مبادرات صينية لتحرير السوق لا تكفي لطمأنة المستثمرين الغربيين

أنجيلا ميركل تزور الصين لسابع مرة بهدف تعزيز التبادل الاقتصادي

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى جانب مسؤولين صينيين وألمان على متن عربة كهربائية في مصنع سيارات للمجموعة الألمانية فولكس فاغن بالشراكة مع شركة فاو الصينية (أ.ف.ب)
TT

وصلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على رأس وفد من كبار رجال الأعمال أمس إلى بكين في زيارة تستغرق ثلاثة أيام - هي السابعة لها منذ 2005 - تتمحور حول المسائل الاقتصادية والمبادلات التجارية.

وقد حطت الطائرة التي تقلها في شنغدو، جنوب غربي الصين، حيث التقت مسؤولين محليين وزارت إحدى الأسواق كما قامت بجولة في مصنع سيارات للمجموعة الألمانية فولكس فاغن بالشراكة مع شركة فاو الصينية.

وتشكل الصين في أوج ازدهارها بالنسبة للقوة الاقتصادية الأولى في أوروبا سوقا حيوية لا سيما لشركات تصنيع السيارات والمعدات الصناعية. وتعد ألمانيا بالنسبة للصين، البلد الأكثر سكانا في العالم، شريكا هاما بسبب قدرته التكنولوجية العالية.

وتعد الصين أول سوق تصدير لألمانيا في آسيا مع مبيعات بقيمة 67 مليار يورو في العام 2013. في المقابل تعد ألمانيا أول سوق للصين في أوروبا حيث بلغ إجمالي حجم وارداتها 73 مليار يورو العام الماضي.

وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية أمس «يمكن القول بأن العلاقات بين الصين وألمانيا في أفضل وضع في تاريخهما»، مشيدة بـ«التعاون البرغماتي بين هذين العملاقين الاقتصاديين».

وفي تقرير تحليلي لها أكدت رويترز أنه أخفقت حتى الآن مبادرات صينية لتحرير أسواق الصرف والأسهم والسندات داخل البلاد وخارجها في تهدئة بواعث القلق لدى المستثمرين إزاء الأداء وسهولة الشراء والسيولة.

وتعمل الصين بسرعة متزايدة على تحرير أسواق المال بهدف جعل عملتها قابلة للتحويل بشكل كامل في نهاية المطاف بما يمنحها دورا أكبر في الاقتصاد العالمي.

ويمكن لتحرير الأسواق الصينية أن يتيح للمستثمرين مزايا على غرار ما تمنحه أسواق ناشئة كثيرة مثل عملة آخذة بالارتفاع في المدى الطويل وعائدات مرتفعة للسابقين إلى دخول السوق.

وعلى سبيل المثال بلغت سوق سندات اليوان الخارجية التي دشنت قبل أربع سنوات فحسب 120 مليار دولار.

لكن السوق متركزة في هونغ كونغ حتى مع قيام بلدان مثل بريطانيا بجهود مكثفة لأخذ حصة من السوق التي قد تكون مجزية. وشملت التطورات الأخيرة تعيين بنك الإنشاءات الصيني كبنك مقاصة لليوان (الدولار يساوي 2115.‏6 يوان صيني) في لندن وذلك لتعزيز السيولة في السوق وبدء تداول اليوان مقابل الجنيه الإسترليني إلى جانب خطط لتداول اليوان مقابل الوون في آسيا.

وتوسعت الصين أيضا في نظام الحصص لتمكين المستثمرين الأجانب من الشراء في أسواقها المحلية لليوان والأسهم والسندات. وبلغت الحصص القائمة 100 مليار دولار الشهر الماضي.

وفي وقت لاحق هذا العام يبدأ العمل ببرنامج للاستثمار في الأسهم عبر هونغ كونغ وشنغهاي ويهدف للسماح بتداول الأسهم بين المدينتين مما سيفتح الصين أمام المستثمرين الأجانب الذين لهم حضور في هونغ كونغ.

ويفترض أن تكون الصين هي الأقدر على الاستفادة من مسعى عالمي لتصيد العوائد وقد شهدت سوق سندات اليوان الخارجية أداء مزدهرا في النصف الأول من العام.

