تخبط دبلوماسي فرنسي إزاء أحداث غزة ومواقف متناقضة للرئيس هولاند

الرئيس الفرنسي يسعى لتصحيح الخطأ

TT

لم يبدد البيان الذي أصدره قصر الإليزيه عقب الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ونظيره الفلسطيني محمود عباس «الدهشة والخيبة» التي عبرت عنها مصادر دبلوماسية عربية في باريس وسياسيون ونواب فرنسيون إزاء ما عدوه «تأييدا للعملية العسكرية التأديبية» و«ضوءا أخضر» للذي تقوم به إسرائيل ضد غزة.

وكان هولاند قد اتصل بأبو مازن مساء الخميس ليعبر له عن «قلقه» إزاء تدهور الوضع في غزة وعن «الأسف للعمليات العسكرية الجارية التي وقع ضحيتها العديد من الضحايا الفلسطينيين» مضيفا أن «سلامة جميع السكان المدنيين يتعين ضمانها» وداعيا لـ«وقف التصعيد والقيام بكل ما يلزم للعودة إلى هدنة عام 2012».

ويتناقض ما جاء في البيان الأخير مع ما تضمنه البيان الأول الذي صدر مساء الأربعاء عقب اتصال هاتفي بين هولاند ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حيث عبر هولاند عن تضامن فرنسا «مع إسرائيل في مواجهة الصواريخ التي تطلق من غزة»، مؤكدا أن باريس «تدين بشدة هذه الاعتداءات». غير أن الفقرة الأهم في البيان تقول إنه «يعود للحكومة الإسرائيلية أن تتخذ كل التدابير من أجل حماية شعبها من هذه التهديدات».

وقد أثار هذا البيان حفيظة مصادر دبلوماسية عربية في العاصمة الفرنسية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» لتعبر عن «صدمتها» مما رأت فيه من «إجازة بالقتل» أعطيت مسبقا لنتنياهو الذي تقول إنه حصل بذلك على «الضوء الأخضر» باتخاذ «كافة التدابير». وجاءت الترجمة الإسرائيلية عبر عمليات قصف جوي وأرضي وبحري ضد غزة «لا تميز بين المقاتلين والمدنيين». فضلا عن ذلك، أبدت هذه المصادر استهجانها من غياب أية إشارة في بيان الإليزيه إلى الضحايا الفلسطينيين المدنيين من أطفال ونساء وإلى التدمير الهائل الذي يلحقه القصف الإسرائيلي بالبنى التحتية في غزة.

بيد أن التنديد لم يقتصر على الدبلوماسيين العرب إذ إن حزب الخضر أصدر بيانا شديد اللهجة جاء فيه أن موقف هولاند «يبرر سلفا كل أنواع العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل خصوصا في غزة بحجة الحماية من الإرهاب». كما أن نائبين ينتميان إلى الحزب الاشتراكي (حزب هولاند) أعلنا أنه «لا يتعين على فرنسا بأي حال من الأحوال أن تغطي أعمال العنف والقمع العسكرية» مضيفين أن النتيجة الأولى للاستخدام غير المتناسب للقوة ضد الفلسطينيين هي موت العشرات من الفلسطينيين بينهم العديد من الأطفال». وبرأي النائبين رازي حمادي وألكسيس باشليه، فإنه يتعين على فرنسا أن «تدين بوضوح أعمال القمع العسكرية» الإسرائيلية. واتصلت «الشرق الأوسط» بسياسيين فرنسيين أبدوا «استغرابهم» لموقف هولاند الذي يتناقض تماما مع السياسة الفرنسية التقليدية في النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي التي سعى هولاند لاستعادتها بعد الضجة على موقفه الأول المتحيز لإسرائيل. ففي البيان الثاني الذي أشاد فيه بـ«حس المسؤولية» الذي يتحلى به الرئيس الفلسطيني وبالجهود التي بذلها من أجل التهدئة، اعتبر هولاند أن الأزمة الراهنة «تبين الضرورة الماسة للعودة إلى المفاوضات من أجل سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط» مضيفا أن فرنسا دائمة الاستعداد «لمساعدة» الطرفين لتحقيق هذا الهدف.