الأحزاب الإسلامية الجزائرية تستنكر مشاركة ضباط في احتفالات فرنسا

حركة النهضة عدت الخطوة تبرئة لمجازر الاستعمار

TT

أثار إعلان السلطات الجزائرية مشاركة ضباط من الجيش في احتفال تنظمه فرنسا، الاثنين المقبل، بمناسبة مئوية اندلاع الحرب العالمية الأولى، حفيظة الأحزاب الإسلامية التي أدانت «التنكر لشهداء حرب التحرير» من الاستعمار الفرنسي (1954 – 1962).

وقالت حركة النهضة المعارضة في بيان، نشر أمس، إن «هذا الفعل يعد بمثابة تبرئة لجرائم ومجازر فرنسا في الجزائر منذ سنة 1830، وتزكية للقانون الفرنسي الممجد للاستعمار في الجزائر»، في إشارة إلى قانون أصدره البرلمان الفرنسي في 2005، يصف الاستعمار في شمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20 «عملا متحضرا».

وحمل الحزب، الذي يقوده محمد ذويبي، «الأسرة الثورية، التي تدعي الوطنية، مسؤولية صمتها غير المفهوم حتى الآن»، خصوصا وأنها مكونة من تنظيمات نافذة في السلطة، تأسست للدفاع عن «ذاكرة شهداء حرب التحرير»، وتقودها المنظمة الوطنية للمجاهدين، والمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء والمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين.

ودعا الحزب الإسلامي السلطات إلى مراجعة قرارها وفاء لتضحيات الشعب الجزائري وشهدائه.

وتحتفل فرنسا في 14 يوليو (تموز) الحالي بثورتها، وبمشاركة قواتها في الحرب العالمية الأولى مع مئات الآلاف من الجنود، الذين جلبتهم من مستعمراتها السابقة، من بينها الجزائر. ويثير هذا الموضوع حساسية كبيرة في الجزائر وفي فرنسا، لأنه يذكر الطرفين بآلام الاستعمار التي ما زالت تلقي بثقلها على العلاقات بين البلدين في كل المجالات.

وإذ كانت العلاقات في شقها الاقتصادي ممتازة بين البلدين، فهي، حسب بعض المراقبين، ليست كذلك من الناحية السياسية والدبلوماسية، بسبب رواسب التاريخ والاستعمار، وهو ملف يعرف بـ«الذاكرة»، حيث أعلن في 2006 عن فشل مساعي إبرام «معاهدة صداقة» بين باريس والجزائر، بسبب رفض فرنسا طلب الجزائر الاعتراف بجرائم الاستعمار.

وقال عبد الرزاق مقري، رئيس الحزب الإسلامي (حركة مجتمع السلم) إن «مسؤولين فرنسيين أعلنوا مبكرا أن الجزائر ستشارك في تلك الاحتفالات، ولم يصدق هذا الإعلان كثير من السياسيين، بل هناك شخصيات مهمة في الدولة الجزائرية، وفي منظمة المجاهدين من أنكر ذلك أو استبعده، ثم تبين بأن المسؤولين الفرنسيين هم الأدرى بالشؤون الداخلية الجزائرية من الجزائريين أنفسهم».

وكان وزير الخارجية رمضان لعمامرة قد صرح الأحد الماضي، بأن ثلاثة ضباط من الجيش الجزائري سيشاركون في العرض العسكري مع عساكر من 68 دولة، كان لها إسهام في الحرب العالمية الأولى، لبت الدعوة الفرنسية، وقال مبررا سبب تكتم السلطات عن إعلان الخبر «دفع الجزائريون دماءهم لتحرير فرنسا وأوروبا من الهمجية.. ثم إن 80 دولة شاركت شعوبها في الحرب العالمية الأولى، دعيت للاحتفال بهذه المناسبة وليس الجزائر فقط».

وأفاد مقري أن هذه الاحتفالات، بقدر ما هي مناسبة للفرحة والسرور بالنسبة للفرنسيين، هي أيضا سبب للحزن والأسى بالنسبة للجزائريين، ذلك أن الجنود الذين قتلوا أثناء الدفاع عن فرنسا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، والذين يريد أن يخلد وزير الخارجية ذكراهم بالمشاركة في الاحتفال، لم يشاركوا ولم يقتلوا فيها بمحض إرادتهم، بل أجبروا على ذلك، وهي احتفالات تذكرنا بالمجازر المرعبة التي اقترفها الفرنسيون بعد الحرب العالمية الثانية في أحداث 8 مايو (أيار) 1945، بعد أن غدروا ونكثوا عهودهم. فكيف يمكن أن تشارك الجزائر في هذه الاحتفالات، والفرنسيون لم يقبلوا حتى بتقديم اعتذار عن مجازرهم وتعويض ضحايا ظلمهم وغطرستهم؟.

وأضاف «يؤكد هذا الموقف أن السلطة الجزائرية غير قابلة للمساءلة، وأن الرقابة على الشأن العام التي يضمنها الدستور مسألة خرافية، لا وجود لها على أرض الواقع، فالسلطة الجزائرية تظهر مرة أخرى جرأتها على التصرف في قضايا حساسة تهم كل الجزائريين، دون أن تعطي أي اعتبار للرأي الآخر، ولا تخشى أي محاسبة، وتؤكد أن سلطتها التنفيذية مهيمنة كلية على سائر السلطات، وأن مصير الجزائر بأكمله في جهة واحدة، تفعل به ما تشاء من دون رقيب ولا حسيب».