رئيس حركة نداء تونس يدعو لتأجيل الانتخابات إلى 25 مارس المقبل

حصيلة إقبال التونسيين على التسجيل في قوائم الناخبين لا تزال هزيلة

TT

دعا الباجي قائد السبسي، رئيس حركة نداء تونس، إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلى 25 مارس (آذار) 2015، وقال في مؤتمر صحافي، عقده أمس في العاصمة التونسية، إن ضغط روزنامة الانتخابات وضيق الوقت، بالإضافة إلى الانتقادات المتعددة الموجهة لعملية تشجيع المواطنين على التسجيل، ستؤدي إلى تجاوز المواعيد الانتخابية التي حددتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، على حد قوله.

كما أعلن قائد السبسي، (87 سنة)، أمس، أنه «يعتزم» الترشح للانتخابات الرئاسية إن بقي على قيد الحياة، وقال في مؤتمر صحافي: «أعتزم تقديم ترشحي إلى الانتخابات الرئاسية.. إن بقيت على قيد الحياة حتى يوم الانتخابات».

واتهم قائد السبسي بعض الأطراف السياسية بالسعي إلى تضييق رقعة الناخبين، وتعذر تسجيل العدد الأكبر من التونسيين في اللوائح الانتخابية، بهدف الاستفادة من ضعف المشاركة والاكتفاء بالناخبين المسجلين في انتخابات 2011، مؤكدا أن حزبه سيتصدى لهذه الخطة.

وانتقد السبسي ما يجري خلال الفترة التي تسبق الانتخابات، وقال إنها لن تكون ممثلة لكل التونسيين إذا تواصل المسار الانتخابي على هذا النحو، وأوضح أنه «لا فرق بين إجراء الانتخابات الرئاسية في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2014 مثلا، أو في مارس 2015».

لكن مراقبين عدوا دعوة السبسي إلى تأجيل الانتخابات خرقا لفصول الدستور الجديد، الذي حدد نهاية عام 2014 حدا أقصى لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وأبدى السبسي منذ الآن شكوكا في مصداقية الانتخابات المقبلة، وقال إن الظروف التي ستجرى فيها ستكون غير عادية، وذلك بعد توجيه انتقادات لتركيبة فروع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، خاصة في الجهات وفي عضوية مكاتبها خارج تونس. وقال إن الانتخابات، بشقيها الرئاسي والبرلماني، معرضة للطعن والتشكيك، واتهم بعض أعضاء هيئة الانتخابات بغياب الاستقلالية عن الأحزاب السياسية.

وتشهد عمليات التسجيل للانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، إقبالا ضعيفا جدا، إذ أبرزت آخر إحصائية نشرتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أمس، أن مجموع من سجلوا أنفسهم ناهز 110 آلاف ناخب، علما بأن هذه العملية لا تهم مجمل الناخبين، الذين يناهز عددهم أكثر من ثمانية ملايين ناخب، بل نحو خمسة ملايين تونسي فقط، أربعة ملايين منهم لم يقوموا بالتسجيل خلال انتخابات 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، ونحو 800 ألف شاب وشابة بلغوا سن 18 (السن القانونية للانتخاب) بعد انتخابات أكتوبر 2011، حيث يعد من سجل في هذه الانتخابات مسجلا بصفة آلية، ويمكنه فقط تغيير مكان الاقتراع إذا رغب في ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أن عمليات التسجيل انطلقت يوم 23 يونيو (حزيران) الماضي، وستتواصل حتى يوم 22 يوليو (تموز) الحالي، وأعلنت هيئة الانتخابات أن التمديد في عملية التسجيل لن يتجاوز يوم 25 يوليو.

وعاينت «الشرق الأوسط»، أمس، في مكتبين للتسجيل في مدينة أريانة قرب العاصمة، حضورا ضعيفا جدا للراغبين في التسجيل، حيث كان أحد المكاتب خاليا تماما سوى من العاملين في هيئة الانتخابات، وقالت موظفة تشرف على أحد هذين المكتبين لـ«الشرق الأوسط» إن «أكبر حضور سجله المكتب الذي تشرف عليه منذ انطلاق عمليات التسجيل لم يتجاوز 20 شخصا خلال يوم واحد، في حين سجلت بعض الأيام غيابا كليا للراغبين في التسجيل».

ويبدو أن ضعف الإقبال على التسجيل في القوائم الانتخابية لم يفاجئ عددا من المراقبين، إذ توقع بعضهم هذه الحصيلة «الهزيلة»، وأرجعوها إلى «تزامن حملة التسجيل مع أوج فصل الصيف والعطل السنوية وشهر رمضان الكريم».

كما يرى بعض المراقبين أن «أغلب الأحزاب السياسية لم تقم بأي جهد لحث الناخبين على التسجيل، سواء لحسابات انتخابية بالنسبة للبعض منها، أو لضعف الإمكانات والقدرة على التعبئة بالنسبة للبعض الآخر». في حين انتقدت جهات أخرى أداء منظمات المجتمع المدني المهتمة بالشأن الانتخابي وقالت إنها «لم تتحرك إلا في وقت متأخر نسبيا، ومن دون أن تنسق فيما بينهما، مما جعل جهودها مشتتة وغير مجدية».

وعلى صعيد آخر، شرعت لجنة المالية والتخطيط والتنمية بالمجلس الوطني التأسيسي (البرلمان)، أمس، في عقد جلساتها لمناقشة مشروع قانون المالية التكميلي لعام 2014، وذلك في ظل تخوفات من انتقال الجدل الدائر حول حجم الضرائب المطبقة على المواد الاستهلاكية من الشارع التونسي إلى البرلمان، ليصبح موضوعا للتجاذب السياسي بين الأحزاب والدعاية الانتخابية المبكرة، قبل أشهر من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وانتقد حزب العمال (حزب يساري يقوده حمة الهمامي) الحكومة، وقال إن مشروع قانون المالية التكميلي، الذي صدق عليه مجلس الوزراء، لا علاقة له بمطالب التونسيين وتطلعاتهم.

وقال في بيان إن الحكومة، التي يقودها مهدي جمعة، تطبق إملاءات الصناديق والمؤسسات المالية العالمية، غير مراعية للتدهور المريع للأوضاع الاجتماعية، وتدني القدرة الشرائية لمعظم المواطنين. كما انتقد تفاقم الضرائب ضمن إصلاحات هيكلية تطبقها الحكومة.

في غضون ذلك، قضت محكمة الاستئناف في تونس العاصمة بمنع نشر وترويج «الكتاب الأسود» للرئيس التونسي منصف المرزوقي، وذلك بعد القضية التي رفعتها جمعية أحباء الترجي التونسي (أكبر نادي كرة قدم في العاصمة) بإيقاف النشر والترويج، بسبب تضمن الكتاب إساءة إلى تاريخ النادي.

وخلف الكتاب إبان صدوره في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 ردود فعل غاضبة، بسبب تضمنه أسماء من اتهموا بالتعاون والدعاية لفائدة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وحمل عنوان «منظومة الدعاية تحت حكم بن علي.. الكتاب الأسود».