بيان للنائب العام: التشريح يدل على أن الفلسطيني أبو خضير أحرق حيا

توسع المظاهرات إلى الداخل يثير قلق إسرائيل ويضع التعايش المشترك على المحك

TT

توسعت المظاهرات الفلسطينية في الداخل الإسرائيلي أمس، وشملت مناطق في وادي عارة وقلنسوة والطيبة وجلجولية وأم الفحم وباقة الغربية، في تطور نوعي ولافت ومقلق لأجهزة الأمن الإسرائيلية التي لا تريد وصول الأوضاع إلى حرب عربية - يهودية في الداخل. ويعيش في إسرائيل أكثر من مليون ونصف المليون عربي، تحرص إسرائيل دائما على تحييدهم في صراعها مع الفلسطينيين.

وكانت وزيرة القضاء الإسرائيلي، تسيفي ليفني، حذرت بشدة من ضرب ما وصفته بـ«التعايش المشترك» في إسرائيل وتداعيات ذلك.

وتفجرت المواجهات في إسرائيل، الجمعة الماضي، بعد تشييع جثمان الطفل محمد أبو خضير، الذي أحرقه مستوطنون ومثلوا بجثته انتقاما لمقتل ثلاثة منهم في الخليل، وتوسعت أمس في مدينة الطيبة وقلنسوة، حيث أضرم ملثمون النار في إطارات مطاطية وأغلقوا الشوارع، واشتبكوا مع الشرطة الإسرائيلية التي اعتقلت العشرات من الفلسطينيين الذين اتهمتهم بالتورط في إثارة المظاهرات.

وتشهد القدس ليليا مظاهرات واسعة إلى جانب مناطق في الضفة الغربية على تماس مع نقاط الجيش الإسرائيلي. ولا يعرف بعد ما إذا كانت هذه المظاهرات قد تقود إلى انتفاضة ثالثة أو لا، لكن إسرائيل والسلطة الفلسطينية يقللان من هذا الاحتمال.

وقررت إسرائيل معالجة الأمر بالتروي والحزم، في الوقت نفسه، تحسبا لتصاعد الأحداث في هذه المرحلة الحساسة. وطلب وزير الأمن الداخلي يتسحاق أهارونوفيتش، بأن «لا تتسامح الشرطة إطلاقا مع من يقوم باستيفاء الحق بالذات وبأن تحاسب من يخالف القانون». وأثنى أهارونوفيتش أمس خلال زيارته مقر شرطة وادي عارة على طريقة أداء الشرطة مهامها خلال الأعمال الأخيرة التي شهدتها المنطقة، مضيفا: «لن نسمح بإيذاء أي شخص وبالمس بالممتلكات وبإلقاء الزجاجات الحارقة والحجارة وبسد الطرقات». وأضاف أهارونوفيتش أنه طلب مع ذلك من قوات الشرطة التحلي بأكبر قدر من المسؤولية وضبط النفس باعتبار هذه الفترة حساسة للغاية.

واستبعد أهارونوفيتش وقوع انتفاضة ثالثة.

ومن جهته، ندد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بالمتظاهرين العرب، قائلا: «إن ما حدث يؤكد من جديد أنه لا مكان لهم في الدولة رغم كونهم يتمتعون بالجنسية الإسرائيلية». وشدد على وجوب أن يقبع هؤلاء في السجن. وأشاد ليبرمان من على صفحته الشخصية على موقع الـ«فيسبوك» باعتقال العرب، الذين «أخلوا بالنظام في قلنسوة والمثلث»، وقال إنه يتوقع أن «يتعامل القضاء مع المشاغبين بمنتهى الصرامة ويفرض عليهم عقوبات مشددة تنقل رسالة رادعة إلى كل من ينوي الحذو حذوهم». وتشير تصريحات ليبرمان إلى صعوبة التعايش المشترك الذي تروج إسرائيل دائما له.

وهاجمت رئيسة حزب ميرتس زهافا جالؤون، تصريحات ليبرمان، وقالت: إنه «يواصل تأجيج نار الكراهية بين المواطنين اليهود والعرب في إسرائيل مما يزيد من أجواء العنصرية والتطرف القومي». وأضافت: «للمواطنين العرب الحق في التظاهر».

وتتوقع مصادر أمنية إسرائيلية تصاعد الأحداث على خلفية قتل أبو خضير. وحذرت مصادر كبيرة في الشرطة الإسرائيلية من استمرار المواجهات في الداخل، وأعربت عن اعتقادها أن المواجهات في القدس وفي وادي عارة ستتصاعد خلال الأيام القريبة وستتوسع.

وأجرى مفتش الشرطة العام الجنرال يوحانان دانينو جلسة تقييمية مع كبار ضباط الشرطة وأوعز إليهم بالاستمرار في النشاط المكثف بجميع إسرائيل.

وقال دانينو إن الشرطة ستواصل التعامل بمنتهى الحزم مع أي مظهر من مظاهر العنف، مشيرا إلى اعتقال العشرات من مخالفي القانون ومتعهدا باستنفاد الإجراءات القانونية بحقهم.

وأثارت طريقة قتل أبو خضير غضبا فلسطينيا كبيرا وغير مسبوق. وأظهرت نتائج التشريح أنه تعرض للحرق حيا.

وقال النائب العام الفلسطيني محمد عبد الغني العويوي، إن التشريح الأولي لجثمان أبو خضير أظهر أنه أحرق حيا.

وجاء في بيان للنائب العام: «السبب المباشر للوفاة هو الحروق النارية ومضاعفاتها».

وأضاف العويوي: «تبين من خلال التشريح وجود مادة (شحبار) بمنطقة الرغامة (المجاري التنفسية) بالقصبات والقصيبات الهوائية في كلتا الرئتين، مما يدل على استنشاق هذه المادة أثناء الحرق وهو على قيد الحياة».

كما أظهر التشريح أن الحروق تغطي 90 في المائة من سطح الجسم وأن منطقة الرأس تعرضت لإصابة «بجرح رضي».

ولم تصدر إسرائيل النتائج النهائية للتشريح بانتظار نتائج عينات ومسحات أخذت من سوائل وأنسجة الجسم لفحصها مخبريا.

وقالت مصادر من عائلة أبو خضير لـ«الشرق الأوسط» إن جثته منكل بها.

وأضافت أن هناك «كفا مقطوعا».

وكان والده اتهم المستوطنين بقتل ابنه حتى الموت قائلا لـ«الشرق الأوسط» «إن النازيين الجدد أحرقوا ابني ومثلوا به وهو على قيد الحياة».

وتظهر صور فيديو سيارة يقودها مستوطنون تحدثوا إلى أبو خضير فجر الأربعاء بينما كان في طريقه إلى أداء صلاة الفجر، ومن ثم اختطفوه، قبل أن توجد جثته محترقة بعد ساعات في غابة بالقدس.

وكادت تتسبب حادثة إحراق أبو خضير في انهيار التهدئة في قطاع غزة بعد سلسلة متبادلة من الهجمات بين ناشطين وإسرائيل.

وما زالت التهدئة في غزة على المحك بعد إطلاق صواريخ أمس من غزة تجاه أشكول وأدت إلى إصابة إسرائيلي بجروح طفيفة، بعد ساعات من شن الطيران الإسرائيلي هجمات على القطاع. وتنتهي اليوم مهلة إبداء حسن النية التي توسطت فيها مصر من أجل تثبيت تهدئة في القطاع.