وبحسب بيانات لتومسون رويترز بلغ إجمالي الإصدارات الجديدة - ومعظمها من مقترضين صينيين - 6.‏358 مليار يوان (7.‏57 مليار دولار) هذا العام وهو ما يقترب بالفعل من إجمالي 2013 بأكمله.

ولا يحتاج المستثمرون الأجانب إلى حصة للاستثمار في هذه السوق على عكس سوق السندات المحلية.

وقال جريجوري سوين مدير الاستثمار لدى إتش إس بي سي لإدارة الأصول في هونغ كونغ لـ«رويترز» «إنها خطوة أولى سهلة وجيدة للمستثمرين الأجانب».

وأشار قرار الصين هذا العام بتوسيع نطاق تداول اليوان إلى مزيد من الالتزام إزاء قوى السوق.

لكنه أثار قلق المستثمرين الساعين للاستفادة من ارتفاع اليوان عن طريق تمويل استثمارات باقتراض عملات منخفضة العائد. ولم تعكس العملة اتجاهها النزولي هذا العام إلا في الفترة الأخيرة.

من ناحية أخرى يؤدي تيسير السياسة النقدية إلى الحد من جاذبية السوق لبعض المستثمرين إذ يقل عائد سندات اليوان الخارجية البالغ 4.‏4 في المائة عن متوسط سوق سندات العملات المحلية للاقتصادات الناشئة. وقال بريان كارتر مدير المحفظة لسندات الأسواق الناشئة لدى أكاديان لإدارة الأصول في نيويورك «نظرا للقمع المالي في الصين والعوائد الحقيقية المتدنية إلى السلبية... فإن نظرتنا للسندات الصينية غير إيجابية في الوقت الحالي». ويشار بالقمع المالي إلى الإجراءات التي تتخذها الحكومات لاستقطاب الأموال التي كانت لتذهب إلى وجهة أخرى.

وتقترب القيمة السوقية لسوق أسهم البر الرئيسي للصين من أربعة تريليونات دولار بينما لا يزيد حجم سوق الأسهم الصينية المدرجة في هونغ كونغ على نحو 600 مليار دولار.

وكان صندوق أشمور للأسواق الناشئة أول شركة لإدارة الأصول خارج هونغ كونغ تحصل على رخصة للاستثمار في البر الرئيسي.

وقالت جولي ديكسون مديرة المحفظة في أشمور «السوق المحلية كبيرة وعميقة وواسعة النطاق وهي نقطة بدء أكثر تنوعا بكثير من سوق هونغ كونغ. عدد متزايد من المستثمرين يتفقدها للمرة الأولى».

ويقول المستثمرون بأن تقييمات أسهم البر الرئيسي أرخص بقليل من أسهم هونغ كونغ وتتيح انكشافا أوسع نطاقا بكثير على الشركات الصغيرة وشركات الإنترنت والقطاعات الأخرى المرتبطة بالاستهلاك الصيني.

لكن للأسواق الصينية سمعتها السيئة بسبب أدائها الأقل من منحنى النمو الاقتصادي الذي يحقق سبعة في المائة سنويا رغم تباطؤه.

ورغم ارتفاع معظم الأسواق الناشئة تراجعت الأسهم الصينية مجددا هذا العام متأثرة بعمليات طرح عام أولي بعضها ما زال متوقعا.

وفي مؤشر على أن معظم المستثمرين غير مستعدين بعد لأسواق البر الرئيسي شهدت إم إس سي إي لمؤشرات الأسواق التي تبلغ قيمة الأسهم على مؤشرها للأسواق الناشئة 3.‏1 تريليون دولار انتكاسة في خططها لضم أسهم صينية إلى المؤشر. وما زالت الأسهم قيد المراجعة بسبب تحفظات المستثمرين الذين لم يحصلوا على حصص للاستثمار في السوق.

وقال إيلام هاكانسون رئيس مجلس إدارة ايست كابيتال التي لها حصة استثمار في الأسواق الصينية بأن معظم المستثمرين غير مستعدين بعد للاستثمار على أساس مؤشر يحوي أسهم البر الرئيسي بسبب نظام الحصص.

وقال: «ربما كان الأمر سابقا لأوانه بعض الشيء».