«حج هارودز».. مصطلح أطلقه البريطانيون على تسوق العرب لرمضان والعيد في لندن

أنفق السياح الخليجيون أموالاً طائلة في المحلات اللندنية استعداداً لموسم الشهر الكريم

TT

لا يمكن للمتسوق في قلب لندن التجاري تجاهل العدد الهائل من السياح العرب الميسورين الذين يملأون المحلات الفاخرة بحي «نايتسبريدج» و«مايفير» ومنطقة «نيو وست إند» خلال العطلة الصيفية وخصوصا قبل حلول شهر رمضان.

وتشهد متاجر الجواهر والملابس الفاخرة والمحلات التجارية الكبيرة خلال هذه الفترة طفرة استهلاكية ملحوظة من طرف السياح العرب الأثرياء، حيث أصبحت أنماط تسوق هذه الفئة من الزوار، التي تبدأ قبل حلول الشهر الكريم ببضعة أسابيع وتتكرر بنفس النشاط قبيل عيد الفطر مباشرة، تعرف بـ«حج هارودز» في إشارة إلى أحد أشهر المراكز التجارية في قلب العاصمة البريطانية لندن «هارودز»، وباعتبار المشهد مألوفاً لدى أصحاب المحلات الفاخرة وعامة المتسوقين من البريطانيين.

يقول عبد السلام الإدريسي، رئيس قسم الخدمات التجارية في الغرفة التجارة العربية البريطانية، لـ«الشرق الأوسط»، إن عدد المتسوقين العرب تراجع مع بداية شهر يوليو، حيث إن معظم السياح عادوا لصيام شهر رمضان في بلدانهم، وأضاف أنه «من المرتقب عودة موجات من الزوار من المنطقة بمجرد ما يجري الإعلان عن عيد الفطر».

مؤسسة «جلوبل بلو» المتخصصة في أبحاث تجارة التجزئة بلندن تقدر حجم ارتفاع إنفاق السياح القادمين من منطقة الشرق الأوسط، ومن دول الخليج تحديداً بنحو 28 في المائة عام 2013، فيما تقول شركة «رين كوميونكيشن» المتحدثة باسم متاجر التجزئة بمنطقة «نيو وست إند» لـ«الشرق الأوسط»، إن متاجر التجزئة الفخمة والفنادق الفاخرة تشهد إقبالاً مكثفاً من طرف الزبائن القادمين من «الشرق الأوسط»، في الفترة التي تسبق حلول شهر رمضان، ويفضل هذا النوع من السياح السلع الفاخرة من ملابس وساعات وحقائب.

وتستعد متاجر التجزئة الفاخرة في بريطانيا لفترة موسم أطلق عليها «رمضان رش» - المقصود بها فترة النشاط الاقتصادي الذي يسبق رمضان - بتوفير منتجات حصرية تجذب المتسوقين العرب وخدمات شخصية تناسب احتياجاتهم، كما أن بعضها تفتح أبوابها بعد ساعات العمل من أجل ضمان راحة الزبائن خارج زحمة التسوق المعتادة.

وهنا يعود عبد السلام الإدريسي ليشير إلى أنه «فيما تختلف أنماط التسوق ومستويات الإنفاق حسب الإمكانيات والأذواق الشخصية، إلا أن المتسوقين العرب أنفقوا 1.25 مليار جنيه إسترليني في المملكة المتحدة، أي ما يناهز 25.000 جنيه في الإجازة الواحدة». وإجابة عن سؤال إذا ما كان هذا النشاط الاقتصادي مرتبطا بحلول الشهر الكريم، أجاب الإدريسي أن «تزايد عدد السياح العرب في بريطانيا مرتبط بأنماط الإجازة لدى هذا النوع من الزوار أكثر مما هو مرتبط بشهر رمضان.

وشهدت بريطانيا ارتفاعا مطردا في عدد المقبلين عليها من دول الخليج تحديدا وفي المبالغ المنفقة، إذ يقدر موقع «فيزيت برتن» أن عدد السياح من الإمارات، والسعودية، وعمان، والبحرين والكويت وقطر وصل إلى 452.000 في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي، مسجلة ارتفاعا قدره عشرة في المائة، مقارنة مع نفس الفترة عام 2012، كما أنه وخلال الفترة ذاتها ارتفعت المبالغ التي أنفقها هؤلاء الزوار بـ11 في المائة في الرحلة الواحدة.

وأفاد مارك هندرسون، رئيس لندن لكسري كارتر، أن «متسوقي الشرق الأوسط يمثلون 17 في المائة من مجموع المبيعات الدولية المعفاة من الضرائب في قلب لندن التجاري وتزيد إنفاقاتهم في المنطقة بـ53 في المائة في المعاملة الواحدة مقارنة مع باقي أنحاء المملكة».

ولا يقتصر النشاط الاقتصادي الذي يرافق ظاهرة «حج هارودز» على السلع الفاخرة فحسب، بل يطال الخدمات الفندقية وخدمات الحراسة الشخصية وغيرها، كما اعتادت الفنادق الفخمة الاستعداد لوصول السياح الأثرياء العرب قبيل وأثناء شهر رمضان بتحضير غرف تبدو عليها علامات البذخ والترف تناسب أذواق هذه الفئة من الزبائن، إلى جانب توفير قوائم طعام «حلال»، و«مساعدي تسوق» يرافقونهم في رحلاتهم التسوقية، بالإضافة إلى سائقين وبوابين يجيدون العربية.

يشار إلى أن السياح من الشرق الأوسط حلوا في المرتبة الثانية، مباشرة بعد الصينيين، من حيث مجموع الإنفاق بنحو 1.5 مليار جنيه إسترليني السنة الماضية، فيما كانوا في المرتبة 19 فقط من حيث عدد زوار لندن.

ويرجع الإدريسي إقبال السياح العرب على لندن أكثر من غيرها من العواصم الأوروبية بحكم «الخدمات المتميزة التي توفرها المدينة للسياح العرب من أكل، وتسوق، وترفيه وأماكن للزيارة. كما أن العلاقات التاريخية تلعب دورا أساسيا».

ووفق بيانات حصلت «الشرق الأوسط» عليها من مؤسسة «جلوبل بلو» وتتناول إجمالي إنفاق المتسوقين من الشرق الأوسط في شهر يونيو من العام الماضي، فإن المتسوقين الكويتيين يترأسون اللائحة، إذ رفعوا مجمل مشترياتهم بـ63 في المائة، فيما حاز القطريون على المرتبة الأولى من حيث المبلغ المدفوع في المعاملة الواحدة.