جدل واسع في جنوب السودان حول الفيدرالية وحاكم ولائي ينفي وجود تهديدات بقتله

قيادي في الحزب الحاكم لـ «الشرق الأوسط»: الفيدرالية مطلب شعبي ولكن بعد تحقيق السلام

TT

عاد الجدل مجددا بين القيادات السياسية الحاكمة والمعارضة في جمهورية جنوب السودان حول تطبيق النظام الفيدرالي، في الدولة التي تشهد حربا أهلية منذ ستة أشهر، وشدد حاكم الولاية الاستوائية كلمنت واني كونقا على أن مطلب النظام الفيدرالي كان المقترح الأول من قبل الاستوائيين وليس نائب الرئيس السابق قائد التمرد رياك مشار، رافضا تحقيق النظام الفيدرالي عبر إراقة الدماء، فيما أبلغ رئيس الدولة التي استقلت حديثا سلفا كير ميارديت حكام الولايات الاستوائية بأن الأولوية الآن تحقيق السلام والاستقرار ووقف الحرب، مؤكدا أنه لم يقف ضد مطلب النظام الفيدرالي.

وقال حاكم الولاية الوسطى كلمنت واني كونقا بأن الفيدرالية تمت مناقشتها في مؤتمر بين الولايات الاستوائية الثلاث وأن قرارات المؤتمر تم تسليمها لرئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، وأضاف (الرئيس سلفا كير لم يرفض مطلقا عند اجتماعه معنا تطبيق النظام الفيدرالي وقد سلمناه كافة المقررات الخاصة بمؤتمر الولايات الاستوائية)، وقال (إذا قال الرئيس سلفا كير ذلك ربما يكون قد قاله إلى نائبه جيمس واني إيقا فهو الأقرب إليه في مؤسسة الرئاسة)، نافيا بشدة الادعاءات بأن هناك مخططا لتصفيته جسديا.

وقال كونقا بأن نائب الرئيس السابق قائد حركة التمرد رياك مشار يسعى لاستقطاب الاستوائيين لدعمه، وأضاف (لذلك أنا لن أوافق على الفيدرالية التي تأتي عبر الدماء)، وقال: إن سفك دماء النوير ليست من أجل تحقيق النظام الفيدرالي، وتابع (مشار يقتل مواطني النوير حتى يصبح رئيسا للبلاد)، متهما أكبر القبائل في جنوب السودان وهما الدينكا التي ينتمي إليها رئيس البلاد سلفا كير ميارديت والنوير التي يتحدر منها رياك مشار بوضع تصورات خاطئة عن مواطني الاستوائية.

وحذر كونقا - الحليف السابق للخرطوم وحارب معها ضد الجيش الشعبي خلال الحرب الأهلية التي انتهت باتفاقية السلام عام 2005 - من سوء المعاملة ضد الاستوائيين الذين تمت تعبئتهم للالتحاق بالجيش الوطني عند اندلاع الحرب بين جوبا ورياك مشار، وقال (إنهم غادروا للموت لالتزامهم الدفاع من أجل الوطن)، وأضاف (نحن الاستوائيين الذين قمنا بحماية الرئيس سلفا منذ عودتي من ألمانيا عام 2012 وليس قبيلته الدينكا هي التي تحافظ على بقاء الرئيس في السلطة)، مشددا أن مجموعته السكانية لن تهاجم أحدا ولن تقوم بأي تعبئة لدعم قائد التمرد رياك مشار، وقال: إن واجبه تعبئة الشعب للالتحاق بالجيش الوطني.

