في 29 يونيو (حزيران) الماضي اعتمد الوقت المستقطع من أجل تزويد اللاعبين بالماء لأول مرة في تاريخ كأس العالم في مباراة هولندا والمكسيك في فورتاليزا.
وأوقف الحكم المباراة ثلاث دقائق في كل شوط ليسمح للاعبين بأن يتزودوا بالمياه تفاديا للجفاف، علما بأنه في مباريات أخرى على غرار مباراة أميركا والبرتغال في ماناوس، منح الحكم الفرصة للاعبين بطريقة غير رسمية للحصول على المياه والتقاط أنفاسهم لنحو دقيقة أو دقيقتين.
واعتمد الاتحاد الدولي (فيفا) هذا القرار لمواجهة درجة الحرارة والرطوبة المرتفعتين في بعض المدن البرازيلية، خصوصا في المباريات المبكرة عندما تكون الشمس حارقة.
لكن هذه السابقة حملت عدة معان تكتيكية على حساب التزود بالماء، ففي كرة القدم يسمح للمدرب بإعطاء تعليماته قبل المباراة وبين الشوطين في غرف الملابس، فيما يجبر على الوقوف على خط الملعب والصراخ أحيانا لتوجيه التعليمات للاعبيه، ومعظمهم لا يسمعه إذا كان على مسافة بعيدة منه، فينتظر الكرات الثابتة أو إصابة أحد اللاعبين ليوصل رسائله الفنية بطريقة مباشرة. في فورتاليزا، وقف مدرب هولندا لويس فان غال بين لاعبيه على طريقة مدربي كرة السلة في الدوري الأميركي للمحترفين، وبدأ تلقينهم تعديل طريقة اللعب لتعويض هدف التقدم المكسيكي. وعاد روبن ورفاقه إلى المستطيل فعادلوا بتسديدة ويسلي شنايدر وحصلوا على ركلة جزاء منحتهم بطاقة العبور إلى ربع النهائي ليواجهوا كوستاريكا السبت المقبل في سالفادور.
بعد المباراة كشف فان غال الذي طالب الحكم في اليوم السابق باعتماد الوقت المستقطع: «انتقلت إلى الخطة (ب) خلال وقفة التزود بالمياه، لكنها كانت طريقة ذكية للاستفادة من هذه الوقفة.. تمكنت من نقل الخطة للجميع».
في الدقيقة 76، دفع فان غال كلاس يان هونتيلار، لأول مرة في البطولة، بدلا من روبن فان بيبرسي غير الموفق. بعد لحظات، طرح خطته البديلة: «كنت أعلم أننا سنحصل على هذه الوقفة. تدربنا على ذلك مع هونتيلار وديرك كاوت في المقدمة وكرات طويلة في العمق». بالطبع كانت الخطة «ب» متعمدة وكانت ستطبق مع أو من دون وقت مستقطع.
وكانت للمدرب المكسيكي ميغيل هيريرا أيضا فرصة الحديث مع لاعبيه، لكن هذه السابقة لم تصب في مصلحة «أل تري» الذي كان يبحث عن انتهاء الوقت وبلوغه ربع النهائي لأول مرة منذ 1986.
هذه السابقة أثارت جدلا لدى متابعي اللعبة، فهل ستكون الخطوة الأولى نحو اعتماد وقت مستقطع يطلبه المدربون ساعة يشاءون، ويلحقون بلعبة كرة السلة التي تتيح لشبكات النقل التلفزيوني تمرير إعلاناتها التلفزيونية؟ ثم هل سيجبر اللاعبون على البقاء على المستطيل خلال الوقفات وعدم الاقتراب من مقاعد البدلاء كي لا يحصل أي تبادل للأحاديث مع المدرب؟
قد تكون هذه الأسئلة مبكرة، ثم إن الأندية والمنتخبات الكبرى ليست بحاجة إلى هذا الوقت كي يلقمها المدرب تعليمات جديدة ويعيد تنظيمها. يروي ديدييه ديشان عن نهائي كأس العالم 1998: «قبل 20 دقيقة من النهاية، وبعد طرد مارسيل دوسايي، أعدت تمركز إيمانويل بوتي إلى قلب الدفاع وزين الدين زيدان على الجهة اليسرى. قمت بذلك مباشرة دون أن أنتظر تدخل المدرب. بعدها كان الوقت متأخرا ربما».
المنتخب الفرنسي الحالي لا يملك ديشان على أرض الملعب، وفي غياب قائد الوسط السابق، سيحتاج إليه اللاعبون ليمرر لهم ما تيسر من التعليمات المفيدة والتعديلات على نظامه التكتيكي خلال الوقت المخصص «للتبريد».