النظام السوري يضيق الخناق على حلب بعد سيطرته على المدينة الصناعية

«داعش» تخلي مدينة الشحيل من السكان وتجمع سلاحهم.. وتتقدم بعد معارك مع الأكراد

جندي من القوات النظامية السورية قرب مدفع تركه معارضون بعد السيطرة على المدينة الصناعية في حلب
TT

أحرزت القوات النظامية السورية، أمس، تقدما في اتجاه مدينة حلب من شمال شرقي المدينة، بسيطرتها على المنطقة الصناعية، حسبما ذكر الإعلام الرسمي السوري والمرصد السوري لحقوق الإنسان. وبموازاة ذلك، أكدت مصادر المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر «الدولة الإسلامية» في دير الزور، بدأوا حملة جمع السلاح من المواطنين والمقاتلين في مدينتي الميادين والشحيل، بهدف «إعادة توزيعه وتنظيم وجود السلاح في المناطق التي تسيطر عليها (داعش)».

وقالت المصادر إن سيطرة الدولة على الشحيل، بعد مبايعة عناصر من «جبهة النصرة» أميرها أبو بكر البغدادي «دفعت الكثير من المدنيين والسكان إلى النزوح باتجاه مناطق العمق في سوريا، وبينها ريفا حمص وحلب»، مؤكدة أن تلك التدابير «تزامنت مع شروع (الدولة) في حملة جمع السلاح». وأوضحت أن السلاح الذي تسمح للمواطنين الاحتفاظ به، هو المسدسات فقط «فيما بدأت بجمع الأسلحة الثقيلة والرشاشة المتوسطة والخفيفة، قائلة إن المهمة ستنتهي خلال عشرة أيام قبل أن يعاد توزيع السلاح بطريقة مدروسة ومنظمة».

وأفاد المرصد بأن أهالي الشحيل بدأوا بالخروج من المدينة باتجاه المناطق المجاورة، كما سلموا أسلحتهم لـ«داعش»، تنفيذا لشروط الاتفاق الذي جرى بين التنظيم ووجهاء وفصائل الشحيل، بينما تشهد المدينة حملة تفتيش وتمشيط من قبل الدولة الإسلامية.

وكانت الدولة أعلنت أن الاتفاق يقضي بخروج أهالي مدينة الشحيل من البلدة لنحو عشرة أيام من مدينتهم، ويبقون خارجها إلى أن تحس الدولة الإسلامية بالأمان في المدينة، ومن ثم يعودون إلى المدينة.

وتزامنت الإجراءات مع سيطرة «الدولة» على مساحة كبيرة من الأراضي السورية في شمال وشرق البلاد، باستثناء مدينة دير الزور التي تتقاسم الكتائب الإسلامية والقوات النظامية السيطرة عليها.

وأشارت مصادر المعارضة إلى «مخاوف النظام من تقدم مقاتلي (داعش) إلى المدينة، كون مقاتلي النظام في دير الزور غير قادرين على الصمود أمام مقاتلي (داعش)».

وفي حين لم يحصل أي تطور استثنائي في مدينة دير الزور، تقدمت القوات الحكومية على جبهة الشيخ نجار في حلب، عقب السيطرة على عدد من القرى المجاورة للمدينة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات النظامية سيطرت على «أجزاء كبيرة» من المنطقة، مشيرا إلى أن السيطرة الكاملة عليها من شأنها إقفال المدخل الشمالي الشرقي للمدينة على مقاتلي المعارضة.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة أعادت الأمن والاستقرار إلى مدينة حلب الصناعية بالكامل»، بينما بث التلفزيون السوري صورا من المنطقة أظهرت دمارا جزئيا لعدد من الأبنية الممتدة على مساحات شاسعة تفصلها شوارع واسعة.

وأشار المرصد السوري من جهته إلى «سيطرة قوات النظام والمسلحين الموالين لها على الفئة الثالثة في المدينة الصناعية (المؤلفة من ثلاث فئات) وعلى ما يقارب نصف الفئة الأولى، وبذلك تكون قد سيطرت ناريا على الفئة الثانية في الشيخ نجار». وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «في حال سيطروا على كل المدينة، يغلقون المنافذ للمقاتلين من جهة المدخل الشمالي الشرقي لمدينة حلب»، وهو منفذ أساسي للمعارضة المسلحة من المدينة وإليها.

وتقع هذه المدينة الصناعية التي تعد أكبر المدن الصناعية السورية على بعد 15 كلم شمال شرقي حلب بين محوري طريق الباب القديم وطريق المسلمية القديم، وتمتد على مساحة 4412 هكتارا. وكانت المدينة التي افتتحت منذ نحو ست سنوات، وهي أحد الرموز لنجاح حلب كعاصمة اقتصادية لسوريا، تنشط في مجالات صناعية عدة، منها الغذائية والنسيجية والهندسية والكيميائية والبرمجيات، بالإضافة إلى انتشار مكاتب للشحن فيها.

ويأتي هذا التطور بعد أسابيع من تمكن القوات النظامية من فك الحصار الذي فرضه مقاتلو المعارضة على سجن حلب المركزي لأكثر من عام، مما أتاح لها قطع طريق إمداد رئيس آخر للمعارضين.

بموازاة ذلك، ألقى الطيران المروحي ثلاثة براميل متفجرة على مناطق في حي طريق الباب، بينما قصف الطيران الحربي مناطق في بلدتي مارع وتل رفعت ومناطق في الفوج 46، الذي تسيطر عليه جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) والكتائب الإسلامية قرب بلدة الأتارب.

وفي ريف حلب، وأفاد المرصد السوري بسيطرة الدولة الإسلامية على قرية البياضية وقرية زور مغار بالريف الغربي لمدينة عين العرب «كوباني»، عقب اشتباكات عنيفة استمرت لنحو ثلاثة أيام مع مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي، رافقها قصف عنيف على القرية من قبل الدولة الإسلامية.

وقال ناشطون إن خمسة عناصر على الأقل تابعة للتنظيم قُتلت، كما قتل عدد كبير من العناصر الأكراد، بينما شهدت المناطق المحيطة بقرية زور مغار نزوحا كاملا للأهالي باتجاه مدينة عين العرب، مع استمرار المعارك على أطراف قرية الزيارة شرق زور مغار.

وفي الرقة، دارت اشتباكات عنيفة بين الدولة الإسلامية وقوات النظام في محيط الفرقة النظامية 17 المحاصرة في شمال المدينة، بالتزامن مع قصف متبادل بين الطرفين، بينما اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام ومقاتلي الكتائب الإسلامية في محيط قرية أم شرشوح بريف حمص الشمالي.

وفي درعا، أفاد ناشطون بقصف قوات النظام مناطق في تل الجموع، الذي تسيطر عليه جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) والكتائب الإسلامية، إضافة للجهة الغربية من بلدة سملين، كما قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في مدينة انخل وبلدتي جاسم وداعل وسحم الجولان، وأماكن في منطقة اللجاة.