شاشات: تماسيح صغيرة

محمد رضا

لقطة من مسلسل «تماسيح النيل»
TT

ككل أشياء الحياة، لا تتساوى المستويات. لا يوجد استثناء واحد في هذا الوضع. لا تتساوى المآكل، ولا تتساوى المطاعم، ولا تتساوى المصاعد، ولا الديكورات، ولا الفنادق، ولا الأحوال الاقتصادية ولا الفنية، ولا حتى أنواع الملابس وخاماتها.. كذلك لا تتساوى، وربما لا يجب أن تتساوى، المسلسلات الرمضانية.

تأتي على أنواع مختلفة وبقيم متعددة وضمن إنتاجات متراوحة، لكنها جميعا تنشد الاهتمام.. كلها تتصرف على أنها تستحق النجاح، وأن كلا منها أفضل من سواها.

على هذا النحو نجد مسلسلين هما، إنتاجيا، من خامة متوسطة.. فنيا أحدهما أفضل من الثاني بالنقاط. كمادة قصصية واحد تستطيع متابعته لبعض الوقت، والثاني تستطيع إيقافه بعد قليل من بدايته.. تربح الوقت.

«الكبير أوي» (شاشة CBC) مسلسل سخيف لكن سخفه من النوع الخفيف الذي ينجح في الإضحاك رغم هزاله، وربما بسبب هزاله. يبدأ متوعكا بمشهد هو كابوس يحلم به الكبير (أحمد مكي). لا نعرف أنه كابوس، لكننا نرى تمثيلا رديئا وإخراجا غير معتنى به. كيف يمكن لفلاح أن يحفر الأرض وسط الزرع نفسه؟ وكيف يكون أحدهم من العائلة ذاتها ويتحدث بلهجة المدينة، بينما يتحدث الباقون لغة الريف؟ عندما يفيق أحمد مكي ويعلن أن ما شاهدناه كان كابوسا لا يمكننا سوى الموافقة، فهو كان كابوسا فنيا بالفعل. لكن الأوضاع تتحسن سريعا بعد ذلك. المحور بين شخصيات تلك العائلة التي تعود في هذا الجزء الرابع من المسلسل، هو شخصية «حزلقوم» الذي يروي جزءا من رحلته حول العالم في الحلقة الأولى ويكمل بعضها في الحلقة الثانية. وهو شخصية يمكن استغلالها تجاريا على نحو أفضل لو وُضع التصور الصحيح وتم تنفيذ مفهوم متكامل لهويتها الشخصية الخاصة. حين يصعد الطائرة للمرة الأولى ويرتاح فوق كرسي الدرجة الأولى، تدرك مباشرة أنه ليس في مكانه الصحيح. حين يبحث عن الحمام فيفتح باب الطائرة بدلا من ذلك يتأكد لك نوع الكوميديا المتسربة: مضحكة من دون تهريج، لكنها ما زالت رديئة التقديم وذات مشاهد طويلة تكرر مواقفها لأن «الوقت معنا» لثلاثين حلقة مقبلة.

الكتابة تؤمن وصول بعض الحوارات الجيدة مثل «رضا الأب والأم أهم من رضا الوالدين»! و«مش كل تمساح بيتاكل لحمو». لكن المسائل قد تزيد عن حدها بعد حين.

المسلسل الآخر هو «تماسيح النيل» (على «المصرية») لمحمد حمدي مخرجا مع ريهام سعيد وعبير صبري وجهاد سعد وعدد آخر كبير من الممثلين. لكن إذا كان «الكبير أوي» يملك ميزة السخافة إلى حد الضحك، فإن «تماسيح النيل» يبقى، والحلقات في مطلعها، يكتفي بأن يكون ركيكا. يعد بأن يكون صراعا بين رجال الأعمال وأساليبهم الملتوية والمخادعة التي لا تعرف الرحمة كل ضد الآخر. لكن هذا ما يتولى تقديمه من قبل تأسيس «البزنس» نفسه. ما طبيعة العمل وعما يتحدث الممثلون تحديدا؟ الحوار مليء بالعبارات التي استخدمت في عشرات المسلسلات وأفلام السينما المشابهة «مش حتروح الشركة؟» (أي شركة؟) «لو تمت العملية دي حروأك أحلى روآن» (أي عملية؟). وهل من المعقول لشركة ناجحة أن تطلب خريجة هندسة لتشتغل سكرتيرة عند باب الدخول؟

وجدت «تماسيح النيل» مثل مسودة مشروع. ربما بعد مرور بضع حلقات يصيبه شيء من التطور.