موريتانيا تصادق على معاهدة المؤتمر الإسلامي حول «الإرهاب الدولي»

معارضون يخشون استخدامها من طرف الحكومة بهدف قمع خصومها

TT

صادق البرلمان الموريتاني، مساء أول من أمس، على معاهدة وقعتها منظمة المؤتمر الإسلامي حول مكافحة الإرهاب الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 بمدينة جدة السعودية، وهي المعاهدة التي قالت الحكومة الموريتانية إنها تقدم تعريفا مختلفا للإرهاب يحمل خصوصية الدول الإسلامية.

وقال سيدي ولد التاه، وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي كان يمثل الحكومة نيابة عن وزير الشؤون الخارجية والتعاون خلال عرض تفاصيل المعاهدة أمام البرلمان، إن «هذه المعاهدة، التي تشمل 42 مادة، تقدم تعريفا للإرهاب في أفعال موصوفة ومعدودة، وتحدد أسس تعاون الدول الإسلامية في المجالات الأمنية والقضائية كسبيل لمكافحته».

وكانت المعاهدة قد اعتمدت من قبل مؤتمر وزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي الذي انعقد عام 1999 في مدينة واغادوغو، عاصمة بوركينافاسو؛ قبل أن يجري التوقيع عليها بمدينة جدة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012.

وتحاول المعاهدة تعريف «الجريمة الإرهابية» على أنها «أي عمل إجرامي أو شروع أو اشتراك فيه، يرتكب تنفيذا لغرض إرهابي في أي من الدول الأطراف، أو ضد رعاياها أو ممتلكاتها أو مصالحها، أو ضد المرافق والرعايا الأجانب الموجودين على إقليمها، مما يعاقب عليها قانونها الداخلي».

وتستثني المعاهدة من تعريف الإرهاب حالات كفاح الشعوب، بما فيها الكفاح المسلح ضد الاحتلال والعدوان الأجنبيين، والاستعمار والسيطرة الأجنبية من أجل التحرر، أو تقرير المصير وفقا لمبادئ القانون الدولي.

في غضون ذلك، تباينت وجهات النظر داخل البرلمان بخصوص معاهدة مكافحة الإرهاب، إذ انقسم النواب ما بين مؤيد ورافض، إذ رأى فيها المعارضون وسيلة تمكن الحكومة من قمع معارضيها، وفي هذا السياق قال أحد نواب حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية إن «المعاهدة لا تختلف عن قوانين الإرهاب التي تعد وسيلة تستغلها الأنظمة الديكتاتورية والقمعية لتقليص هامش حرية التعبير، وتصفية الحسابات مع خصومها في المعارضة».

في المقابل، أكد نواب الأغلبية الحاكمة أن «المعاهدة من شأنها أن تعزز الأمن والسلم الأهلي»، حيث قال أحد نواب حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم إن «موريتانيا بحاجة لمثل هذا النوع من القوانين للمحافظة على الأمن والسلم الاجتماعي».

وأضاف أن «نظام الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز لم يسبق أن اعتقل أحدا من معارضيه ولا منتقديه، والدليل على ذلك غياب أي سجين رأي في البلاد، وبالتالي فلن يستغل المعاهدة لضرب خصومه».

وانتهى الجدل في البرلمان بالتصويت على المعاهدة التي حظيت بأغلبية أصوات النواب.

وتأتي مصادقة موريتانيا على معاهدة حول مكافحة الإرهاب الدولي، بالتزامن مع إغلاقها لسجن سري في قاعدة صلاح الدين العسكرية في صحراء نائية بأقصى شمال شرقي البلاد، كانت تخصصه لسجناء سلفيين مدانين في «قضايا إرهابية»، وهو السجن الذي أثار الكثير من الجدل، وكان البعض يسميه «غوانتانامو موريتانيا».

وكانت السلطات القضائية والأمنية الموريتانية قد تدرجت في مراحل إغلاق السجن، حيث بدأت في نقل سجنائه البالغ عددهم 14 سجينا، يوصفون بأنهم «خطيرون»، على شكل دفعات منذ مايو (أيار) الماضي، واكتمل نقلهم مساء الخميس الماضي بوصول آخر أربعة سجناء، من بينهم الخديم ولد السمان، أحد أخطر الموريتانيين المرتبطين بتنظيم القاعدة، إذ سبق أن نظم هجوما على مبنى السفارة الإسرائيلية في نواكشوط عام 2007، وكان ولد السمان يلقب بـ«أمير تنظيم جند الله المرابطين»، وهي خلية تابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، أسسها شبان موريتانيون عام 2007.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر في إدارة السجون التابعة لوزارة العدل الموريتانية، قوله إنه من الناحية الرسمية فإن عودة السجناء «الخطرين» الذين نقلوا عام 2011 من العاصمة إلى قاعدة «صلاح الدين»، جاءت «استنادا إلى سلوكهم الحسن في السجن»؛ وأشار المصدر إلى أن «إبعادهم استهدف فصلهم عن أنصارهم، الذين كانوا يتواصلون معهم يوميا، ويعدون معا أعمالا إجرامية في البلاد».

ونقلت الوكالة عن متخصص في القضايا الأمنية قوله إن نقل هؤلاء السجناء إلى نواكشوط يعود إلى «تحسن الوضع الأمني في المنطقة»، خاصة منذ التدخل العسكري الدولي في مالي المجاورة لموريتانيا بمبادرة من فرنسا، بالإضافة إلى نجاح موريتانيا في التصدي للمتطرفين وتحسن الوضع الأمني داخليا.