحب الأرض بشكل أكثر من المتوقع في مواجهة نظيره التشيلي. وكان من الأسباب وراء هذا أن المنتخب البرازيلي لم يقدم المستوى المتوقع منه.
وعبر المنتخب البرازيلي لدور الثمانية بعدما تغلب على نظيره التشيلي 3-2 بضربات الترجيح بعدما انتهت مباراتهما سويا بالتعادل 1-1 في بيلو هوريزونتي.
وبخلاف البرازيلي ديفيد لويز والتشيلي أليكسيس سانشيز اللذين سجلا هدفي اللقاء في الوقت الأصلي، كان ماوريسيو بينيا مهاجم تشيلي هو بطل هذه المباراة حيث خلع قلوب البرازيليين من مكانها عندما سدد كرة رائعة في الدقيقة الأخيرة من الوقت الإضافي ولكنها ارتدت من العارضة قبل أن يتصدى الحارس البرازيلي جوليو سيزار لضربة الترجيح التي سددها هذا اللاعب.
كما تصدر بينيا عناوين الأخبار بسبب اللكمة التي تردد أنه تلقاها خلال فترة الراحة بين الشوطين وهي الواقعة التي أسفرت عن إيقاف المسؤول الإعلامي للمنتخب البرازيلي مباراة واحدة.
وقال لويز فيليبي سكولاري المدير الفني للمنتخب البرازيلي: «عندما تفوز بهذا الشكل، تخرج من المباراة أقوى مما كنت».
وعلى استاد «ماراكانا» الأسطوري في ريو د جانيرو، تخطى المنتخب الكولومبي عقبة الأوروغواي حيث عانى الأخير من غياب نجم هجومه لويس سواريز بسبب عقوبة الإيقاف المغلظة التي فرضت عليه بسبب عضه جورجيو كيليني مدافع المنتخب الإيطالي خلال مباراة الفريقين بالدور الأول للبطولة.
وكان جيمس رودريغيز نجم المنتخب الكولومبي هو بطل المباراة أمام الأوروغواي حيث سجل هدفي الفوز 2-صفر. وجاء الهدف الأول بعدما هيأ الكرة بصدره وأطلق قذيفة مدوية رائعة سكنت الشباك ليكون من أفضل الأهداف في البطولة حتى الآن.
وهز رودريغيز صانع ألعاب المنتخب الكولومبي شباك المنافسين في المباريات الأربع التي خاضها الفريق في البطولة حتى الآن ورفع رصيده إلى خمسة أهداف كما اختير لجائزة أفضل لاعب في ثلاث من المباريات الأربع.
وقال الأرجنتيني خوسيه بيكرمان المدير الفني للمنتخب الكولومبي: «من الرائع أن يكون لديك لاعب مثل جيمس رودريغيز».
أما مباراة المنتخبين الهولندي والمكسيكي فإنها ستذكر دائما بالجدل الذي أثير حول ضربة الجزاء التي حصل عليها المهاجم الهولندي آريين روبن في الوقت بدل الضائع للمباراة وسجل منها كلاس يان هونتلار هدف الفوز 2-1 للطاحونة الهولندية بعدما تعادل زميله ويسلي شنايدر للفريق بهدف متأخر في الدقيقة 88.
واعترف روبن، بعد هذه المباراة التي أقيمت بمدينة فورتاليزا، بأنه «سقط بسهولة داخل منطقة الجزاء».
وبينما عدت وسائل الإعلام أن هذا اعتراف من اللاعب بالغش والخداع، وأكد روبن أنه كان يشير إلى واقعة أخرى في الشوط الأول من المباراة، لكن في ركلة الجزاء تعرض للإعاقة.
وقال ميجيل هيريرا المدير الفني للمنتخب المكسيكي، في تعليقه بمرارة وحسرة على المباراة: «سقط روبن ثلاث مرات، ولكننا كنا نلعب أمام الحكم طيلة الوقت».
وواصل المنتخب الكوستاريكي مفاجآته وتحديه للتوقعات وتغلب على المنتخب اليوناني بضربات الترجيح ليحجز مكانه في دور الثمانية للبطولة.
وأطاح المنتخبان الفرنسي والألماني بآخر فريقين أفريقيين بالبطولة حيث تغلب المنتخب الفرنسي على نظيره النيجيري 2-صفر في آخر 11 دقيقة من المباراة وفاز المنتخب الألماني على نظيره الجزائري 2-1 في الوقت الإضافي بعد انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل السلبي.
ولكن المهمة لم تكن سهلة على أي من المنتخبين الأوروبيين.
