«داعش» تعاقب المدن التي أخضعتها بإخلائها من السكان

الطيران السوري يستهدف معقلي التنظيم في الرقة والشحيل

TT

أكد ناشطون سوريون أمس، أن تنظيم «الدولة الإسلامية»، المعروف بـ«داعش»، يهجّر سكان بلدات دير الزور، بعد سيطرته عليها، وأنه أرغم أكثر من 30 ألف شخص من سكان بلدة الشحيل، التي كانت تعد معقلا لـ«جبهة النصرة»، على مغادرة البلدة، فيما يتفاوض مع عشيرة الشعيطات لتجنيب 83 ألف نسمة مصير التهجير من قرى يوجد فيها أعضاء العشيرة.

بموازاة ذلك، تجددت الاشتباكات بين مقاتلي التنظيم المتشدد وكتائب المعارضة السورية في ريف حلب، أفاد ناشطون بتنفيذ الطيران الحربي النظامي السوري غارات جوية استهدفت اثنتان منها مدينة الشحيل بدير الزور، بحسب «لجان التنسيق المحلية»، فيما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن غارات استهدفت مقرات للتنظيم في الرقة. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش»، الذي بات يسيطر على أجزاء واسعة من محافظة دير الزور الحدودية مع العراق، «هجّر يوم الجمعة الماضي أهالي مدينة الشحيل، المعقل السابق لـ(جبهة النصرة) في سوريا، البالغ عددهم أكثر من 30 ألف نسمة، وذلك بعد مبايعة فصائل وأهالي مدينة الشحيل لـ(الدولة الإسلامية) في الثاني من الشهر الحالي»، بعدما كان هجر نحو 30 ألف شخص آخرين من بلدتي خشام وطابية في المحافظة نفسها قبل أسبوعين.

وقال المرصد إن تنظيم «داعش» «لم يسمح حتى الآن بعودة سكان بلدتي خشام (أكثر من 15500 شخص)، وطابية جزيرة (نحو 15 ألفا) في ريف دير الزور الشرقي الذين هجرهم في 23 يونيو (حزيران) الماضي، كأحد شروط (قبول توبتهم) بعد قتالهم (الدولة الإسلامية)».

وكان تنظيم «الدولة الإسلامية»، الذي بات يسيطر على مساحات شاسعة في شمال العراق وغربه وشمال سوريا وشرقها، تمكن من الاستيلاء على قرى ومدن عدة في دير الزور من دون مقاومة تذكر، إذ دفع الخوف ونقص السلاح والتجهيزات، فصائل المعارضة السورية المسلحة المقاتلة في ريف دير الزور، إلى مبايعة «داعش» أو الانسحاب من مواقعها. وأعلن متحدث باسم الائتلاف الوطني السوري، أول من أمس، أن تراجع قوات المعارضة يعود إلى عدم جدية المجتمع الدولي ومنظومة أصدقاء سوريا وتخاذلهما في دعم الثورة عمليا، وتناقل ناشطون أمس شريط فيديو على موقع «يوتيوب» يظهر رجالا، بينهم وسطاء وأعيان، تولوا التفاوض على ما يبدو مع تنظيم «الدولة الإسلامية»، يقومون بتبليغ الأهالي بـ«شروط داعش» على أهالي الشحيل «لقبول توبتهم». ومن هذه الشروط، بحسب الشريط، تسليم كل السلاح الموجود في البلدة ابتداء من المسدسات، ثم «خروج الأهالي لمدة سبعة إلى عشرة أيام» من البلدة: «حتى يشعروا (داعش) بالأمان»، فتجري عودة الأهالي.

وشكك ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في نوايا تنظيم «الدولة الإسلامية» وفي إمكان العودة، متهمين عناصر «داعش» بأنهم يريدون احتلال منازل البلدة ونهبها. وقال المرصد إن البلدة فرغت من سكانها الذين «لجأوا إلى قرى وبلدات مجاورة، (...) وبعضهم لا يزال يفترش العراء وسط ظروف غير إنسانية، ويعانون ارتفاع درجات الحرارة ونقص في الأغذية والمياه». وأشار هؤلاء إلى أن المفاوضات قائمة بين «الدولة الإسلامية» وعشيرة الشعيطات التي تتوزع في قرى وبلدات غرانيج وأبو حمام والكشكية في ريف دير الزور، ويصل تعداد سكان هذه القرى إلى نحو 83 ألف نسمة، «بسبب محاولة (الدولة الإسلامية) فرض بند التهجير على أهالي هذه القرى» أيضا. في معقل التنظيم بالرقة، دارت اشتباكات بين مقاتلي «الدولة الإسلامية» من طرف ووحدات حماية الشعب الكردي من طرف آخر بالقرب من قريتي سويك وبير كنو في الريف الغربي لمدينة تل أبيض، مما أدى إلى مصرع خمسة مقاتلين من «داعش»، وأسر اثنين آخرين منهم من قبل وحدات الحماية. وأفاد ناشطون بأن الطيران الحربي النظامي نفذ غارة بالقرب من المحكمة الشرعية في منطقة الكرامة، مما أدى إلى سقوط جرحى. كما أفادت لجان التنسيق المحلية بتنفيذ الطيران غارتين على مدينة الشحيل في دير الزور، بعد سيطرة «داعش» عليها. في غضون ذلك، أفاد المرصد السوري باستيلاء «الدولة الإسلامية» على عدد كبير من الآليات والأسلحة والذخيرة، إثر الكمين الذي نصبته لمقاتلي «جبهة النصرة» أثناء انسحابهم من دير الزور باتجاه ريف حمص ليل أول من أمس.

وتصاعدت وتيرة الاشتباكات بين فصائل المعارضة ومقاتلي «داعش» في ريف حلب الشرقي والريف الشمالي، حيث يحاول التنظيم زيادة رقعة سيطرته والتمدد إلى المناطق الحدودية مع تركيا، كما يقول ناشطون، كما التمدد إلى الأرياف التي تفصل حلب وإدلب وحماه. وأفاد ناشطون باندلاع اشتباكات بين الكتائب الإسلامية المقاتلة و«جبهة النصرة» من جهة، و«داعش» من جهة أخرى في محيط بلدة أخترين بالقرب من قرية الزيادية في ريف حلب الشمالي، فيما دارت اشتباكات عنيفة بين وحدات حماية الشعب الكردي ومقاتلي «داعش» في المنطقة نفسها، وتحديدا في محيط قرى خراب عطو وجب الفرج وشيوخ تحتاني. وتزامنت المعارك مع اشتباكات أخرى اندلعت بين الكتائب الإسلامية المقاتلة والكتائب المقاتلة و«جبهة النصرة» من جهة، وقوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني من جهة أخرى، في محيط جبل عزان وقرية الوضيحي بريف حلب الجنوبي.