الخرطوم: توقيف نشطاء وإعلامية ومصادرة صحيفة ومداهمة مقر حزب معارض

معتقلون سودانيون يعلنون الإضراب عن الطعام لوقف تعذيبهم وإطلاق سراحهم

TT

أعلن طلاب سودانيون معتقلون لدى جهاز الأمن منذ قرابة الشهرين الإضراب عن الطعام احتجاجا على التعذيب الذي يتعرضون له، وعلى استمرار اعتقالهم، على حسب ما أعلنته أسرهم في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، طالبت فيه العالم والمنظمات الحقوقية بالوقوف مع أبنائهم الذين يواجهون التعذيب لإطلاق سراحهم أو تقديمهم لمحاكمات عادلة. وفي أحدث انتهاك للحريات، منعت سلطات الأمن بمدينة النهود وفدا من تحالف أحزاب المعارضة زار المدينة لمناصرة رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ المعتقل هناك، من إقامة ليلة سياسية، وداهمت مقر الحزب واعتقلت اثنين من كوادره وصحافية وصادرت أجهزة الصوت خاصته، وفي اليوم نفسه صادر جهاز الأمن صحيفة «التيار» المستقلة بعد طباعتها دون تفسير لأسباب المصادرة.

ونددت أسر طلاب سودانيين معتقلين لدى جهاز الأمن منذ قرابة الشهرين، إثر دعوتهم لطلاب جامعة الخرطوم، أعرق الجامعات السودانية، للاحتجاج والاعتصام، ما لم تكشف نتائج التحقيق في مقتل زميلهم الطالب علي أبكر بالرصاص داخل الحرم الجامعي، العام الماضي.

وقالت والدة الطالب المعتقل تاج السر جعفر، صباح عثمان، إن ابنها لم يعتقل لأنه ارتكب جريمة أو سرق أو نهب، وأن كل جريرته أنه طالب بتصحيح وضع جامعته ومحاكمة قاتل زميله علي أبكر، وأنها زارت ابنها بعد اعتقاله بـ32 يوما، وبدت آثار التعذيب على وجهه ورأسه ويديه وعينيه. أوضحت أن ابنها كان معافى عند دخوله السجن، ولا يعاني إلا من آثار الاعتقال السابق، وأن السلطات رفضت إدخال الدواء له، وطالبت بتدخل العالم لإخراج ابنها من المعتقل أو تقديمه هو وزملاؤه لمحاكمة، وعرضه على أطباء، لكشف التعذيب الذي تعرض له.

من جهتها، جددت السيدة زينب بدر الدين والدة الطالب المعتقل محمد صلاح، اتهاماتها لجهاز الأمن بالاستمرار في تعذيب ابنها المعتقل منذ 55 يوما، وكشفت للصحافيين أن ابنها وزملاءه قرروا الدخول في إضراب عن الطعام حتى إطلاق سراحهم أو تقديمهم لمحاكمات، وأن جهاز الأمن أبلغهم بتجديد اعتقالهم لثلاثة أشهر أخرى.

ويخضع طلاب جامعة الخرطوم «تاج السر جعفر، محمد صلاح، معمر موسى، مروان عرجة، فتحي محمد» للاعتقال منذ أحداث الجامعة الشهيرة التي اعتصم خلالها الطلاب مطالبين بالتحقيق في مقتل أحد زملائهم في الحرم الجامعي، وهو ما أدى لإغلاق الجامعة لأجل غير مسمى، وخضع اثنان من هؤلاء الثلاثة لتعذيب وحشي كما قالت أسرهم.

وضمن ملفات انتهاك الحريات، صادر جهاز الأمن عدد أمس من صحيفة «التيار» المستقلة بعد طباعته، ومنع توزيعه دون تقديم أسباب، وقال الصحافي أحمد عمر خوجلي لـ«الشرق الأوسط»، وهو من النافذين في الصحيفة، إن جهاز الأمن لمح في وقت سابق إلى عدم رضاه عما سماه «السقف المرتفع» الذي تتعامل به الصحيفة في تغطيتها للأحداث.

ويعتقد خوجلي أن جهاز الأمن صادر عدد صحيفته «تأديبا لها» على نشرها خبرا عن غضب القيادي في الحزب الحاكم ووزير الاستثمار مصطفى عثمان إسماعيل، واعتكافه في العاصمة المصرية القاهرة احتجاجا على تعامل الحكومة مع ملف الحوار الوطني مع المعارضة، وهو الملف الذي كان عثمان قريبا منه.

وعادت صحيفة «التيار» للصدور في 14 يونيو (حزيران) الماضي بقرار من المحكمة الدستورية، بعد أن أوقف جهاز الأمن صدورها في 10 يونيو 2012، على خلفية كشفها لقضايا فساد طالت نافذين في الحكم، وليس من المرجح أن يستمر صدور الصحيفة حال استمرار خطها التحريري الحالي، لا سيما وأن أجهزة الأمن السودانية صارت أكثر حساسية من النشر الصحافي، وعلى الرغم من دعوات الحوار فإن مساحة «الخطوط الحمراء» أمام الصحافة اتسعت كثيرا.

وفي السياق، قال حزب المؤتمر السوداني المعارض إن قوات الأمن اقتحمت مقره بمدينة النهود بولاية غرب كردفان، ومنعت عقد لقاء جماهيري يتحدث فيه عدد من قادة أحزاب المعارضة، تضامنا مع زعيم الحزب إبراهيم الشيخ المحتجز منذ الثامن من يونيو الماضي إثر انتقاده لقوات الدعم السريع في ندوة نظمها حزبه في مدينة النهود.

وقال المتحدث الرسمي باسم الحزب بكري يوسف لـ«الشرق الأوسط» إن الشرطة هاجمت مساء الجمعة مقر الحزب بالمدينة، لمنع عقد لقاء جماهيري يشارك فيه قادة المعارضة الذين زاروا المدينة لمناصرة زعيم الحزب المعتقل، واعتقلت اثنين من الكوادر الحزبية، وصادرت مكبرات الصوت، واعتقلت الصحافية عائشة السماني أثناء تأديتها لواجبها الصحافي لساعات ثم أفرجت عنها لاحقا بالضمان.

وكان مقررا أن يشارك في هذه الندوة وفد من قيادات أحزاب المعارضة يضم كلا من محمد جلال وصديق يوسف وأبو الحسن فرح وسارة نقد الله وعبد الرحمن الأمين ومحمد عبد الله الدومة وشمس الدين ضوء البيت والباقر عفيف، الذين وصلوا إلى المدينة للتضامن مع زعيم الحزب.

ولم تسمح سلطات الأمن لوفد المناصرة بزيارة الشيخ إلا بعد وقت متأخر من اليوم، ولم تمكنهم من مقابلته جميعهم، بل سمحت لسبعة منهم فقط بزيارته.

وتصر السلطات على تقديم الشيخ لاعتذار عن انتقاداته لقوات الدعم السريع، مقابل إطلاق سراحه، بيد أنه رفض وقال إنه يفضل البقاء سجينا لعشرات السنين دفاعا عن مواقفه وحزبه وما تطالب به جماهير الشعب من إسقاط نظام الحكم وإقامة البديل الوطني الديمقراطي.

وتعتقل السلطات في مدينة النهود بولاية غرب كردفان عددا من قادة وكوادر حزب المؤتمر السوداني، إضافة لاستمرار اعتقال الصحافي حسن إسحاق الذي تعرض للتعذيب من قبل الشرطة، حسبما أفادت «شبكة الصحافيين السودانيين» التي نظمت وقفة احتجاجية طالبت فيها بإطلاق سراحه.