شاشات: العبق التاريخي أبرز ما تجلبه مسلسلات رمضان

TT

حسب مصادر، فإن واحدا من المسلسلات ذات العبق الاجتماعي والتاريخي، وهو «سرايا عابدين» كلف 140 مليون جنيه. تعرضه محطات «MBC» و«أبوظبي» و«مصر»، ويحتوي على حكاية صراع بين حريم قصر الخديوي إسماعيل. تقوم يسرا بدور الملكة خوشبار، والمصدر يقول إن يسرا تقاضت ما لا يقل عن 15 مليون جنيه عن دورها فيه.

يعكس ذلك النجاح المتواصل للمسلسلات التاريخية، وهو أمر جيد بحد ذاته. المسلسلات الرمضانية ليست رمضانية حقا من دون ذلك العبق التاريخي، سواء أكان هذا التاريخ نابعا من أحداث أو من سير شخصيات أو عبارة عن حب لمكان وزمان بعيدين.

إلى جانب «سرايا عابدين» هناك ما لا يقل عن سبعة مسلسلات مماثلة في نوعها، ومنها «صديق العمر» و«باب الحارة»، اللذان جرى تقديمهما هنا سابقا، وكذلك «خان الدراويش» و«طوق البنات» و«الغربال» و«رجال الحارة» و«بواب الريح». كلها تدور إما في رحى فترة تاريخية أو تقع في أماكن تاريخية. تسترجع الذكريات وتميل إلى توريط الأماكن وبعض الأحداث في وسط المسافة بين المشاهد ويومه الحالي، وذلك المكان وحدثه التاريخي.

لا مشكلة في ذلك على الإطلاق.

في الأساس، فإن التوجه إلى الجمهور العائلي بمثل هذه المسلسلات هو اعتراف بأن نسبة كبيرة من المشاهدين تحن للأمس وترغب في الاستزادة منه. في المقابل، ما تنتجه وتعرضه المحطات التلفزيونية من مسلسلات حول الحياة الحاضرة يتوزع بين الكوميديا والدراما.

لكن هل من أرقام تعرفها المحطات التلفزيونية يمكن أن تشاركنا بها بحيث يستطيع الإعلامي أن يكتب عن هدى وثقة أفضل؟

لقد سرت العادة أن تبقي المؤسسات الإعلامية كل ما هو رقمي، مثل تكلفة المسلسل الواحد تحديدا، أو عائداته أو نسبة الإعلانات أو نسبة المشاهدين الذين يشاهدون هذا المسلسل، عنوة عن ذاك، سرا. ولا ريب أنها تعرف مصلحتها وأن لديها أسبابها، لكن السياسة الإنتاجية التلفزيونية في هذا الجزء من العالم تسير بقدم واحدة إلى الأمام بالمقارنة مع التقدم الكبير الذي أحرزته التلفزيونات العالمية لناحية شفافيتها ولناحية ابتداعها طرقا ووسائل تواصل مع الإعلاميين وكذلك مع الجمهور الكبير عبر الطريقين الوحيدين المتاحين وصولا لذلك الجمهور: الإعلام والتواصل المباشر.

هناك ثقة كبيرة بالنفس وبالجمهور، وحاجة أكبر للحضور إعلاميا وبكل وسيلة ممكنة، بحيث نجد المحطات المختلفة تكمل حلقات الإنتاج بحلقات الدعاية والإعلان والإعلام وكل وسائل الترويج. شيء من هذا يقع في عالمنا، لكنه متوقف بالطبع على القدرة المالية للمحطة، وكل محطة لها ظروفها، لكن ليس هناك بعد من سياسة طموحة وواثقة ينجلي عنها قدر أمتن من العلاقة بين المحطة والإعلامي.

بالتالي، وعلى سبيل المثال فقط، لو كانت هناك أرقام محددة تخبرنا كم نسبة نجاح المسلسلات من حيث أنواعها (تاريخي، كوميدي، تشويقي، ديني، درامي.. إلخ) لازددنا علما ولأصبحت الكتابة أسهل من حيث قدرتها على الاعتماد على حقائق وليس على فرضيات.

طبعا هناك احتمال أنها تُنتج تبعا للعادة وأن الكثير منها (أي باستثناء «باب الحارة» الذي ينتظره الملايين من رمضان لآخر) بالكاد يجذب العدد الكافي من المشاهدين. لكن هذا احتمال، وتأكيده أو نفيه ينتظر أن يُعامل الإعلام معاملة تستطيع محطات التلفزيون الاستفادة منها حتى وإن تفاوتت الآراء حول تقييم مسلسل أو برنامج.

على حد علمنا، محطة «MBC» الأساسية (الأولى) هي الوحيدة التي تبادر دوريا بتوزيع معلومات حول ما تريد الترويج له. لكن هذا ليس كافيا، وبالنسبة لمعظم الإعلاميين، فإن عملهم ليس في وارد تصريف أعمال دعائية والتحول إلى ناقل للخبر. لذا، فإن المشاركة على نطاق أكثر شفافية أمر مهم، ودعوة الإعلام لمعايشة أجواء العمل والمشاريع وليس فقط توزيع الأخبار عليهم يمكن أن يفيد طرفي العلاقة.

بعض القصور هو من الإعلام ذاته.. في زمن مضى كان للميدان التلفزيوني صفحاته ومجلاته. واحدة من المجلات التي صدرت واختفت كان اسمها «تي في» من لبنان، والاعتقاد أنها صدرت حتى قبل «الإذاعة والتلفزيون» المصرية أو بموازاتها. ثم صار للتلفزيون أكثر من حيز، مما عجل بسرقة الاختصاص من تلك المجلة القديمة. وبما أن المجلات «الفنية» العامـة تدور دوما حول النجوم والكواكب والأخبار المشعشعة، وكثير من كل هذا تلفزيوني، فقد اختلط الحابل بالنابل وباتت الصفحات متشابهة في ما تورده من مقالات وأخبار.. باستثناء أنه لا توجد مجلة تلفزيونية رصينة أو متخصصة كما هي الحال في أميركا وفرنسا أو بريطانيا أو سواها.

طبعا من الصعب تحويل انتباه القراء والمشاهدين لمجلة متخصصة في أي نطاق، لكن هذا النطاق تحديدا يستطيع تحمل عبء المشروع إذا ما أتيح له ذلك.