الشرطة الإسرائيلية تقر بأن قتل الفتى الفلسطيني كان انتقاميا.. ونتنياهو يميل إلى ضبط النفس في غزة

عباس يطلب تحقيقا دوليا بشأن إحراق أبو خضير حيا.. ويلوح بـ«الجنايات الدولية»

TT

في حين أقرت الشرطة الإسرائيلية بأن خلفية إحراق وقتل الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير (16 عاما) في مدينة القدس، الأربعاء الماضي، كانت على خلفية انتقامية من قبل يهود متطرفين، طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتشكيل لجنة تحقيق دولية في ظروف وفاة أبو خضير.

وقال عباس في مؤتمر صحافي مقتضب بعد لقائه المنسق الخاص للأمم المتحدة روبرت سيري: «الفتى أبو خضير الذي لا يزيد عمره على 15 عاما أحرق حيا، وهذا يذكرنا بأحداث كثيرة حدثت في الماضي، حرق الناس أحياء».

وأضاف: «لقد طلبت من السيد بان كي مون تشكيل لجنة تحقيق دولية بخصوص الجرائم الإرهابية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني والانتهاكات المتكررة، وأهمها جريمة حرق الطفل محمد أبو خضير، وقتل 16 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء، إضافة إلى محاولات الاختطاف المتواصلة والاعتداء على الأطفال بمن فيهم ابن عم الشهيد أبو خضير».

ولمح عباس إلى التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة إسرائيل من دون أن يذكرها صراحة، مخاطبا الإسرائيليين: «إذا كنتم تخشون محكمة الجنايات الدولية فأوقفوا قتل أبناء الشعب الفلسطيني.. نقول لمن يخشى المحاكم، إن عليه أن يكف عن ارتكاب الجرائم، ما دمت لا تريد أن تذهب إلى المحكمة كي تحاكم، فالأساس هو عدم ارتكاب جرائم من شأنها أن تأخذك إلى كل أنواع المحاكم».

وطلب عباس من المجتمع الدولي توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني في كل الأراضي المحتلة، مشيرا إلى تصاعد إرهاب الجماعات الاستيطانية بنسبة 41 في المائة خلال النصف الأول من عام 2014.

واتهم عباس الحكومة الإسرائيلية برفض ملاحقة مجموعات المستوطنين المتطرفة المسماة «تدفيع الثمن»، وشدد على أنه يجب إعلانها في إسرائيل وكل العالم مجموعات إرهابية.

وأكد أن القيادة الفلسطينية في حالة انعقاد دائم وتحضر لسلسلة خطوات لردع العدوان، موضحا: «هناك إجراءات نحضر لها، بيدنا أن نتخذها، وسنتخذها في الوقت المناسب، القريب جدا، من واجبنا حماية شعبنا».

وكان أبو خضير اختطف الأربعاء الماضي من أمام منزله في حي شعفاط في القدس فجرا ثم وجد محروقا بعد ساعتين في غابة المدينة.

وأظهرت صور كاميرات محلية أن مستوطنين يقودون سيارة تحدثوا إليه ومن ثم اختطفوه. وأعلن في إسرائيل أمس أن الشرطة الإسرائيلية ألقت القبض على ستة أشخاص مشتبه بهم بقتل أبو خضير.

وقالت مصادر في الشرطة إن تطورا دراماتيكيا طرأ على عملية التحقيق الحالية في جريمة قتل أبو خضير.

وأقر مسؤولون إسرائيليون بأن حادثة خطف وقتل أبو خضير جرت على خلفية قومية وهو المصطلح الذي تستخدمه الشرطة في حالة الصراع العربي - الإسرائيلي.

ولم تعلن الشرطة أي أسماء، إذ ما زالت العملية قيد التعتيم الإعلامي بموجب أمر من المحكمة.

وقال الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، إنه لن تكون هناك أي محاولة لطمس الحقائق أو إخفاء المعلومات المتعلقة بجريمة قتل الفتى أبو خضير.

وأضاف بيريس لمراسلين أجانب في إسرائيل: «ليس هناك فرق بين دم ودم ويجب بذل قصارى الجهد لإلقاء القبض على المجرمين وتقديمهم للعدالة وإنزال أشد العقوبات بحقهم».

وفجرت جريمة أبو خضير غضبا فلسطينيا واسعا أدى إلى اشتباكات واسعة في القدس والمناطق العربية في إسرائيل، وخلفت إصابات وجرحى واعتقالات واسعة، ضربت إلى حد كبير نموذج التعايش المشترك الذي تروج له إسرائيل. ودعا بيريس إلى «إخماد لهيب النيران المشتعلة في البلاد خلال الأيام الأخيرة ووقف العنف والتحريض».

وفي السياق ذاته، أمر قاض إسرائيلي أمس بإخلاء سبيل صبي أميركي من أصل فلسطيني في الخامسة عشرة من عمره ووضعه قيد الإقامة الجبرية بعد أن أثار تعرضه للضرب قلق الولايات المتحدة.

وطارق أبو خضير الذي جاء عباس على ذكره كذلك، من مدينة تامبا بولاية فلوريدا هو ابن عم محمد أبو خضير.

وقال محامي أبو خضير، وهو تلميذ في المدرسة الثانوية كان يزور أسرته في القدس الشرقية، إن الصبي سيقيم بشكل جبري في منزل قريب له لمدة تسعة أيام.

وأظهر مقطع فيديو نشر على الإنترنت أول من أمس اثنين من شرطة الحدود وهما يمسكان بصبي ملثم ويضربانه قبل حمله بعيدا، مما ترك رضوضا سوداء حول عينه وتورما في شفتاه.

وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين ساكي عبرت عن القلق البالغ بسبب الأنباء بأن أبو خضير تعرض لضرب مبرح أثناء احتجازه لدى الشرطة.

ووضعت حادثة إحراق أبو خضير التهدئة في قطاع غزة على المحك بعد سلسلة متبادلة من الهجمات بين ناشطين وإسرائيل.

وتبذل مصر حاليا جهود الربع ساعة الأخيرة من أجل تثبيت التهدئة بين حماس وإسرائيل وسط استمرار الهجمات الصاروخية المتبادلة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس، إنه يجب التحلي بالمسؤولية وضبط النفس وتجنب العمل بصورة متهورة وملتهبة.

وكان نتنياهو يرد على وزراء من بينهم وزير الاستخبارات يوفال شتاينتز، ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، طالبوا بسحق حماس وإعادة احتلال غزة.

وانتقد مصدر عسكري الأصوات المعارضة لسياسة ضبط النفس التي يقوم بها الجيش إزاء الوضع الراهن في محيط قطاع غزة.

وقال المصدر ذاته، إن الجيش لديه القوة والقدرة على تنفيذ أي عملية عسكرية في قطاع غزة بما في ذلك إعادة احتلاله، لكن يجب دراسة مختلف الظروف والانعكاسات المترتبة على أي عملية عسكري.

وكان ناطق باسم الجيش أكد أمس أن سلاح الجو الإسرائيلي قصف عشرة مواقع تابعة لمنظمات فلسطينية في مركز قطاع غزة وجنوبها، ردا على إطلاق نحو 12 قذيفة صاروخية من القطاع ليلا نحو منطقة النقب الغربي في إسرائيل.

ولا تسعى حماس وإسرائيل إلى تصعيد مفتوح.