تضارب بشأن دخول طيارين إيرانيين إلى العراق للمشاركة في قتال المسلحين

طهران اعترفت بمقتل أحدهم في سامراء.. ومسؤول أمني عراقي نفى سقوط أي طائرة

صورة بثتها أمس وكالة أنباء «فارس» الإيرانية لجنازة طيار إيراني ورد أنه قتل «دفاعا» عن المراقد الشيعية المقدسة في سامراء (أ.ف.ب)
TT

بينما أكدت إيران أمس مقتل أحد طياريها أثناء مشاركته في القتال في سامراء شمال العراق ليصبح، حسبما يعتقد، أول ضحية عسكرية لطهران خلال المعارك ضد المسلحين في العراق، نفى مسؤول أمني عراقي سقوط أي طائرة عسكرية في المعارك بسامراء.

ولم توضح وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) التي أوردت النبأ ما إذا كان الطيار قتل أثناء التحليق أو خلال معارك على الأرض، مكتفية بالإشارة إلى أن الكولونيل شجعات علم داري مرجاني قتل أثناء «دفاعه» عن مواقع مقدسة في مدينة سامراء إلى الشمال من العاصمة بغداد.

وجاء الإعلان عن مقتل العسكري الإيراني بعد تصريح طهران بأنها مستعدة لتقديم الدعم اللازم إلى الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي في معاركها ضد المسلحين الذين سيطروا على مناطق عدة من البلاد. وأعلنت طهران أنها لن ترسل جنودا بل من الممكن أن تقدم السلاح إلى بغداد في حال طلبته. وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية فإن إيران نشرت بشكل سري طائرات استطلاع من دون طيار في العراق كما أنها ترسل المعدات العسكرية جوا.

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، تعد سامراء إحدى المناطق الحامية في المعارك التي يشهدها العراق حاليا، وهي مدينة ذات غالبية سنية، يحاول المتمردون الإسلاميون السيطرة عليها، ويوجد فيها ضريح الإمامين العسكريين الذي أسفر تدميره جزئيا جراء هجوم شنه تنظيم القاعدة في 2006 عن اندلاع نزاع طائفي، أسفر عن مقتل عشرات الآلاف.

وفي منتصف يونيو (حزيران) تعهد الرئيس الإيراني حسن روحاني بحماية العتبات المقدسة الشيعية في العراق ومن بينها سامراء.

ونقلت وكالة فارس للأنباء صورا لجنازة الطيار في مدينته بفارس في جنوب إيران أول من أمس، ولم تضف الوكالة أي تفاصيل لكنها ألمحت إلى أن مرجاني كان عضوا في الحرس الثوري الإيراني. ويعتقد أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري يعمل على الأرض إلى جانب القوات العراقية رغم نفي إيران.

وفي بداية الأسبوع الحالي أعلنت وزارة الدفاع العراقية عن تسلمها خمس طائرات من طراز سوخوي، ونشرت شريط فيديو يظهر هبوط ثلاث طائرات سوخوي، لكن بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، فإن الطائرات الثلاث الظاهرة في الصورة جاءت من إيران.

من جهته، عبّر مصدر أمني عراقي مسؤول عن استغرابه من خبر مقتل الطيار الإيراني، وقال المسؤول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه، أن «كل ما أستطيع قوله أن أي طائرة عراقية لم تسقط حتى يقتل طيار والأهم من ذلك أنه إيراني»، مشيرا إلى أن «طائرات سوخوي باشرت الخدمة خلال اليومين الماضيين ونفذت عدة عمليات وعادت سالمة، علما أن العراق ليس في حاجة إلى خدمات طيارين من إيران أو غيرها على هذا النوع من الطائرات، لأن سلاح الجو العراقي السابق الذي كان يحتوي على العشرات من هذه الطائرات قد درب طيارين عراقيين مؤهلين تماما لقيادتها». وردا على سؤال بشأن مصدر الخبر، هو إيران نفسها، وليس إحدى وسائل الإعلام التي تصنف عادة على أنها مغرضة، من قبل المسؤولين العراقيين، قال المسؤول الأمني إن «الوكالة هي التي تتحمل مسؤولية ذلك».

ومع أن الوكالة الإيرانية لم تربط بين مقتل الطيار الإيراني وإسقاط طائرة عراقية، فإن الخبير الأمني العراقي الدكتور معتز محيي الدين مدير المركز الجمهوري للدراسات الأمنية أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «طائرات سوخوي التي اشتراها العراق كجزء من صفقة أسلحة مع روسيا جاءت مع طاقم روسي لقيادتها وتولي مهمة تدريب الطيارين العراقيين عليها»، مشيرا إلى أن «من بين قواعد الطيران الاستمرار في المهمات أو التدريب وفي حال الانقطاع لمدة معينة، فإنه لم يعد ممكنا قيادة الطائرة، وبالتالي، فإن الطيارين العراقيين يتولون التدريب على الطائرات من قبل الروس، لكن لم يعرف إن كانت قد شاركت في القتال أم إنها قامت بمهام استطلاعية حتى الآن فضلا عن عمليات التدريب».

في السياق ذاته، يرى رجل الدين والأكاديمي العراقي عبد الحسين الساعدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مهمة الدفاع عن المراقد المقدسة ملزمة، في حال تعرضت للخطر، من قبل كل المسلمين الشيعة حتى من دون صدور فتوى من قبل المراجع»، معيدا إلى الأذهان ما حصل في سوريا، ومشيرا إلى أن «فتوى الجهاد الكفائي التي أصدرها السيستاني ملزمة لمقلديه سواء كانوا في العراق أم إيران أم أي مكان آخر، وبالتالي لا يستبعد أن يكون مسلمون شيعة يدافعون عن مرقدي سامراء تحت هذه الحجة وليست لأغراض التدخل ولا علاقة للحكومة الإيرانية بهم».

من جهته، عد الدكتور عبد السلام داحي الدليمي، أستاذ سابق للعلوم السياسية في جامعة الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «إيران تتدخل بالشأن العراقي على كل المستويات، وهو أمر لا تنكره حتى الحكومة العراقية التي تعده تدخلا إيجابيا لصالح العملية السياسية؛ وحيث إن القائمين على العملية السياسية يعدون أنها تتعرض إلى مؤامرة لإسقاطها من دول أخرى لا تنسجم مع الخط الإيراني، مثل تركيا وقطر وغيرها، فإنهم يرون كل ما تقوم به إيران يندرج في ذلك»، وعد الدليمي أن «الفتوى التي صدرت عن السيستاني بالجهاد الكفائي منحت إيران مبررا جاهزا لتوسيع نطاق دورها تحت ذريعة المؤامرة التي تتعرض لها المراقد الشيعية المقدسة، وبالتالي فإن تنظيم (داعش) منح طهران فرصة ذهبية كان يحلم بها على هذا الصعيد».

بدورهم، أكد شيوخ في المناطق الغربية من العراق أن ترحيب رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، بقيام الطيران السوري بقصف القائم يعني ترحيبه بتدخل إيران وسوريا في العراق، وقال الشيخ قاسم الكربولي، أحد شيوخ قضاء القائم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الطائرات السورية تضرب القائم علنا، وتستهدف المدنيين ومختلف المواقع من مساجد ومستشفيات، وقد حصل ذلك بمباركة من المالكي بذريعة قتال (داعش)»، مبينا أن «طائرات سوخوي المستعملة ما هي الإ ذريعة لاستخدام طائرات إيرانية ضد المناطق الغربية بعد السلاح الجوي السوري».