«المستقبل» و«الوطني الحر» يقران بفشل حوارهما في الملف الرئاسي

لا يزال قائما على مستوى الصف الثاني ويبحث بملفات حكومية ونيابية

TT

لم يعد قياديو تياري «المستقبل» و«الوطني الحر» يترددون بإعلان انتهاء جولات الحوار بينهم فيما يتعلق بالملف الرئاسي، بعدما كانوا في مرحلة من المراحل يتعاطون بضبابية مع الموضوع لعدم وضوح الرؤية العامة. هم يؤكدون حاليا استمرار التشاور حول ملفات حكومية ونيابية لتسيير أمور البلد، وسعيهم لعدم عودة العلاقة بينهما لما كانت عليه قبل فبراير (شباط) الماضي، تاريخ انطلاق الحوار «المستقبلي» - «العوني».

وبدت «المبادرة الرئاسية» التي أطلقها رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون مطلع الأسبوع الماضي أشبه بـ«ورقة نعي» للحوار بين الطرفين ولكل مساعي التكتل من أجل كسب ود زعيم تيار «المستقبل»، رئيس الحكومة الأسبق، سعد الحريري، ودفعه إلى تبني ترشيح عون لرئاسة الجمهورية، بعد امتناع الأخير وحزب الله عن حضور سبع جلسات برلمانية لانتخاب رئيس للجمهورية، مما عطل النصاب المطلوب وأدى بالتالي إلى استمرار الفراغ في سدة الرئاسة اللبنانية.

وتقضي مبادرة عون لـ«إنقاذ» الاستحقاق الرئاسي بتعديل الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب على دورتين؛ أولى تأهيلية تجري على مستوى الناخبين المسيحيين، وثانية تجري على المستوى الوطني. ولم ترحب أي من القوى السياسية الحليفة لعون وكذلك خصومه بمبادرته باعتبار أنها «تنسف الميثاق والدستور واتفاق الطائف».

وكان الحوار بين تيار «المستقبل» والتيار «الوطني الحر» انطلق ما بين أواخر يناير (كانون الثاني) ومطلع شهر فبراير (شباط) الماضي بعد تعثر تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، وقد أسهمت التفاهمات بين التيارين بحلحلة كثير من العقد التي كانت تواجه سلام وإنجاز التشكيلة الحكومية في الـ15 من فبراير.

وتم الحوار بكل مراحله بعيدا عن الأضواء، وتركز على مستوى الصف الثاني، باعتبار أن الحريري وعون لم يلتقيا إلا مرة واحدة في مدينة روما الإيطالية.

ولا يزال هذا الحوار قائما، كما يؤكد القيادي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش على مستوى الصف الثاني ويبحث بـ«إدارة الدولة وشؤون الحكم»، لافتا إلى «توقف المشاورات بالملف الرئاسي بعد تعذر التوصل إلى تفاهمات».

ويوضح علوش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المستقبل» كان يُقرن تبني ترشيح عون للرئاسة بالتزامه بأكثر من ملف وبإبداء مواقف صريحة من أكثر من قضية. وأضاف: «كان المطلوب منه فرض تطبيق إعلان بعبدا (القاضي بحياد لبنان عن أزمة سوريا)، تبني المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، سحب السلاح غير الشرعي (في إشارة إلى سلاح حزب الله) وغيرها من المسائل التي ما كنا لنقفز فوقها إطلاقا».

ويشير علوش إلى أن عون «لم ينجح بأن يكون حقيقة وسطيا وحياديا، فقد ظل يمثل المجموعة التي نختلف معها أي قوى 8 (آذار)»، نافيا ما يُحكى عن إشارات إقليمية دفعت الحريري للتخلي عن ترشيح عون.

ولم يطرح عون مبادرته الرئاسية على تيار المستقبل قبل الإعلان عنها ولا على أي من حلفائه، ويعلّق علوش على الموضوع قائلا: «نحن لم نكن بأجوائها، لكننا في الوقت عينه لم نفاجأ بمضمونها باعتبار أننا اعتدنا على مفاجآت من هذا النوع من قبل عون»، لافتا إلى أنه «لا إمكانية على الإطلاق بإيجاد آليات تنفيذية لها خصوصا أنها تتطلب تعديلات دستورية كبيرة جدا وتقضي بتحويل النظام من برلماني إلى رئاسي».

وقد ظهر التباين في المواقف بين الحريري وعون أخيرا بعد إعلان الأخير جهوزيته لتأمين عودة وأمن الحريري في بيروت في حال انتخب رئيسا، مما استدعى ردا من زعيم «المستقبل» قال فيه إنه «ليس بحاجة لأي أمن سياسي»، مشددا على أنه «عندما أقرر العودة إلى لبنان فإن الله هو من يحفظ الجميع. قد يكون العماد عون قد أوضح بعد ذلك مقصده، ولكن بغض النظر فإن هذا التصريح كان بغير محله، وهو لا يقال، لا لسعد الحريري ولا لأي سياسي آخر في لبنان».

ويقول القيادي في «التيار الوطني الحر» أنطوان نصر الله إن التطورات الإقليمية وبالتحديد في سوريا والعراق فرضت تأجيل الحوار مع تيار «المستقبل» بالموضوع الرئاسي، «إلا أن العلاقة بيننا لا تزال جيدة، والحوار قائم على مستوى الحكومة ومجلس النواب والقياديين»، نافيا وجود تواصل مباشر بين الزعيمين الحريري وعون.

وينفي نصر الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» نفيا قاطعا ما يتم تداوله عن أن مبادرة عون الأخيرة جاءت لنعي الحوار مع تيار المستقبل، مشددا على أنه طرحها بمسعى «لإحداث خرق في جدار الأزمة وبمحاولة لاستباق الوقوع في مزيد من الأزمات مع كل استحقاق دستوري». وأضاف: «كان المطلوب بدل الحملة التي شنت على العماد عون والأسهم التي طالت المبادرة أن يطرح الآخرون رؤى أخرى لتجنيب البلاد المزيد من الفراغ بدل السعي لتسجيل المواقف».

وكان لافتا ما أعلنه النائب في تيار «المستقبل» محمد قباني في وقت سابق عن أنه بات واضحا أن الحوار ما بين «تيار المستقبل» وعون بالموضوع الرئاسي لن يؤدي إلى إيجابيات لجهة اعتماد ترشيحه، داعيًا إياه للتصرف على هذا الأساس.

واستهجن قباني سعي بعض نواب «التيار الوطني الحر» لرمي الكرة بملعب تيار «المستقبل» ومطالبتهم بجواب رسمي من رئيس التيار سعد الحريري، وسأل: «هل المطلوب أن نرسل لهم برقية تقول نحن متأسفون؟ ألا يمكن أن يستنتجوا من الأجواء ما هو الجواب؟».