تنسيق مصري مغربي لمكافحة التطرف والإرهاب في المنطقة

مصادر دبلوماسية بالقاهرة: الرئيس السيسي والعاهل المغربي يتطلعان لبناء شراكة جديدة بين البلدين

الرئيس عبد الفتاح السيسي لدى استقباله وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار في قصر الرئاسة بالقاهرة أمس (صورة خاصة من الرئاسة المصرية)
TT

قالت مصادر دبلوماسية في القاهرة إن مصر والمغرب اتفقتا أمس على التعاون من أجل مكافحة التطرف والإرهاب بالمنطقة، وذلك على هامش استقبال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لوزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، الذي نقل رسالة تأييد لمصر وللشعب المصري من العاهل المغربي الملك محمد السادس. وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه، في نهاية اللقاء، الذي حضره وزير الخارجية المصري، سامح شكري، وسفير المغرب في القاهرة، محمد العلمي، أمس، تأكد أن «الزعيمين العربيين يتطلعان لبناء شراكة جديدة، تشمل الجوانب الأمنية والاقتصادية والثقافية، وغيرها».

وفي اللقاء الذي عده مراقبون أمس خطوة ضمن تنسيق إقليمي ودولي، في إطار مواجهة مخاطر تتعرض لها المنطقة، استقبل السيسي، بمقر الرئاسة في شرق القاهرة، الوزير مزوار. وقالت مصادر الرئاسة إن اللقاء تناول عددا من القضايا الإقليمية والأفريقية، ذات الاهتمام المشترك، مشيرة إلى أن الرئيس المصري أعرب عن تطلع بلاده للارتقاء بالعلاقات مع الجانب المغربي «خاصة في ضوء تقارب مواقف البلدين في كثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك»، فضلاً عن «التحديات المشتركة التي تؤثر على الأمن القومي للبلدين في منطقة شمال أفريقيا والساحل والصحراء، اتصالاً بمكافحة الإرهاب والتطرف».

وبينما أكدت المصادر الدبلوماسية أن البلدين اتفقا على التنسيق لمكافحة التطرف والإرهاب خاصة في شمال وغرب أفريقيا، قال السفير محمد إبراهيم شاكر، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن مثل هذه اللقاءات تكتسب أهمية خاصة في ظل الظروف الحالية التي تمر بها المنطقة العربية.

ومن جانبه أعرب كامل عبد الله، الباحث المتخصص في شؤون شمال أفريقيا، في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن اعتقاده أن اللقاء المصري المغربي أمس له علاقة بسبل مواجهة التنظيمات المتشددة التي تنشط في منطقة الساحل والصحراء بغرب أفريقيا، وكذا في شمال مالي وامتداد تأثيرها إلى ليبيا والدول الأخرى.

وأضاف عبد الله، معلقا حول استقبال السيسي للموفد المغربي: «بالتأكيد لهذه الزيارة علاقة بالوضع في ليبيا وتصاعد الإرهاب هناك، خصوصا وأن الرئيس السيسي قام قبل أيام بزيارة للجزائر ينظر إليها البعض في شمال أفريقيا على أنها كانت (زيارة أمنية بالدرجة الأولى)».

وقال عبد الله إن عمليات الإرهاب التي تنفذها العناصر المتشددة في شمال أفريقيا أصبحت جزءا أساسيا من أي مباحثات أو تعاون بين بلدان المنطقة في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن المغرب تحاول أن تكون على صلة بالتطورات وبالفاعلين البارزين في دول شمال أفريقيا والساحل والصحراء، للتصدي لانتشار المد الجهادي في هذه المنطقة، وأضاف أنه توجد قرارات اتخذها البلدان، مصر والمغرب، في الأيام الأخيرة تخص منع إقحام الدين والمساجد في العمل السياسي.

وكان العاهل المغربي وقع مرسوما ملكيا، يمنع فيه الأئمة والخطباء وجميع المشتغلين في المهام الدينية من «ممارسة أي نشاط ديني أو سياسي» ومنع «اتخاذ أي موقف سياسي أو نقابي» بالإضافة إلى المنع عن «القيام بكل ما يمكنه وقف أو عرقلة أداء الشعائر الدينية». وجاء ذلك بالتزامن مع توجهات مماثلة اتخذتها مؤسسة الأزهر ووزارة الأوقاف في مصر، بمنع استخدام منابر المساجد في العمل السياسي أو الدعاية لتوجهات بعينها، إضافة لمنع غير المختصين أو غير المرخص لهم من الخطابة.

وقال الباحث عبد الله: «أعتقد أنه بعد الإطاحة بحكم الإسلاميين في مصر في ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013 أصبحت الأوراق متشابكة ومعقدة.. فكلما تراجع نفوذ الإسلاميين سياسيا وكلما أخذوا في الانحسار عن الساحة بسبب الرفض الشعبي لهم، ازدادت علميات العنف وتكفير المجتمع ومؤسسات الدولة».

ومن جانبه وصف السفير شاكر اللقاء المصري المغربي أمس بأنه «أمر جيد». وقال: «أن تكون الاتصالات على هذا المستوى فهو أمر مفيد جدا، خصوصا بالنسبة للأمن القومي، وفي الظروف الحالية التي نمر بها في العالم العربي». وأضاف أنه «توجد قضايا كبيرة في العالم العربي المشتعل.. الحالة مشتعلة، والتشاور مهم جدا للحد من التحركات الكثيرة الحالية سواء ما يحدث في العراق أو مناطق أخرى».

ومن جانبه قال السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن مزوار نقل للسيسي «تحيات وتقدير جلالة الملك محمد السادس، وتمنياته لمصر، دولة وشعبا، بكل الخير والتقدم والازدهار»، مشيرا إلى أن المسؤول المغربي نقل للسيسي دعم الملك المغربي الكامل لمصر ولكل ما يرتبط بتحقيق استقرار ورفاهية الشعب المصري، وتطلع المغرب لاستمرار التنسيق والتعاون بين الجانبين، ولا سيما من خلال عقد اللجنة العليا المشتركة بينهما، وتفعيل دور القطاع الخاص، وبناء شراكة جديدة بين البلدين.

ومن جانبه طلب السيسي من مزوار نقل تحياته وتقديره إلى الملك المغربي، متمنياً للمملكة ولشعبها كل رفعة ورخاء، وفقا للبيان. كما أشاد الرئيس المصري بما حققه المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس من طفرة اقتصادية خلال العقد الماضي، وبما ينعم به من استقرار وانفتاح سياسي وحضور فاعل على الساحتين الأفريقية والدولية، بما يجعله شريكا مهما بالنسبة لمصر يدعم تحركاتها وعلاقاتها مع مختلف القوى الدولية.

وكان مزوار بحث قبل يومين في موسكو مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الوضع في المنطقة خاصة منطقة الساحل الأفريقي، والأحداث الحالية ومنها التطورات في سوريا والعراق وليبيا وفلسطين وغيرها، إلى جانب قضايا الإرهاب.