من جهته نفى وزير الإعلام في جنوب السودان مايكل مكواي بشدة لـ«الشرق الأوسط» وجود خلافات بين رئيس بلاده سلفا كير ميارديت وحكام الولايات الوسطى، وقال: إن سلفا أبلغ الحكام بأن تطبيق النظام الفيدرالي رهين بتحقيق السلام ووقف الحرب، وأضاف (لكن سلفا لم يبلغهم بأنه ضد الفيدرالية لأن تطبيق هذا النظام يعود للشعب كله وليس إلى الرئيس أو حكام الولايات)، وقال: إن ما يريده شعب جنوب السودان هو وقف الحرب وتحقيق السلام، مشيرا إلى أن شائعات كثيرة أطلقت في الأيام الأخيرة من قبل المتمردين وآخرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث أن الرئيس سلفا يسعى إلى اعتقال حكام الولايات الوسطى ومن ثم اغتيالهم، وتابع (هذا غير صحيح إطلاقا والحكام اجتمعوا مع الرئيس سلفا كير وتفهموا موقفه).

من جانبه قال القيادي في حزب الحركة الشعبية الحاكم عضو البرلمان اتيم قرنق لـ«الشرق الأوسط» بأن حكومة جنوب السودان موقفها واضح من النظام الفيدرالي وهي لا تعارضه، وأضاف (صحيح الآن يتم تطبيق نظام مركزي بعد الاستقلال وهناك أصوات تطالب بتطبيق النظام الفيدرالي وهو مطلب الجنوبيين منذ العام 1947 عندما كانوا مع دولة السودان وأن تحقيق ذلك يتم عبر اللجنة القومية للدستور)، مشيرا إلى أن هناك نظما فيدرالية مختلفة في العالم مثل التي في سويسرا، ألمانيا وإثيوبيا، وقال (النظام الفيدرالي لا يتم من خارج البلاد وإنما من داخلها حيث لدينا لجنة قومية للمراجعة الدستورية التي يمكن تناقش عبرها نظام الحكم ويتم الاتفاق على ذلك)، رافضا الاتهامات التي تقول: إن قبيلة الدينكا ترفض تطبيق النظام الفيدرالي للاستحواذ على الثروة والسلطة، وقال (مناطق الدينكا تنتج أكثر من 80 في المائة من إنتاج النفط فكيف يتقاسمون هذه الثروة الآن مع بقية الولايات)، وأضاف (الفيدرالية أصبحت مطلبا شعبيا في جنوب السودان).

وقال قرنق بأن النظام الفيدرالي له تبعات اقتصادية وسياسية وتقسيم للسلطة والثروة بين الولايات والمركز، وشدد على أن الحكومة لم ترفض إطلاقا فكرة تطبيق النظام الفيدرالي، وأضاف (الأولوية الآن وقف الحرب وتحقيق السلام وإجراء المصالحة الوطنية الشاملة ورتق النسيج الاجتماعي لما فعلته الحرب وتحديد الفترة الانتقالية)، وتابع (وإذا تم الاتفاق على عدم إجراء الانتخابات العام القادم وهي انتهاء مدة هذه الحكومة سيتم الاتفاق على شكل الحكم وتقديم رؤية للمستقبل وسيكون تطبيق النظام الفيدرالي من ضمن المناقشات).

إلى ذلك أعرب برنامج الغذاء العالمي في بيان له أمس في جنيف عن قلقه البالغ من أن الأزمة في دولة جنوب السودان تدفع البلاد نحو كارثة المجاعة، وأضاف أن القتال أدى إلى انعدام ينذر بالخطر للأمن الغذائي في المناطق المعزولة من جراء الصراع.

ولفتت إليزابيث بيرس المتحدثة باسم البرنامج إلى تقديرات لبرنامج الغذاء العالمي تشير إلى فقدان أكثر من 4600 طن متري من المواد الغذائية تم نهبها في عدة مواقع وهي تكفي لإطعام أكثر من 275 ألف شخص لمدة شهر، ودعت جميع أطراف النزاع في دولة جنوب السودان إلى احترام حياد الوكالات الإنسانية الدولية وحماية الإمدادات الإنسانية لمساعدة المدنيين الأبرياء المتضررين من الصراع.