«الدولة الإسلامية» تسوق «خليفتها» والسوريون لا يفصلون صورته عن «دموية» تنظيمه

خبير سوري: «داعش» يحاول تكريس صورة زعيمه بوصفه الحلقة المركزية في «الخلافة»

TT

يسعى تنظيم الدولة الإسلامية إلى تسويق صورة زعيمه أبو بكر البغدادي «خليفة للمسلمين»، عبر اختيار الجامع الكبير في الموصل لإلقاء أول خطبة يوم الجمعة الفائت، وإصدار عفو عام عن المعتقلين داخل سجون «الدولة»، إضافة إلى توجيه رسالة تدعو الجهاديين للهجرة إلى «الدولة الإسلامية»، لكن يبدو أن هذه الاستراتيجية لن تنجح في إقناع سكان المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في سوريا، إذ يربط هؤلاء بين الممارسات الدموية لعناصر «الدولة» وبين زعيمها.

وتأتي خطبة البغدادي بعد توجيهه رسالة صوتية قبل أسبوع، داعيا «من استطاع من المسلمين أن يهاجر إلى الدولة الإسلامية فليفعل، لأنه بات اليوم للمسلمين دولة وخلافة»، مؤكدا أن «الهجرة إلى (دولة الخلافة) باتت (واجبا عينيا) على من يستطيع من المسلمين». وخص بدعوته «الفقهاء والعلماء وأصحاب الكفاءات العسكرية والأطباء والمهندسين في كافة المجالات».

ورصد الخبير في الحركات الإسلامية مصطفى اللباد في مقالة نشرها أمس في ظهور البغدادي عددا من الرمزيات، أبرزها اختياره الجامع الكبير في الموصل الذي بناه نور الدين زنكي مؤسس الدولة الزنكية، إذ تكشف مراجع تاريخية متطابقة تشابها يصل إلى حد التطابق بين حدود وخريطة الدولة الزنكية قبل تسعة قرون، وتلك الرقعة الجغرافية الممتدة من الرقة إلى الموصل التي تسيطر عليها «الدولة» الآن. ما يعني أن زعيم «الدولة» أراد مماثلة نفسه بالزنكي، خصوصا أن الأخير اشتهر بخطه المعادي للصليبيين والداعي إلى «فتح القدس». كما لفت إلى تفاصيل عن لحظة وصول البغدادي إلى المسجد لإلقاء الخطبة، مشيرة إلى أنه وصل عبر موكب ضخم مجهز بتقنيات حماية حديثة، في حين جرى قطع الاتصالات بشكل كامل عن مدينة الموصل طوال فترة الخطبة التي نقلتها عدة كاميرات التقطت حركته داخل المسجد وخارجه.

هذه الخطوات من قبل تنظيم «الدولة» الهادفة إلى تسويق صورة البغدادي بوصفه زعيما أو «خليفة» يضعها الكاتب والمحلل السوري عبد الناصر العايد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في الإطار الطبيعي للتنظيم الذي تحول إلى «خلافة» مكتملة الأركان وبات بحاجة إلى تكريس صورة زعيمه بوصفه الحلقة المركزية في هذه الخلافة، لافتا إلى أن «البغدادي كان يستمد شرعيته من (الدولة) ولكن بعد إعلان الخلافة باتت هي تستمد الشرعية منه، لأنه الخليفة ولا خلافة من دون خليفة».

وإلى جانب المظاهر الخارجية، تسعى «الدولة»، بحسب العايد، إلى إضفاء «صفات الرحمة والعدل التي يمتاز بها الخلفاء عادة على البغدادي»، واضعا في هذا السياق العفو الذي أصدره الأخير عن السجناء المعتقلين في سجون «الدولة». وكان زعيم «الدولة» أصدر مطلع الشهر الحالي عفوا عن سجناء الدولة في مدينة الباب في حلب، لمناسبة «إقامة دولة الخلافة الإسلامية» أطلق على أثره سراح 100 معتقل.

ومن غير المرجح أن تؤدي استراتيجية «الدولة الإسلامية» في تسويق صورة زعيمها إلى إقناع السكان الذين يقطنون مناطق سيطرتها بهذه الصورة، انطلاقا من ربطهم بين ممارسات عناصر التنظيم الدموية وبين البغدادي نفسه، كما يقول معارضون سوريون.

وتعمد حسابات إلكترونية تابعة لـ«تنظيم الدولة» إلى نشر معلومات عن البغدادي على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي معرفة إياه بـ«خليفة المسلمين إبراهيم بن عواد البدري الحسيني القرشي»، وذلك بعد إعلان التنظيم مطلع الشهر الحالي عن «قيام الخلافة الإسلامية»، وبايع زعيمه «خليفة للمسلمين».