في العاصمة برازيليا، احتاج المنتخب الفرنسي لمعاونة الحارس النيجيري فينسنت إينياما الذي قدم أداء رائعا في البطولة وفي هذه المباراة أيضا حتى جاءت الدقيقة 79 لتشهد خطأ فادحا من الحارس تسبب في هدف التقدم للمنتخب الفرنسي.
وأخطأ إينياما تقدير الكرة القادمة من ضربة ركنية وفشل في إبعادها بقبضة يده حيث هيأها أمام بول بوغبا نجم المنتخب الفرنسي الذي لم يتردد في إيداعها الشباك بضربة رأس دون أي عناء. كما جاء الهدف الثاني للديك الفرنسي عبر النيران الصديقة حيث أحرزه جوزيف يوبو قائد المنتخب النيجيري عن طريق الخطأ في مرمى فريقه في الوقت بدل الضائع للمباراة.
وكانت هذه هي المباراة الدولية رقم 100 ليوبو مع نسور نيجيريا كما أنها المباراة العاشرة له في تاريخ مشاركاته ببطولة كأس العالم وهو رقم قياسي للاعبي المنتخب النيجيري ولكنه لم يحتفل به بالشكل المناسب.
وفي المقابل، عانى المنتخب الألماني الأمرين في طريقه للتغلب على المنتخب الجزائري الذي قدم أداء بطوليا في المباراة بمدينة بورتو أليغري ودفع باللقاء إلى وقت إضافي حسمه المانشافت لصالحه بهدفين سجلهما أندريه شورله ومسعود أوزيل مقابل هدف سجله عبد المؤمن جابو.
وبدت وسائل الإعلام الألمانية غير راضية على الإطلاق عن أداء منتخبها علما بأن أي نتيجة للفريق سوى بلوغ المربع الذهبي على الأقل لن يكون أمرا مرضيا للألمان.
وكتبت صحيفة «بيلد» الألمانية: «فريقنا قدم أسوأ عرض له في كأس العالم حتى الآن.. من الواضح أنه لو استمر الفريق بهذا المستوى، سنخسر يوم الجمعة أمام المنتخب الفرنسي القوي».
واحتاج المنتخب الأرجنتيني إلى هدف من آنخل دي ماريا في الوقت الإضافي ليتغلب على نظيره السويسري الذي قدم عرضا رائعا في هذه المباراة التي أقيمت بينهما بمدينة ساو باولو.
وفي المباراة الأخيرة من دور الستة عشر، تفوق المنتخب البلجيكي على منافسه الأميركي طيلة المباراة ولكنه احتاج أيضا للوقت الإضافي ليحقق الفوز 2-1 بفضل تسديدتين رائعتين من كيفن دي بروين وروميلو لوكاكو.
والآن تتجه الأنظار لمباريات دور الثمانية يومي الجمعة والسبت.
حيث ينتظر أن تشهد مزيدا من الإثارة عندما يلتقي المنتخب الألماني مع نظيره الفرنسي وتواجه البرازيل منتخب كولومبيا وتلتقي الأرجنتين مع بلجيكا وهولندا مع كوستاريكا.
* البطولات صاحبة المعدل الأعلى في اللجوء إلى الوقت الإضافي شهد مونديال تأهل فريقين جديدين إلى دور الثمانية بعد الاحتكام إلى الوقت الإضافي لتكون هذه هي المرة الأولى التي يحتكم فيها إلى الوقت الإضافي خمس مرات لحسم نتائج مباريات دور الستة عشر منذ عام 1938.
ويعد مونديال إيطاليا عام 1990 هو صاحب أعلى رقم قياسي في عدد المباريات التي حسمت في الوقت الإضافي بشكل عام طوال البطولة، حيث وصل العدد الإجمالي إلى ثماني مباريات.
وفيما يلي نقدم إحصائية عن البطولات صاحبة أعلى معدل في اللجوء إلى الوقت الإضافي لحسم نتائج مباريات دور الستة عشر:
* مونديال 1938 (خمس مباريات في دور 16 وست مباريات طوال البطولة).
* مونديال 2014 (خمس مباريات في دور 16).
* مونديال 1990 (أربع مباريات في دور 16 وثماني مباريات طوال البطولة).
* مونديال 2002 (ثلاث مباريات في دور 16 وخمس مباريات طوال البطولة).
* مونديال 1994 (مباراتان في دور 16 وأربع مباريات طوال البطولة).
* مونديال 1998 (مباراتان في دور 16 وأربع مباريات طوال البطولة).
* مونديال 2006 (مباراتان في دور 16 وست مباريات طوال البطولة).
* مونديال 2010 (مباراتان في دور 16 وأربع مباريات طوال البطولة).
* مونديال 1986 (مباراة واحدة في دور 16 وخمس مباريات طوال البطولة).
* مونديال 1934 (مباراة واحدة في دور 16 وثلاث مباريات البطولة).