أبناء العشائر يرفضون اختزال قضيتهم في «داعش»

يعدون كركوك ووحدة العراق خطا أحمر

TT

يمضي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بعيدا في القضايا المرتبطة بالعفو العام. ضباط الجيش السابق ممن يقاتلون الحكومة الآن في إطار الفصائل المسلحة التي تعددت تسمياتها خلال مراحل الأزمة التي تعيشها المحافظات الغربية الخمس من العراق ذات الغالبية السنية شملوا بهذا العفو الذي استثنى من تطلق عليهم السلطات العراقية «الملطخة أيديهم بالدماء».

المالكي الذي هزته أحداث الموصل والتي أطلق عليها هو نفسه تسمية «نكسة ونكبة وهزيمة» في متوالية كلامية تكررت في خطبه وتصريحاته عندما لم تتمكن أربع فرق عسكرية قوامها أكثر من 80 ألف مقاتل وبأسلحة حديثة من الصمود أمام مسلحين تعددت تسمياتهم بين تنظيم داعش وثوار العشائر والمجلس العسكري ورجال الطريقة النقشبندية والبعثيون وجد في الفتوى التي أصدرها المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني ضالته المنشودة في محاولة استعادة التوازن لما حصل من انهيارات لم تكن متوقعة بالنسبة له.

يضاف إلى ذلك واقع الحال الجديد الذي فرضه الأكراد في كركوك والمناطق المتنازع عليها وهو ما أضاف هما جديدا ليس للمالكي فقط بل للقوى الشيعية التي ظلت تراهن على ما يطلق عليه «التحالف التاريخي الشيعي - الكردي». الواقع الجديد الذي فرضته أحداث العاشر من شهر يونيو (حزيران) الماضي فرض متغيرات على الساحة جعل من تاريخ ما بعد العاشر من يونيو يختلف عما قبله من تواريخ. المحافظات الغربية من العراق انتفضت قبل نحو سنتين عبر مظاهرات واحتجاجات سلمية ولم تتمكن حكومة المالكي من مواجهة المطالب الأربعة عشر التي تقدم بها المتظاهرون على نحو جدي.

وفي هذا السياق يقول حامد المطلك عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف الوطنية وهو أحد ضباط الجيش العراقي السابق (يحمل رتبة لواء ركن) ومن أهالي قضاء الفلوجة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «ما جرى في المحافظات الغربية بدءا من محافظة الأنبار وصولا إلى الموصل عبر سامراء وتكريت وديالى وكركوك والأحياء السنية من بغداد كان تعبيرا عن رفض الظلم الذي وقع على أبناء هذه المناطق على كل الأصعدة من تهميش وإقصاء واعتقالات وإهانات وعدم توازن ومسائل لا حصر لها وبالتالي كان يفترض أن تقابلها الحكومة بالمزيد من الإجراءات الفاعلة على أرض الواقع وهو ما لم يحصل». ويضيف المطلك وهو عضو لجنة الأمن والدفاع في الدورة البرلمانية التي انتهت وردا على سؤال بشأن الفصائل المسلحة وداعش وكيفية الفرز بينها قال إن «أهالي الأنبار كانوا قد انتفضوا ضد القاعدة خلال أعوام 2006 وما تلاها وتمكنوا من طردها لكن السياسات الخاطئة للحكومة والسلوك الذي عبر عنه المالكي خلال المظاهرات وما أطلقه بحقها من أوصاف خلقت ردود فعل كبيرة في تلك المناطق وبالتالي فإن تعدد التسميات لا يعني أن هناك خلطا للأوراق بل إن سياسة الحكومة هي التي تجبر الناس على اتخاذ مواقف رافضة بما في ذلك عملية فض خيم الاعتصام وتحويل مسار المعركة إلى داخل المدن ومنها الرمادي والفلوجة».

وفي الفلوجة التي أعلن تنظيم داعش ولايته الإسلامية فيها منذ نحو سبعة شهور تبدو الصورة متناقضة إلى حد كبير. الدكتور جميل العاني أستاذ التاريخ في جامعة الأنبار ومن أهالي الفلوجة يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه اضطر للخروج «من مدينة الفلوجة إلى منطقة أخرى في الأنبار لأنه يخشى القصف العشوائي الذي تتعرض له أحياء المدينة». وردا على سؤال بشأن مصدر القصف يقول «على الأرجح أنه من الجيش العراقي الذي يريد أن يجبر الأهالي على الخروج من المدينة لكي يتمكن من اقتحامها وإخراج المسلحين منها وهو ما لم يحصل منذ سبعة شهور».

ومع تعددية التسميات التي باتت هي اللافتات الأكثر رواجا سواء في المدن والمحافظات الغربية أو عبر وسائل الإعلام فإنه عند سؤال الشيخ مجيد الكعود أحد ثوار العشائر خصوصا في مناطق حديثة وما جاورها عن العفو الذي أصدره المالكي عن الضباط السابقين وجلهم الآن من ثوار العشائر والمجالس العسكرية هناك قال لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف إن «العبرة بالنتائج فنحن عراقيون ولدينا مطالب مشروعة اعترف بها القاصي والداني بما في ذلك الحكومة نفسها وبالتالي فإننا في الوقت الذي نؤيد فيه أي جهد يصب في إنهاء الأزمة على قاعدة تحقيق مطالبنا فنحن معه ولكن لدينا مشكلة وعود مع المالكي حيث إنه كثيرا ما يعد ولا ينفذ»، مشيرا إلى أن «التجربة السابقة أثبتت ذلك وبالتالي لم يعد أحد يصدق بوعود السيد المالكي الذي وجدنا للأسف أن سلوكه طائفي وأنه مصر على عدم تحقيق مطالب شعبه». ويضيف الكعود قائلا «أود هنا أن أبين مسألة في غاية الأهمية حتى لا تحسب ظلما على ثوار العشائر وهي السلوك الذي بات يتبناه الإخوة الأكراد الآن وما بات يصدر عن السيد مسعود البارزاني من تصريحات سواء بشأن كركوك أو المناطق المتنازع عليها أو الانفصال وأقول بكل وضوح إننا ومع اعتراضنا على السيد المالكي لكننا مع وحدة العراق بل إن كركوك ووحدة العراق بالنسبة لنا خط أحمر لا يمكننا قبول أمر واقع لمجرد أن أمرا حصل في الموصل أو تكريت».